2..

40 5 0
                                    


"القناع"

2...

-انتي هتسبيها تلبس الماسك؟
قالت منال بسخط بعدما خرجوا من الغرفة.
نظرت "بوسي" خلفها تتأكد من وجود "نبيلة" بالقناع بعيدة عنهم
-سبيها براحتها قلتلك اول يوم هيبقي فرجة ليها بس
ألقت نظرة سريعة عليها وخاطبت منال:
-وكمان عايزاها تبقى واخدة راحتها عشان تجبلنا شغل حلـــو.
منال بغيرة:
-وانتي أيه اللي مخليكي واثقة فيها كده...!
-يابت انا مربية أجيال وعارفة
تحولت لهجتها لأخري حادة:
-وانتي هتقفي ترغي معايا للصبح روحي شوفي شغلك وعينيك ماتنزلش من عليهــا.

لا لن تقبل أن تبقى حياتها هنا .. لن تقبل أن تصبح مثلهم .. لن تقبل أن تفقد نفسها .. لن ولم ..ولن تخاف أيضاً.

دخلت لغرفتها ويديها على وجهها مرتعشة، ترتعش بقوة خائفه...  بشدة
جلست على الفراش ويديها الاثنين على وجهها تبكي بصمت
وقفت أمام المرآة راقبت نفسها
وجهها لم يظهر خلف القناع سوى شفتيها وجزء من بشرتها الناصعة
تشعر أن القناع يحميها ويخفي وجهها البريئ .. يجبرونها أن تظهر بأسوء شئ وهي ليست ذلك ......
مع سقوط دموعها خلف القناع ظاهراً اسفل وجهها.

في آخر اليوم كانت هي تبتعد كثيراً كان الجو غير لائق جاءت جانبها منال تقرب لها كأس به مشروب
أدارت وجهها للناحية الآخرى دون رد.
منال:
-تعرفي أن أنا كنت زيك كده
نظرت لها "نبيلة" بدهشة
قالت بهدوء:
-أيوة ، فهتتعودي .. متقلقيش
قالت بدون اهتمام فابتسمت "نبيلة" بسخرية وقالت:
-الشخص الضعيف هو اللي بيقبل بسهولة الحاجة اللي تكون سهلة قدامه .. لكن الشخص اللي إيمانه قوي بيظهر رده في المواقف دي .. اوعي تقولي تاني أنك شبهي وانا مستحيل أبقى شبهكم في يوم من الأيام وأوعي تاني مرة تشبهي نفسك بيا لأن الفرق بين السما والارض بينا.
ضحكت "منال":
-فاكرة انك ليكي حرية الإختيار انتي مجبورة فأرضي بقدرك يا ست الشيخة
سكتت "نبيلة" عندما لمع في مخها شئ
ظل نظرها مسحوباً بعيداً يدل على تركيزها وتبحث عن فكرة....
ثبتت نظرها تحاول أن تنجد بحياتها
تشعر أن هي الآن عليها الهروب فوراً
اكون او لا اكون
لم تخشي من العقاب ستحاول لم يبقى لها إلا شئ لتحافظ عليه ويحدث ما يحدث
عندما وجدت منال انسحبت عنها مندمجة مع أحدهم
وغير مركزة معها .
تقدمت بخطوات سريعة
قدم تجر الآخرى
تحاول ألا تسمع شئ من حولها
صوت الأشخاص ووقاحتهم .. بعض المناظر المسيئة
وصلت سريعاً
تقف أمام طاولة جانبيه
كان بها رجل وأمرآه
تمسكت وظهر صوتها المهتز الخائف تلفت انتبهم:
-لو سمحتم
أبتعدت أعينيهم عن بعض مركزين عليها
توترت لم تعرف ماذا ستكون رد فعلهم
فركت يديها بتوتر
منتظرين منها سبب مقاطعتهم شاعرين بملل .. بعدما سكتت أحدهم قال:
-نعم!
أفاقت على صوته منتفضة حاولت تكمل ما ترغب إليه بخوف:
-أنا أنا مخطوفة .. أنا هنا مش بمزاجي .. أنا عايزة امشي من هنا
كانوا مركزين معهم ووجههم لم يبشر بالخير لكنها متمنية راغبة تشعر أنها تستطع إقناعهم:
-ارجوكم ساعدوني ارجوكم هربوني من هنا
قالت ذلك باحثة عن أي شفقة في أعينيهم تجاها ،
تريد أن تقدم تنازل عن كرامتها يكاد يساعدوها
ترغب أن تثير مشاعرهم وهذا الشئ جعلها تبكي وتذرف دموعاً مكملة بقلة حيلة:
-ساعدوني ارجوككم
سكتت حاولت أن تقدم تنازل أخر عن كرامتها وتمسك يد الرجل.. تترجاه أن يوافق يمكن أن يشعر بعذابها ولكن قاطعتها قدوم "منال"
الرجل تكلم بانزعاج لها:
-هي دي مجنونة ولا ايه
فقدت الأمل عندما قال ذلك ساحباً إياها في قاع اليأس وأكملت السيدة التي معه بتذمر ، سريعاً اعتذرت "منال" لهم وهي لم تدرك شئ غارقة في حزنها
حتى شعرت بمنال تسحبها بعيداً
وسحبت معهم نظر أحدهم ....
ينظر لهم من قريب حيث يوضح اهتمامه وأستماعه للحديث من البداية قريباً منهم .

كانت طاولة التي يوجد عليها تضم مجموعة من الأشحاص شخصاً واحداً فقط وصل لمسامعه ما حدث .. بينما الباقي منشغلاً في الحديث مستمتعاً..
الشخص يظهر اختلافه عن الجميع..
دون أن يلتفت أدار نظره ببطئ ..
"منال" أمامها تعنفها وهي غير آبي تنزف دمعاً استطاع أن يراها عندما انزلقت أسفل خدها وشاهد انفراج شفتيها وارتجافهما.

-انا مش قلتلك متقربيش من حد انتي عارفة لو أنا قلت لـ "بوسي" هيحصل فيكي ايــه
وضعت يديها على شفتيها تحاول تتحكم في نفسها
"منال" اشفقت عليها قائلة:
-انا المرة دي بس مش هقولها لكن لو شفتك بتعملي حاجة تانية من ورانا هيبقي يومك ماطلعلهوش نهار انتي فاهمـــة.
وسحبتها من ظهرها مبتعدة عن الانظار.
رفع رأسه قليلاً ليراقبهما حتى ابتعدوا تماماً.
لاحظ شروده أحدهم وقال بفكاهة وأنهى كلامه بغمزة:
-ايه يا فؤ سرحان في مين قولي وانا هظبطك
قالت فتاة أمامهما :
-واضح أن حد لفت انتباهه
وضحكت
قال بأقتصاب:
-مفيش حاجة
أكملوا في السخافة لم يسكتوا مستشعرين بالكوميديا والمتعة من الحديث .. رد عليهم بضيق وبهدوء نوعاً ما:
-كل ده عشان سرحت شوية ، قلت مفيش حاجة
ضحك الشخص الفكاهي:
-تعرفوا ياشباب "فؤاد" اخويا ده عمره ما جه هنا قبل كده وقال ايه مكنش عايز يجي النهاردة .. شكله دلوقتي مش هيطلع من هنا
استشعر بالمزاح عندما أطلقوا الضحكات من الجميع ما عدا أحد كانت ضحكته ضحكة سخرية مقلداً اياهم قال مستشفاً:
-انا لسة عند رأيي حتى انا حاسس اني مش عايز اقعد اطول من كده
=لا خلاص يا فؤ خليك معلش ..
ثم أكمل ناظرا للآخرين:
- هو اخويا الكبير جدي شوية واتعود على الحياة العملية اكتر
-واضـح

تقف بشرود تتابع وتراقب وتشعر بالأشمئزاز ولكن رجعت حالتها الباردة مرة أخرى والجامدة..
تراقب منال تراها مرة هنا ومرة هناك...
الوقت عدى منتصف الليل ومازال يأتى آخرون
يا له من مجتمع مقرف.
رأت أحدهم يخرج من المرحاض ويظهر عليه الإعياء الشديد
حاولت تتجاهل ولكن لم تستطع بسبب وجود شئ بداخلها يحثها على مساعدة الجميـــع
خصوصاً عملها في المشفي .. يجبرها على ذلــك!
تابعته مكانها ..
بينما وضع يديه على رأسه غير متزن
لاحظت سقوط أحدي قدميه سانداً على الأخرى في وضع شبه ساقط
يغمض عينيه  يحاول يستجمع فيها قواه .
وبالفعل لم يمر إلا ثواني حتى يختفى الدوار عنه.
توترت عندما رأته ، وتقدمت دون تفكير تمسك ذراعيه ساندته وساعدته على الوقوف
قالت وهي تستكشف تعبير وجهه :
-انت كويس؟
استطاع أن يقف على قدمه لم يرد
بل لم يعرف من الذي يتكلم معه
كان مازال تحت تأثير الدوران الذي أختفى تدريجياً.
حتى عاد وجهه مسترخي .
فتح عينيه وجدها تمد له يديها بكوب من الماء تقدمه لــه..!
أخذه مرتشفاً إياه ..
ولكن ثبتت نظره عليه
ظل ثابتاً دون أن يرتشف رشفة أخرى.
اسقط يديه الممسكة بالكوب
ثم باليد الأخرى عندما وجدها سترحل حكم على ذراعيها..
ثابتاً اياها مكانها .. دون تفكـــير!..

بينما هي شعرت بالتوتر والارتباك من ثبات نظراته عليها.
استعدت لترحل ولكن وجدت يديه اوقفتها مكانها ممسكاً بذراعيها.
ثبتت مكانها ناظرة لمكان تعلق ذراعيها بيديه التي لم تستطع الحراك منها..!
اختفى تعبه بل و تناساه أيضاً .. مفكراً الآن..!
لكنه استشعر بسرعة خوفها ، قال بنبرة مطمئنة..!
-أنا ممكن أهربك.
أدارت وجهها ببطئ له
مفكره ، لم تعرف أتثق فيه أم لا.....

القناع /ميرنا علي Where stories live. Discover now