الفصل السادس

2.4K 59 3
                                    

#أمر_واقع
#البارت_السادس
**___**___**___&&&
ذهب نور إلى منزل المهندس فخري، حتى يهنئه بعودته من العمرة سالما هو وزوجته.
تنحنح فخري و اشرأب برأسه قليلا ثم طلب من نور أن يخطب بنت أخيه لفترة قصيرة حتى ينتشلها من القيل والقال.
شرد نور في طلب المهندس فخري و الصراع الذي اشتد بداخله ووصل إلى أوجه بين قلبه وعقله، قلبه يطلب منه الانتظار وعدم التقرب من سهيلة حتى لا تدمر مستقبل أي علاقة له مع معشوقته مايا مستقبلا.
لكن كيف ينتظر من وهبت قلبها لغيره، وكيف يقترن بسهيلة وهو يدمى عشقا بأقرب الناس إليها، هل هو نوع التحايل حتى ينعم بالقرب من حبيبته ووجودها في حياته حتى و إن لم تكن له أم هو انتقام من نفسه لهجرها حبه وعدم إحساسها به لكنها لم تهجره هي لم تشعر به يوما.
هل شعرت به يوما وهو يكافح من أجلها لكي يصبح مناسب لها، هل عاشت لحظات تترقبه كما كان يفعل يوميا ليقر عينه بالنظر إليها، كيف ينتقم منها وهي لم تشعر به من الأساس، أم يستمع إلى عقله الذي يطلب منه اختيار من أحبته لأنها ستعطيه ما حرم منه مع مايا، والعشرة بينهم ستنسيه حبه لها الذي كان من طرف واحد.
وفي خضم هذا الصراع تطلع له المهندس فخري في انتظار رده على طلبه في أن يخطب سهيلة لمدة قصيرة.
فتطلع له نور وعلى محياه حيرة وارتباك وهب واقفا وجلس بجواره ونطق بدون أن يشعر بما هو مقبل عليه قائلا له "ولو قولتلك عندي حل أحسن ليا وليك، تقول إيه؟".
تطلع له فخري برجاء "هاقول إيه هو؟، إلحقني بيه".
ابتسم له نور وقد حسم أمره "أنا عايز اتجوز سهيلة، وفي أقرب وقت، أنا من بكره هجهز شقتي ونحدد بعدها ميعاد الزفاف، ده لو وافقت على طلبي ويكون شرف ليا أحط إيدي في إيدك".
ليدرك نور مما قاله أنه يتمنى أن يضع يده بيده فخري ويصبح نسيبه وذلك تعويض عن خسارته لمايا عشقه الأوحد.
رمقه فخري بنظرة غريبة وتنهد بحيرة
"والله يا نور انت فاجأتني، مش هنكر إنك شاب ملتزم وجدع وشهم، بس مش متعلم زي سهيلة، على الأقل معاها دبلوم، صحيح انت راجل كسيب، لكن مش مناسب لبنت أخويا، لكن هقولك إيه انت بعرضك ده بتنقذ سمعتها، وبتنقذني أنا كمان، وعلشان كده أنا هفكر في عرضك النبيل، و هسأل سهيلة ولو في رضا وقبول هيبقى شرف لينا تبقى واحد مننا".
لتدخل عليهم مايا وهي تحمل الشراب لهم وترمق نور بنظرة غامضة، لا تعبر عما يختلج بداخلها لتتلاقى عين نور بعينيها ويتفحصها بتعمق وشغف كأنه لن يراها مرة أخرى.
لكنه لعلمه بما فعله الآن لن يستطيع أن ينظر لها بكل هذا الحب والعشق والتمني وذلك بعد طلبه الارتباط بسهيلة، فسيصبح التودد إليها وعشقه له خيانة لزوجته المستقبلية.
ابتسمت له مايا على مضض، وقدمت له مشروبه وأشاحت بنظرها عنه، وهي ترى نظراته المركزة عليها تخترقها كأنها نار تحرقها، ولا تعلم السبب وقدمت المشروب لأبيها، وخرجت إلى غرفتها لتقابلها سهيلة وتسألها باستعجال ولهفة
"طمنيني، سمعتي قال إيه لعمي، وإلا جاي يبارك ويهني بسلامة الوصول وبس".
ابتسمت لها مايا وغمرتها بحضن قوي وبكت وجسدها ينتفض ويرتعد وقالت لها بصوت ممزوج بنبرة فرحة حزينة
"مبروك يا سهيلة، نور طلب يتجوزك وشكل بابا هيوافق".
حدقت فيها سهيلة بقوة وانهارت مغشيا عليها بين يديها
واستنجدت مايا بأختها لتساعدها على إفاقة سهيلة،
لكن ميار خرجت مسرعة إلى أمها تطلب مساعدتها و وتلتقي بأبيها ونور وهما خارجان من الصالون.
ويسألها أبيها بدهشة
"في إيه يا ميار؟ مالك مسروعه كده ليه؟ حصل إيه؟".
رمقت ميار نور بنظرة غريبة وتطلعت إلى والدها قائلة
"مفيش يا بابا، بس سهيلة مغمى عليها، وجيت أطلب من ماما تجي تساعدني أنا ومايا نفوقها".
ارتبك نور من نظرة ميار له وسألها باستغراب
"هي أغمى عليها من إيه في حاجه ضايقتها؟".
ليرد عليه فخري "اتفضل انت يا نور وزي ما قولتلك هرد عليك بعد ما أفكر وآخد رأي سهيلة الأول، وهابقى أطمنك عليها".
استأذن نور بالانصراف، وخرج ليدخل فخري مسرعا إلى غرفة مايا ليراها تحاول إفاقة سهيلة الغائبة عن الوعي.
وسأل مايا باستغراب وحيرة
"جرالها إيه؟ وأغمى عليها ليه؟ هو في حد زعلها، انطقي يا مايا".
ابتلعت مايا ريقها بصعوبة  طالعت إلى والدها في حياء
"أنا آسفه يا بابا، بس مجرد ما بلغتها إن نور طلبها للجواز قلبها طار من الفرحه، وأغمى عليها".
ضحك فخري بسخرية "أفهم من كده إنها موافقه عليه،
خسارة يا سهيلة، كنت بتمنى ليها راجل متعلم زيها على الأقل، لكن الخيره فيما اختاره الله، ونور ابن حلال وراجل بجد".
وبدأت سهيله تستفيق بعد أن قامت أشجان زوجة عمها بتدليك أنفها بالنشادر، واحتضنتها بأمومة وقالت لها
"معقول يا سهيلة انتي فرحانه إن نور طلبك، ده يا بنتي أسطى عجلاتي، لا من مقامك ولا يليق بيكي، بس مدام انتي موافقه، عمك مش هيقف في طريقك".
احتضنتها سهيلة بفرحة وطأطأت رأسها موافقه على كلامها.
وتأكد فخري من أن سهيلة موافقة على زواجها من نور
ظنًا منه أنها رأت فيه الراجل القادرعلى حمايتها وإنقاذها من طمع وجشع أخيها، ولا يعلم شيء عن أفعالها الطائشة معه.
******
وبعد يومين أرسل فخري إلى نور ليبلغه بموافقته على ارتباطه بابنة أخيه، وتمت قراءة الفاتحة والاتفاق على أن يكون الزفاف في إجازة نصف العام الدراسي بعد شهرين.
وتمر الأيام و ينهك نور نفسه بين دراسته في السنه النهائية، وبين تجهيز عش الزوجية، بعد مباركة أهله لنسبه بالمهندس فخري، وحزن أخته نجوى لخسارته بزواجه من سهيلة لمايا.
وكانت مايا ونعم الأخت لسهيلة في مساعدتها في شراء كل ما يلزمها ومساعدتها في انتقاء أثاث شقتها.
وفي كثير من الأحيان كانت تخرج معاها هي ونور وكانت تتعجب من نظرات نور لها التي لا تخلو من اللوم والعتاب.
وقبيل الزفاف بأيام قليله وصل إنذار من المحكمة لفخري يطالبه بالمثول أمام المحكمة في قضية وصايه لفوزي على أخته.
ارتبك فخري وأرسل في طلب نور ليأخذ رأيه فيما حدث.
حضر نور وطلب منه فخري الجلوس بالصالون للتشاور معه
"اسمع يا نور، انت عارف إن سهيلة لسه قاصر وكلامك لأخوها إنك جوزها أثاره، وخلق جواه روح الانتقام، ولو كسب عليها الوصايه ممكن يجبرك تفسخ الخطوبه و علشان نتجب كل ده لازم يتم كتب الكتاب النهاردة قبل بكره، وقبل نظر القضيه كمان يومين، ولازم تكون جوزها قانونيا على الأقل علشان نقدر نجبر المحكمه ترفض وصاية أخوها عليها؟.
انزعج نور من التعقيدات التي تواجه زواجه من سهيلة، ليرى مايا وهي تدخل إليهم مع أمها للترحيب بنور، ونظر لها بعشق لا متناهي وقال بدون وعي أو إدراك "أنا بحب مايا ومعنديش استعداد أتنازل عنها، ويا ريت نكتب الكتاب دلوقتي، والزفاف يكون بكره، إيه رأيك؟".
ليرى بعيون مايا شبه ابتسامة خجولة مع دهشة واستغراب، ويضحك فخري بسخرية ويحدثه مازحا
"مايا إيه يا نور، بنتي مستحيل تكون ليك في يوم من الأيام، قصدك سهيلة وأنا موافق طبعا، وهبعت مصطفى حالا يجيب المأذون، وأهلك هنا ونكتب الكتاب، وبدل الزفاف ما بعد أسبوع يبقى بكره، وخير البرعاجله".
ارتبك نور وهو هائم في عيون مايا ورأى لمحة حزن سريعة بعينيها لم يستطع تفسيرها، وقلبه يشعر بألم يحرق وجدانه، لحتمية حرمانه منها لأنه سيصبح زوج لابنة عمها وأختها، كم يحب أن تناديه أمامه دائما، ويندب حظه الذي لم يكتب له نصيب مع واحدة مثل مايا، ويسعل بشدة ليداري على غلطته بطلب الزواج من مايا وليس سهيلة، ويبتسم لفخري ويقول له
" يا ريت بسرعة، وأنا بعد كتب الكتاب هنزل أجهز كل حاجه للزفاف بكره يا عمي".
وتعلو الزغاريد في منزل فخري بعد إتمام كتب الكتاب، وحضر مراد كشاهد وعمها كان وكيلها
وبارك ياسين لولده لزواجه وتمنى له السعادة
وكذلك تحيه والدة نور، التي طلبت من سهيلة مراعاة ابنها، ونظرت لمايا بعيون حزينة "عقبالك يا بنتي".
و انحنت عليها قائلة بهمس
"كنت باتمني تكوني لابني، لكن النصيب غلاب".
طالعته  مايا بارتباك، وهربت من أمامها مسرعة لتلحقها نجوى، وتسألها عن سبب انزعاجها وماذا قالت أمها لها، ارتبكت مايا ونظرت لنجوى بتوتر وارتعدت
"أبدا يا حبيبتي، بس كانت بتقولي إنها كانت بتتمناني لنور، المهم طمنيني الحمل عامل معاكي إيه؟ وليه مش بتزوريني زي ما وعدتيني، حتى لو مره كل شهر، أنا مليش أصحاب غيرك".
احتضنتها نجوى وبكت بحزن وألم كبير
"عارفه يا مايا أخويا نور ده غبي، وبكره يندم، بس هنقول إيه؟ المكتوب مفيش منه هروب، ومتقلقيش عليا الحمل كويس، وبقيت في الشهر الرابع، ادعيلي بس اجيب بنت زيك".
غمرتها مايا بحضن قوي، تعبير عن محبتها لنجوى وتمنت لها السلامة، ودخلت لغرفتها وغابت بعض الوقت وعادت لهم، لكن أهل نور كانوا قد انصرفوا، وتبقى نور الذي طلب أن يحدث سهيلة على انفراد، ولأنها أصبحت زوجته، وبالغد زفافهم قبل عمها،
ودخلا الصالون وأغلق الباب خلفه وجلست سهيلة والفرحة تقفز من عينيها، وتظهر على محياها جلية،

رواية ( الخطيئة) للكاتبة سلمي سميرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن