8...

41 4 0
                                    

"القناع"

8

في صباح يوم يرسل الكثير من الأشارات التي تكون مفرحة وأخرى سيئه .. لنتابع ما سوف نراه اليوم في حكايتنا من أحداث
نستقبل بطلتنا نزولها من العمارة مردفة تحية الصباح للبواب ثم ذاهبة بسيارة أخرة نحو وجهتها .
كان يتابع ويراقبها موقفاً سيارته بعيدة عن الأنظار جاء بعدما بات ليلته في منزله المقيم على البحر
يتعجب من تصرفاته العفوية
وجوده في اسكندرية المستمر .. تأجيله لكل أعماله لأجلها
يفكر منذ أن عرفها وفعل كل شئ لأجلها دون سبب واضح....
قطع تفكيره صوت الهاتف مجيباً:
-الو
أتاه صوت المتصل "أخيه":
-شوفت مين فينا اللي متأخر اتعلم الالتزام بقى مني يابني.
اجابه:
-لا وشوف الجديد بقى احتمال اتأخر شوية كمان
=كمان ، يابني خارج ساعات عملك اعمل اللي انت عايزه لكن اوعى تقصر في الشغل
ضحك "فؤاد"
-ازاي فاتتني دي
=شوف عشان تعرف أن انا ببهرك
-اه طبعاً ، أقفل ياجزمة انا شوية وجاي
ضحك "حمزة" بتشفي مغلقاً ، بينما الأخر حرك سيارته منصرفاً عن المكان

وصلت منزلها بعدما انتهت من عملها كالعادة تنادى على "أحمد"
انتظرت حتى تستمع اجابته ، ولكن لم يأتي الرد
توقعت أنه يقضى فرائضه مصلياً بعدما علمته الصلاة .. ابتسمت من توقعها وصبرت قليلاً ترتب بعض الأشياء.
عادت لتنادي مرة آخرى ولكن تعجبت هذه المرة عندما لم يرد
رفعت رأسها سريعاً وذهبت إلي غرفته
عقدت حاجبيها من وجود الغرفة فارغة
الحمام طرقت عليه عندما لم يأتي رد فتحته والنتيجة زادتها خوفاً
تحركت مسرعه في أنحاء البيت تبحث عنه برعب
لم تجده ، كان البيت فارغاً غير موجود
مع الأسف مفقود ، دقات قلبها زادت ، تشعر انها ستموت هذه المرة لا محـــــالة.

بعد وقت قصير ولكن مر عليها طويلاً
طرق الباب المنزل
ذهبت مسرعة تفتحه غير آبه بوجهها الباكي المفزع
فتحته واستقبلت الطارق مسرعاً.
حضنت "أحمد" عندما رأته وظل محتضنة أياه بقوة
تشكر ربها وتضمه كثيراً جداً.
-كنت فين يا "أحمد" خضتني عليك.
=انا كنت بلعب تحت مع ابن جارتنا
-انا مش قلتلك متخرجش من غير ماتقولي
احضنته مرة أخرى وجعلته يدلف لغرفته.
بالطبع لم تغفل عن الأخرى التي واقفة أمامها .. انتبهت لها منذ فتحها للباب
لم ترد مقابلتها نهائي وها هي أمامها الآن .
نظرة خلفها لأحمد بخوف وقلق عليه
ثم عادت بنظرها لها عينيها الدامعة وأما الذي امامها المتبرجة تشعر أنها تخبرها بنظراتها أن القادم لم يمر مرور الكرام.

-انا بحب الشخصية العنيدة تعرفي ليه عشان أنا شبهك كده بحب اعمل اللي في دماغي ، قلتيلي مش هشتغل الشغل ده وفعلا هربتي ، برافو عليكي حقيقي أبهرتيني
قالت ذلك ضاحكة
ثم أكملت بارتخاء فيه قوة ترسلها لتصوبها في المكان الصحيح
-بس الحقيقة جه الوقت اللي يمشي فيه كلامي انا ، وهيمشي وهعمل اللي انا عايزاه
سكتت مكملة بعدما ارتشفت رشفة من فنجان القهوة:
-بيتك ظريف ، اديني جيت اتعرف عليكي وندردش شوية مع بعض ، والحقيقة اللي أظرف من بيتك هو الولد الصغير
هنا نظرت لها "نبيلة" بانتباه
-اسمه أحمد ، عنده سبع سنين .. بيروح مدرسة النبلاء الخاصة .. مش كده
فزعت على اسمه على المعلومات التي قالتها شعرت برعب هاتفة:
-مالكيش دعوة بـ أحمد
هنا ابتسمت وطأطأت رأسها باستمتاع شديد ثم رفعتها بتكبر مستدعية الجد:
-في الحقيقة الفترة الأخيرة انا عرفت كل حاجة عنك ، وعن أحمد .. وعرفت أن هو أغلى حاجة عندك .. وهي دي النقطة اللي انا هلعب عليها
استشاطت "نبيلة" الغضب وغلفها الخوف التي لم تستطع تخبئته وظهر بوضوح .. أكملت تضغط بالزر أكثر تلعب في وترها الحساس تدرك أنه الطريق الصواب:
-انا مش هاجي جنبه ، طول مانتي هتسمعي الكلام وهتنفذي اللي هيطلب منك
هنا طأطأت رأسها ليس بيدها حيلة ويديها ارتعشت غير قادرة على الكلام .. تكمل الكلام واعجبها الوضع كثيراً لأن رغبتها تتحقق:
-وطلبي منك هو انك ترجعي الشغل تاني ،
بحدة أكثر:
-بمزاجك
هنا تكلمت "نبيلة"بصوت لم يخفي عليه اثر التوتر الخافت:
-ارجوكي اطلب مني اي حاجة غير ده ، ارجوكي انا مش هقدر اعمل ده
سكتت قليلاً تتحكم في كلامها واستردت ولم تنجح في محاولة كتم خوفها:
-أنتي لية متمسكة بيا كده ارجوكي شوفي حد غيري وهتلاقي ناس مرحبة بالشغل ده .
-لا انتي اللي جاية على مزاجي ، وقلتلك أن اللي انا عايزاه هيحصل ، واتمنى يكون بمزاجك عشان مايكنش غصب عنك
سكتت قليلاً مكملة بضجر:
-أنتي غبية اوي على فكرة .. حد يبقى قدامه الفرصة دي ويرفضها ! .. هتاخدي فلوس مش هتاخديها في أي شغلانة تانية وهتعيشي ملكة وانتي لوحدك لا عندك اخ كبير يتحكم فيكي ولا عيلة وتقدري تعملي ده بكل سهولة
أكملت بسخرية:
-أما بقى هتستخبي ورا قناع العفة والبراءة دي فصدقيني ده مابياكلش عيش
أكملت بحدة:
-شوفي ياماما ايه اللي بيأكل عيش دلوقتي وشوفي مصلحتك ومصلحة الواد اليتيم اللي معاكي ده
كانت اقتربت منها وهي تقول ذلك مستشعرة الحدة والنصيحة في كلامها لتجعلها شخصية أخرى تبث فيها السم في عقلها وتستدرجها لايقاعها في النقمة السوداء محوله اياها لنقمة بيضاء جيدة وترى أي شئ يغريها لفعل ذلك
سكتت ناظرة لها لم تشعر بأنها أثرت بكلامها عليها فقط تفهمت بخوفها على المدعو فقالت لتمشي على ذلك الطريق:
-كل الناس كانوا في الاول كده مجرد بس مادخلوا اول تجربة ، خلاص اندمجوا .. فانتي بس خطي أول تجربة وهتشوفي
كانت تتكلم بثقة عمياء وهي جالسة براحة واضعة قدم على أخرى .
ردت بملل:
-انا كده قلت اللي انا عايزاه ، وانا ميفرقش معايا هتيجي عشان الفلوس ولا هتيجي عشان خوفك على أحمد ولا هتيجي عشان تجربي ، كل اللي فارق معايا انك تيجي بس والمرة دي بمزاجك
اشتدت على أخر كلمة موضحة ثم أكملت باستمتاع:
-وانا قلتلك والموضوع ده مفيهوش هزار يا تيجي برجليكي يا متجيش تعيطي على اللي هيحصل في أبن اخوكي المصوون.. سلام
قالت ذلك وهبت واقفة ثم أخرجت شئ من حقيبتها ورمته على المنضدة قائلة بفتور:
-ده العنوان ، في الكارت ده .. اديكي معاكي العنوان.. كلها يومين وهستناكي ومعاكي رقم التليفون لو حبتي تنبهيني قبل ما تيجي عشان احضرلك المكان اللي هتستقري بيه في القاهرة
أنهت كلمتها مستردة بسخرية:
-سلام ياست الشريفة.

القناع /ميرنا علي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن