البِداية

5.7K 195 31
                                    


أحيانًا كل مانرغب به هوَ الهروب
الهروب من مكان أو الهروب من علاقات الهروب من ذِكريات الهروب من مَشاعر وما الى ذلك

كُلها تتمحور حول الهروب من الدُنيا ومساوئها الى الوحدة

أحيانًا تُريد أن تهرب من أفكارك إلى الوحدة
تهرب من شخصًا تبغضهُ لتكونَ وحيداً
تهرب من كروب الدنيا للراحة وتجدها في الوحدة

لكن هل شعرتم يومًا برغبَة الهروب من الوحدة ؟

الوحدة التي نراها ملجئ بعد ضَجيج العالم و صخب المشاعِر

هل راودتكم فكرة الهروب للمساوئ كي تتخلصون من الوِحدة؟

هل شعرتم قِط برغبة الهروب من الذات لأنها وحيدة؟
الهروب من النفس أو رغبة الروح بالخُروج من الجسد الهزيل الذي نعيش فيه أو يعيش فينا

هل شعرتم يومًا أن الناحية الاُخرى من العالم لا تنتظركم وأن فكرة الموت ميؤوس مِنها مهما كررنا مُحاولاتِنا للوصول إليها

هل شعرتم يومًا بالوحدة؟
هل شعرتم باليأس من الوحدة

هل فكرتُم يومًا أن من المُمكن أن تكون الوحدة عضو أساسي في الجسد لكنهُ غير مرئي
أو غريزة إنسانية مُصابين بها بلا أن نشعر
لكننا نشعر بها في أوقاتٍ محدده في كل يوم

أنا أشعر..

بأن الوحدة مزروعه فيني وأنها مني

أشعر بالوحدة. ليس فقط في دقائقٍ قليلة من يومي
بل منذ ولادتي، اشعر بكثافة الوحدة

والوحدة المُطرزة بالألم والألم يَليه اليأس واليأس يَليه الرغبة بالموت لكن الموت لا يرغب بي لذا أعود مرة اُخرى واُخرى وإلى الأبد للوحدة
لا مفر لي منها ولا مفر لها مني

أنا مُصاب بالوحدة والوحدة مصابة بي كمرض مُزمن لا عِلاج له

أبغضها وربما هيَ ايضًا تبغضني ولا ترغب بي كما الباقين ولكنها ملزومة عليّ كما انا ملزومًا بنفسي

ربما هيَ ايضًا تحاول الهروب مني كما هَرب مني الآخرين او كمُحاولاتي للهروب منها

ربما هيَ ايضًا لا تريدني كاُمي وأبي وأبناء القرية وبناتها وكل من أقترب مني
كما الحيوانات الأليفه والطيور والصخور والجماد

كل شيئٍ بالعالم لا يرغب بي الا الوحدة الملزومة عليّ

عالِق أنا في زنزانة البؤس
في زنزانة هذه القلعة التي تضيق عليّ وتخنقني مع مرور الأعوام

ربما لأني قبيح؟ أو بسبب قناعي الذي أرتديه منذ طفولتي لاُغطي قبحي

ربما هناك أسبابًا كثيرة أعلمها و أجهلها

ربما لأني ابنًا غير شرعي

ربما لأني ابن قاتل قتل الكثير من اهل القرية لأنه كان يشعر مثلي بالوحدة

رُبما لأني افكر بالإنتقام من كُل من يحاول هجري ويرميني في دوامة المشاعر الكئيبة كما فعل والدي

او رُبما لأني عشت طفولتي وأحاديث والدي عن قُبحي وفشلي وغبائي ومساوئي العديدة التي لاتُحصى تتردد في أذاني

لكن أسيتقبلني يومًا بهذه المساوئ أحد؟
أسيبقى معي يومًا أحد؟
هل سيخرجني يومًا من وحدتي أحد؟
هل سيُداوي جُروحي ويشفي ندوبي أحد؟

هل خلقت الانسان الذي سيحتويني ايضًا ايها الرب؟
اما حان وقت الراحة. لا اُريد ان أطمع بالمزيد، لا اريد السعادة او الآمان او ضحكاتٍ مُتعالية أو هذه الثروه او ايًا من الملذات الدنيويه المُحرمة والمرغوبة

كُل ما أريده هوَ الراحه
الا أستحق القليل منها!

The truth untold || TKWhere stories live. Discover now