البارت السادس عشر ❤️

2K 47 0
                                    

اليوم الثالث بعد سقوط هديل من السلم ودخولها إلى الغيبوبة .
اليوم الثالث لانهيارها الذي لم يتوقف .
منذ أن علمت بما حصل وهي تبكي فقط .
سوى القليل من الأوقات .
تخاف أن تفقدها باكرا مثلما فقدت والدتها .
كانت هديل بالنسبة إليهم ابنة أكثر من أخت .
لذا كانوا جميعهم حزينين من أجلها بالتأكيد .
إلا أنها أكثر من حزن .
ظلت تنتظره استيقاظها طوال اليومين الماضيين .
تأتِ إلى المستشفى منذ الصباح الباكر ، ولا تعود إلا في وقت متأخر من الليل .
تظل جالسة في قاعة انتظار النساء ، تخرج لتناول الطعام إلى مطعم قريب .. أو تتمشى في حديقة المستشفى.
تخاف أن تستيقظ تلك المسكينة ولا تجد أحدا .
حتى حمود لم يبقى طوال الوقت مثلها .
لذا حين أتاها اتصال والدها فور استيقاظها لصلاة الفجر ، صلت وارتدت عباءتها وخرجت راكضة .
بعد أن أيقظت يُمنى وجعلتها تتعجل في الخروج .
وصلوا في غضون ربع ساعة .
بالقرب من الباب كان الجميع موجودا .
والدها وشقيقها وبشرى التي كانت تبكي .
شقيقات حمود ووالدته الكريهة .
منظر بشرى جعل قلبها ينفطر وينشق إلى نصفين .
ركضت ناحيتها وأمسكت بذارعها ، متجاهلة والدها الذي كان يهمس بشيء لبشرى .
واجهتها بقوة / ليش تبكين ؟ هديل بخير ؟
بشرى وهي تشهق وتحاول أن تخفض صوتها قدر الإمكان / كيف بطالع فيها الحين ؟ كيف بحط عيني بعينها بعد ما تعرف انه جنينها اللي انتظرته مات ؟
ادمعت عينا حسناء وتدلت ذراعيها بضعف .
شعرت بالصداع يداهمها بقوة .
لم تفكر بذلك الأمر أبدا .
لم يخطر على بالها ذلك الموضوع على الإطلاق .
والآن حين ذكّرتها بشرى شعرت بقلبها يهبط من صدرها إلى الأرض بقوة .

كانت يُمنى تقف بعيدة عنهم ، تنظر إلى الجميع بعينين غائرتين .
خاصة والدة سلمان التي أعادت إلى ذهنها ذكريات أليمة .
لهفتها لهديل هي من قادتها إلى المستشفى دون أي تفكير .
ولو كانت تعلم أنها ستكون متواجدة هنا لما أتت أبدا .
سقطت عيناها بعيني أسيل .
وظلت الفتاتان تنظران إلى بعضهما بصمت مهيب .
حتى شعرتا بأنهما انفصلتا عن العالم تماما .
صوت خطوات أسيل البطيئة ، كانت عالية بأذني يُمنى .
وكأنه صوت مطارق تطرق على الحديد بقوة .
لم تصل إليها أسيل بعد ، حتى اختفت يُمنى من أمامها بسرعة البرق .
لتقف أسيل في مكانها وتتنهد بضيق .
وكأن الأرض والسماء ينطبقان عليها .
أما يُمنى فلم تهرب من أسيل ، بل من الماضي وذكرياته الأليمة .
التي هاجمتها كجمع من الجنود .
لم تكن تعي ما يحصل أبدا ، وإلا لما تحركت من مكانها بمفردها .
نزلت إلى الأسفل بخطوات سريعة .
حتى خرجت إلى الشارع .
وانعطفت يمينا لتجلس على أحد الكراسي الموجود بجانب المبنى .
تضع يدها على صدرها ، تشهق وتزفر بصوت مسموع وكأنها غير قادرة على التنفس .
وظلت تغمض عيناها وتفتحهما وهي تحاول أن تهدأ .
حتى شعرت بأحد ما يقترب منها ، بل رأت حذاء رجل يقف أمامها بالضبط .
حينها اتسعت عيناها بخوف ورعب ، وابتلعت ريقها بصعوبة .
قبل أن ترفع رأسها ببطء ، وتنصدم أكثر .
ابتلعت ريقها مجددا ، تشعر بأنفاسها تختنق وهي ترى من لم تتوقع رؤيته على الإطلاق .
أغشت عيناها طبقة من الدموع ، وضاق صدرها تماما .
إلا انها لم تتمكن من الجلوس والنظر إليه .
لذا وقفت لتهرب ، غير أنها أمسكت برأسها فجأة .. وشعرت كما لو أن الظلام يحيط بها ويبتلعها بقسوة ، وهي تسمع صوته ينادي بإسمها .
وسقطت على الأرض بقوة .

رواية | وبي شوقٌ إليك أعّل قلبي.Where stories live. Discover now