16- شِجَارٌ

1.4K 181 55
                                    

في مساء يوم الإعتذار المرجو، تحديدا في شقة حديثة الطراز ،بسيطة الذوق، قليلة الأثاث إلا مما يحتاجه القاطنون فيها، فُتح الباب الرئيسي، ودخل الضوء من الخارج مع شخص ينعكس شيب طفيف في جوانب شعره مع ظله القاتم عند الدخول.

دلف من الباب يتنظر يُمنة ويُسرة قبل أن يشعل الضوء اللامركزي الأبيض فأضاء غرفة الإستقبال الواسعة ذات الأريكة الجلدية رمادية اللون، نظر حوله وكأن المكان ميت، وكأن ساكنوه قد فارقوه منذ أمد.

تحرك بخفة نحو غرفة صاحب المنزل الخالصة ،فَتح باب تلك الغرفة، فوجده يجلس على اطار النافذة الداخلي، وفي يده فنجان قهوة فارقه الهواء الساخن منذ فترة.

اقترب منه، ولكنه لم يلتفت حتى كأن ذهنه قد طاف فى فضاء بعيد، طرق الباب طرقات بسيطة فلم يفرغ من شروده، فهو يحدق ويحدق في اللامكان خارج نافذته.

فخاطبه بصوت حنو أخ كبير أو أب يلوم طفله المتغيب عن دراسته:

" ألن تأتي؟ حتى بعد مرور يومين كاملين أيضا ؟ "

"----------" لا رد من الجهة المقابلة

زفر بهدوء وتقدم يجلس على السرير خلفه وقال بصوت هادئ:
" لقد نثرت الحجج، والأعذار بدأت تنفد مني، تعلم ذلك، صحيح؟ "

"............." لم يرد مرة أخرى

" لقد أعتَذَرَتْ لها سورا، كما أمرت، هل يمكنك على الأقل الالتفات تجاهي؟"

" .............." وكأنه فى عالم آخر لا يرد ليس استهزاء، لكنه عندما يواجه موقف يصعب عليه التعامل معه فهو ينفصل عن الواقع.

" أتعلم! تلك المرة الأولى التي أراك هادئا، فى كل مرة تدخل خلوتك تلك، يصحبك الصخب، ما الذي تغير؟ "

" .............." وضع الكوب أرضا وظل يناظر الخارج بخلو ملامح

" أهو بسببها؟"

استدار له منذرا بنظرات معقدة مع صمت خانق ، أعتبرها يوهان علامة رد بالإيجاب.

" أحقا هي السبب؟ " صاح بها يوهان باتساع أعين وابتسامة دافئة.

فتح فاه للمرة الأولى يرد على يوهان:
ماذا تقصد بقولك هذا؟ من هي ؟وما حدث لتسبب كل تلك الجلبة التي تصدرها؟ "

صاح يوهان بضيق صبر:
" ياإلهي، أنت حقا تود البدء في محادثة مثل تلك؟"

ثم استطرد:
" تعلم ما أعني! نظراتك لها التي لم تحاول إخفاؤها حتى! والملاحقة التي قطعت أنفاسك يوم الشجار! واختفاءك في اليوم التالي منذ الصباح الباكر حتى اليوم! تصرفك كمن أعتزل العالم، أتظن حقا أنني لم ألاحظ؟ لقد كبرت امامي يا رون اعرفك اكثر من نفسك، هل وقعت لها؟ "

《مكتملة》  ENIGMA  غامض انيجما Where stories live. Discover now