17- لا أُرِيدُ أنْ أُؤمن..

1.2K 187 34
                                    


انتهيا من شرب القهوة وكل منهما يتفحص الآخر بصمت، كل منهما يريد إجابات على تساؤلات تتزايد.

بدا على وجه فريدة بعض الإنزعاج، هي لا تفهم سبب إطالة بقاءها هكذا! ولكنها أثرت الانتظار عساها تعلم ما سبب إصراره! قطع هو هذا الصمت متسائلا:
" أتعلمين!! أحب أفلام الأبطال الخارقين، إنهم رائعون حقا"

كان يأمل أن يُحدِثُها أكثر عن أمر اكتشافه لقدرتها، كان يأمل أن يجد شخص مثله لينتمي إليه، سعى أن يضمها لحزبه أو أن يُضم هو لحزبها، فقط اراد الانتماء حتى لا يظل شريدا بلا مأوى حتى نهايته.

ناظرته ثم خفضت عيناها بشجن دفين وقالت:
"اه، أجل، رأيت بعض الأفلام عن الابطال ذوي القدرات الخارقة، لكن أتعلم!! إنّها دائما ما تُركّز فقط على الجوانب المريحة فى قوتهم، لا احاديث عن معاناتهم، لا احاديث عن صعوبة حياتهم اليومية، ولا احاديث بالطبع عن مساوئها في طفولتهم، في اعتقادي لا يجب يعطوا الناس أوهام وردية تغطي على مآسي لا يقدر عليها أحد "

قالت جملتها من دواجل قلبها ومعاناتها دون ان تشعر، وكأنه ضغط زر في مشاعرها كان على وشك الانفجار بالأساس.

ابتلع ريقه في توتر، ونفض غبار التشاؤم عن مغذى كلماتها وحاول الحديث مرة أخرى يحاول جرّها للجانب المتفائل فأردف:

" لا أظنها كذلك! ليست أوهام، بل أعتقد إنهم يعطون الناسما لن يحصلوا عليه بالسبل المتاحة والبسيطة، يعطونهم هدف وأمل ورغبة للإنجاز، حتى وإن كان فقط في الخيال "

رفعت رأسها تجاهه باستنكار وقالت:
" خيال؟! إنها خرافة، حقا كلها خرافات، أن تحصل على الراحة بلا مقابل! هذا لن يحدث! كل شئ له مقابل، نحن لنا في الجنة لتشتهي فتُعطى"

كلامها صحيح، لا يستطيع أن ينكر، فهو دفع الثمن باثنتي عشر سنة مريرة طويلة، ختمها بفضيحة عائلية وألم نفسي لم يلتئم بعد، وذكريات طفولة مشوهة.

صمت قليلا وقد استسلم وقرر أخيرا طرح ورقته الأخيرة فسألها بجدية:
" أتؤمنين بالقدرات الفائقة ؟"

ارتعدت عند سماع ذلك السؤال، أرتجف كيانها في ارتعاب، مرت ثوان بسيطة كعرض حي، لما حدث معها قبل ثمانية عشر عاما في تلك الليلة الشتوية، التي أنهت كل أحلامها كطفلة سعيدة ومستقبلها كفتاة طبيعية سوية.

ابتسمت بانكسار وألم ظاهران وقالت:
" لا أريد أن أؤمن بها " قالتها وأخذت تفرك كفاها معا بقوة لتحاول السيطرة على ارتجافهما.

كان ذلك زر الإنذار له، هي لم انها لا تؤمن بالقدرات الخارقة بل قالت لا أريد أن اؤمن، كان اعلان صريح له انها تتألم من ذكر هذه القدرة، اتخذ قراره المتفهم، عليه تغيير موضوع الحديث، فهي غير مستعدة بل ورافضة لأي إشارة عنه أيضا.

《مكتملة》  ENIGMA  غامض انيجما Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang