الفصل 14 : هي بريئة

540 34 5
                                    


قراءة ممتعة و لا تنسوا التصويت


............
في المساء في الفندق
- كيف يجرأ على حبسنا هنا، من يظن نفسه ؟
قالتها نجود بعصبية و غضب جامح ، بينما ظلت مريم منكمشة على نفسها ، و خائفة جدا .
- هل يعقل أنه إكتشف أني ليست روح .
- إهدئي ، لا دليل يثبث أنك ليست روح ، خالد خائف أن أهرب بك ، لذلك حبسنا .
تنفست مريم الصعداء ، بينما ظلت نجود تحوم الغرفة ذهابا و إيابا تفكر في خطوة مناسبة للإنتقام من خالد ، حرب بين قلبها و عقلها و كرامتها ، قلبها يصرخ عشقا بحبه ، فلم تستطع أن تتخيل يوما لا تكون فيه زوجته، عقلها يصرخ بكل الأفكار الشيطانية لتدمير حياته، و كرامتها ممزقة من فعلته و تريد رد إعتبار فقط لا إنتقام ، هي في حرب مع نفسها قبل أن تكون في حرب مع الأخرين .
مرت ساعة ثقيلة ، و الصمت يعم الغرفة فمريم كانت غارقة في كل الأحداث التي حدثت من يوم لقائها بنجود، ليس هذا ما حلمت به حين قدمت إلى هنا ، لكنها الأن لا يمكنها التخلي عن نجود، هذه الأفكار تتكرر في دماغها دائما و ابدا، كم تود العودة إلى الجزائر و التخلص من كل هذه الفوضى ، قطع هذا الصمت هاتف نجود ، حيث وصلتها رسالة من عمر ، أن هشام قد ذهب إلى المطعم و أكيد أن دليل برائتها بين يديه الأن، إبتسمت في رضا الأن،
( الأن سيقبل الأرض التي أمشي عليها من أجل أن أسامحه ، و لن أفعل إلا بعد أذله)
هكذا همست لنفسها في غرور ، لكنها لا تعلم ماذا ينتظرها .
إستعادت نشاطها قليلا بعد هذه الرسالة .
................
ودع أدم والدته و والده بحرارة فهو سوف يغيب عنهم لأيام كثيرة ، غير أن نرمين كانت تحس بشيء غريب ، كانت تحس ان أخاها يكذب ، إنه توامها ، صحيح أنهم لم يكونوا قريبين من بعضهم البعض في الفترة الأخيرة إلا أنها تحس بأقل تغيير به و قد أحست بهذا التغيير لأيام عديدة، لكن بسبب الأحداث لم تستطع التحدث ، رجع أدم لغرفته لإحضار حقيبته ، دخلت وراءه اخته.
- رحلة موفقة
- شكرا، ستتخلصين مني لأيام كثيرة .
- ماذا تقصد ، لن تعود الأسبوع القادم من أجل عيد ميلادنا .
- لا أعتقد هذا ، لكن أريدك أن تحصلي على هذه .
مد يده بلعبة متوسطة الحجم ملغفة بإتقان
- ما هذه ؟
- هديتك ، ربما انا اكبر منك بخمس دقائق فقط ، لكنك ستظلين أختي الصغيرة .
- و هل ستخبر أختك لماذا انت مسافر ؟
- من أجل العمل .
- انت تكذب يا أدم، انا أعلم أنك لست مسافرا للعمل ، أخبرني الحقيقة ، أكذب عليهم كلهم إلا أنا.
أمسك بساعديها و نظر لها بثقة
- تشاركنا لحظة الولادة ، تشاركنا الدراسة و الحياة ، لكن من اجلي لا أريد مشاركة ما سأذهب من أجله، أعدك أن أعود احسن من ذي قبل و الأخ الذي تفتخرين به دائما .
تحجرت الدموع في مقلتيها ، ضمها بقوة
- لن استشهد يا فتاة، مجرد مهمة صغيرة، سأنهيها و أعود فورا.
هزت نرمين رأسها في صمت .
هي تصدقه ، لكنها تخاف عليه أيضا ، فكرت مجددا أن يوسف على الأغلب يعرف ما سبب سفره ، ستسأله عند ما يعود ، أنهى أدم وداعه للعائلة و ركب سيارته مع يوسف فهو من سيوصله .
إنطلقا الإثنان في طريقهما .
في ظل هذا الصمت ، قطعه أدم
-كيف أقنع هشام والدي بالسفر؟
- ذلك الرجل سيقنع الشيطان اذا أراد ؟ قالها يوسف بسخرية
- كم سأبقى و أين؟
- لن تبقى اكيد في مصحة ، سمعة هذه العائلة لن تتحمل أكثر، ستبقى في بيت مع مختصين و أطباء و حراسة مشددة.
- لماذا حراسة مشددة؟
- انت مدمن يا غبي ، عندما سيصرخ جسدك من أجل السم الذي تتعاطاه ستصبح مستعدا لعمل أي شي من أجل الحصول عليه .
- شكرا .
- على ماذا؟ تساءل يوسف و هو يتصنع التركيز على الطريق.
- على كل شيء ، انت و هشام فعلتم الكثير من اجلي
- إسمع يا ولد ، انت أخي، لم أتعامل معك يوما على انك إبن عمي .
- نرمين أحست اني أكذب
- رغم أنها الأصغر إلا أنها أكثر من يحس ، تفقد منظره و نظراته الراجية .
- لا تقلق لن أخبرها بشيء ، لن أخبر اي أحد، لكن عليك أن تلتزم بما يقوله الأطباء و حاول أن تتعافى بسرعة .
- سأحاول ، قالها بإقتضاب فهو يشعر بالإحراج، و العار لما أوصل نفسه إليه .
اوصله يوسف و أوصى الأطباء و الحراسة و عاد إلى القاهرة .
.........
......
........
طرق الباب بعنف ، لترد من بالباب ؟
- إفتحي يا زوجة عمي ، قالها بسخرية بالغة
فتحت الباب و وقفت أمامه
- نعم ماذا تريد انت أيضا ؟
- وضبوا اغراضكم ، سنقوم بنقلكم إلى بيتكم الجديد .
- لا شكرا لا أريد .
- حسنا . لوى شفتيه في سخرية تامة و دفع يدها و دخل، ليستقر نظره على الفتاة القابعة بإحدى الكراسي فالغرفة ، لكن تلك الخصلات تشوش رؤيته ، لم يتبين ملامحها ، جلس بإحدى الكراسي ، لم تستطع رفع رأسها ، هي خائفة بل مرعوبة من هذا الشخص .
- انتي روح؟ ، قالها بصوت رجولي قد هز كيانها ،هزت برأسها دون ترفعه
- إسمع يا هذا اذا قام بإرسالك من أجل نقلنا فهو مخطئ تماما ، انا لن انسى ما فعله بي البارحة .
- إهدي يا إمرأة ، كم تحبين الدراما ، أولا المشكلة التي بينك و بين عمي لا دخل لها بإنتقالكم للبيت الجديد ، تانيا هذا حق روح ، أن تعيش في بيت يتوفر فيه كل شيء ، على الأغلب أنها تعبت من الفندق ، ثالثا و اخيرا ، اذا لاحظت انا قولت انك و هي ستنتقلان إلى هناك و ليس روح فقط مع أنه بإمكاني طردك من البلاد و تركها هنا .
صعقت روح من كلامه لترفع رأسها و تهتف
- لا أرجوك، أتركها
تأمل ملامحها للحظات، جميلة ، و لطيفة ، لكن لماذا عيناها يحملان الكثير
- إهدي يا روح، لن أفعل ذلك بالتأكيد، لكن أريد أن تكونوا في بيت مريح ، ألا تردين الذهاب إلى بيت بابا ، قام بتجهيز بيت جميل لك انت و والدتك .
تحولت ملامحها إلى غضب جامح و صرخت به
- تقول بابا ، ماذا عن بابا الذي قام بتطليق والدتي و إهانتها بعد كل ما عانته من أجله. بابا الذي لم يكلف نفسه عناء القدوم بنفسه لأنه يعلم ما فعله .
- روح ، هذه أمور الكبار، مشاكل والدتك و والدك سيقومان بحلها ، انتي فقط ركزي على نفسك .
- لا أريد الإنتقال إلى ذلك البيت
- أخشى يا إبنة عمي اننا سنقوم بذلك بالطريقة الصعبة .
- سترحلها إلى الجزائر.
همس في نفسه - بل أريد ترحيلها من الدنيا كلها - تماسك قليلا و هدأ أعصابه
- لا أريد ترحيلها ، لكن انتي لا تتركين لي خيارا أخرا، ثم إن ذلك البيت حقك ، و ستكونين سعيدة فيه .
إلتزمت مريم الصمت ، لتنطق نجود
- إذا إنتقلنا إلى هناك سأبقى معاها ؟
-بالتأكيد .
- حسنا ، قالتها بإقتضاب، و جلست خائرة القوة و عادت مريم إلى مكانها ، منكسة الرأس و هي تدعوا الله أن ينقذها من كل هذه الفوضى .
- بعد ساعة سيأتي الحرس من أجل نقلكم.
بقي الصمت سيد الموقف و خرج هشام من تلك الغرفة .
اعاد هشام منظرها مجددا في ذهنه ، كم هي مسكينة .
كم تبدو محتارة و مترددة ، ضائعة و خائفة، هل يحس بالشفقة عليها ، فهي تذكره بما كان عليه حين سافر والداه ثم فقدهما للأبد ، و لأول مرة في حياته يحس ان لإمرأة تأثيرا على نفسه، رفض الحب طيلة حياته لأنه خاف من الفقدان ، خاف أن يفقد من يحبها مثل ما فقد أبويه ، لم يكن ليتحمل خسارة أخرى، أما تلك نجود، المتغطرسة فقد عرف نقطة ضعفها ، و هي روح ، ببساطة لن تتخلى عن إبنتها بالتأكيد ، تمنى للحظة أن تكون فعلا خائنة و يتخلص منها ، لكنها ليست خائنة و قد وجد دليلا على برائتها، يا ترى ماذا ستكون ردة فعل عمه على الدليل ، وصل هشام إلى قصر عائلته و دخل إلى المكتب فهو يعلم بتواجد عمه هناك.
- هل قبلوا الإنتقال ؟
- على رسلك على عمي ، إسألني عن حالي أولا
ليرمي خالد هشام بأخد الملفات و ليتفاداه هشام و هو يضحك
-و هل هذا وقت مزاحك يا ولد ؟
- إهدئ ، نعم لقد وافقوا
- و نجود وافقت ؟
- و هل لديها خيار ، بالمناسبة يا عمي ، زوجتك بريئة
- ماذا تقصد ، الصور مزيفة ؟
- إجلس و سأخبرك ، الصور ليست مزيفة للأسف ، بل هي حقيقة تأكدت من ذلك ، فذهبت إلى ذلك المطعم ، و قد سألت هناك عم اذا رأوا نجود و ذلك الشخص ، اخد العاملين أخبرني انهم فعلا قد قدموا لكن في النهاية نهضت السيدة و خرجت و ذهب وراءها الرجل و حاول محادثتها و لكنها كانت غاضبة و ظلت تصرخ و ذهبت ، سألته عم ما كانت تقوله و هي تصرخه ، قال انها لا يعلم لأنه كان بعيدا نسبيا، لكن توجد كاميرا مراقبة ربما قد رصدت ما حدث ، و بعد إعطائه مبلغا محترما ، اراني الفيديو
- و هذا يوجد في الفيديو ؟
-خد و عاين بنفسك ؟
ناوله الهاتف و جاء في محتوى الفيديو
نجود غاضبة و تصرخ بالرجل
- أرجوك إفهم انا متزوجة ، و هذا غير ممكن؟
- لكن ستتطلقين و سنتزوج يا عزيزتي ، لماذا تحرمينني منك ؟
- إلا أن اتطلق ، لن أقابلك، هذه تسمى خيانة لزوجي .
- زوجك الذي لم يسأل عنك طيلة سنوات عديدة.
لتصرخ به نجود
- يظل زوجي و أب إبنتي إلى آخر لحظة في زوجنا، و لن اقلل من إحترامي لنفسي أو إحترامي له حتى لو كان أسوء رجال الأرض .
لينتهي الفيديو ، ضرب خالد بكف يده على جبهته ،
- أتعلم ذلك الذي يقدم لك الطعام ثم يرميه ثم يقدم له مرة و يبصق به ، ذلك أنا رب العالمين قدم لي فرصة أخرى و بدل التعقل ، خربت كل شيء .
- اصلح كل شيء ببساطة
- كيف أصلحه، إتهمتها في شرفها و طلقتها و الأخير ظهرت انها بريئة.
- انظر يا عمي، لا خبرة لي هذه المواضيع، انا فعلت فقط ما طلب مني و الأن عن إذنك سأعود إلى الشركة من أجل العمل، عمي أرجوك فكر جيدا قبل أي خطوة ، لا نريد مشاكل أخرى
هز خالد رأسه في صمت و غادر هشام، ليتنهد خالد بأسى شديد ، لم يكن هذا ما يريده، غضبه الأعمى هو من تحكم به ، لكن من جهة أخرى سينتقلان إلى بيته ، أي أن فرصته معها يمكن أن تزيد ، و روح يجب عليه تصليح علاقته معاها أيضا، أين كان كل هذا مختبئا له .
........
...........
......... .
مرت ساعتان و ها هما الأن في إحدى الفيلات في إحدى أرقى المجمعات السكنية، ذهلت مريم و هي تتفقد غرفتها، بل الأجدر أن تقول جناحها، كل شيء جميل و راقي مثل ما كانت تشاهد في المسلسلات، ربما الأن قد بدأ الحظ يبتسم لها قليلا ، ربما يتم تعويضها عن كل شيء ، دخلت نجود و هي تتأمل منظر مريم ، تبدو مثل الطفلة الصغيرة و هي تكتشف معالم الجناح ، حمحمت نجود بصوت مرتفع لتلتفت مريم و تسأل ببراءة
- هل هذا الجناح كله لي ؟
- بالتأكيد كله لك .
- إنه رائع يشبه ما كنت أراه في مسلسلات .
- نمط حياتك سيتحسن الأفضل، الفرق في كل هذا هو أن إسمك سيتغير فقط من مريم إلى روح و كلما ساعدتني ، كلما تخلصنا من خالد و عائلته بسرعة
- حسنا ، ما المطلوب مني ، لقد بدأت الإعتياد على أسلوب نجود .
- أريد منك أن تركزي جيدا في كل التفاصيل ، أي شيء يحدثك به خالد تنقلينه حرفيا لي ، و غير ذلك تعاملي بقليل من الغضب اي انك غاضبة مما فعله بي .
- حاضر ، سأفعل .
ضمتها نجود و قالت بكذب
- عزيزتي ، انا أفعل كل شيء من أجل أن نتخلص من هذه الورطة ، اما مريم فقد فقدت تعبت من كل هذا رغم انه يومان فقط إلا أنهما أنهكا أعصابها.
........
.........
..............
في قصر البحيري
- لقد قام بنقل نجود و إبنتها إلى بيته ، كما أنه قد طلب حضور المحامي غدا
- هل سيكتب للفتاة البيت ؟
- لا أعلم يا ماجدة ، لا أعلم، لم اعد أفهم دماغ إبنك .
- عجل بالتخلص منها يا عباس ، قلبي غير مطمئن .
- إذا تخلصت منها و إكتشف خالد ذلك سنكون في ورطة .
- إذن ما الحل ؟ أعصابي لم تعد تتحمل ، اليومان الماضيان لم أرى فيهم خالد سوى دقائق، هذا إبني الوحيد ، سأموت اذا فقدته أيضا.

انتقام الروح (الجزء1)Where stories live. Discover now