ابن الحفياء

20 4 0
                                    

فدخل بارين الى دار بني واحة وهو يتكئ على عصاة وقال: انا هنا يا عم لست بحاجة للذهاب الى اي مكان
فقال ابن الحفياء: يبدو ان ما جاءك ليس بالهين دعني ارى ما اصابك.
فذهب اليه وقال: اين اصبت؟ فامسك يده ووضعها على كتفه، فاستنكر ابن الحفياء فعلته ففحصه فعلم انه لم يعد يملك قلب الضوء فعبس و اندعش و قال: يا فتى ماذا حل بك؟
قال بارين بصوت خفيف: انا اسف.. انا اسف..
قال ابن الحفياء: ما تقول؟ فخرَّ بارين على الارض جاثياً و سقطت عصاته وهو ينظر نحو الارض ويقول بصوت عالي: انا اسف يا عم انا عالة على بني واحة كنت متكبرا وآتي لكم بالمصائب تلوا الاخرى ظننت اني سارفع مجد بني واحة عنان سماء في بضع سنين قادمة لكني عبثت مع احد ذو قوة ومكانة ليس لي به طاقة ولا يقدر عليه احدكم فخسرت قلبي لابقى حياً.
فغضب كبار القوم ووقفوا قياماً واستلوا سيوفهم واقسم احدهم: لا امس ماء حتى اقتل من فعل بك فعلته.
وقال اخر: لا امس امرأة حتى اقاتل من آذاك.
قال بارين: لا تقسموا على شيء فما انا بمخبركم من هو، فلا طاقة لكم به ولا قوة.
فقال احد المقسمين: لاموت وانا اقاتل عن شرف بني واحة احب الي من ان اعيش على هذه المذلة.
فقال بارين: لا خيار بيدك انا لن اخبركم عنه شيء.
فقال ابن الحفياء: اذا ما انت فاعل؟
قال: ساذهب انا وزوجي لمكان بعيد ابتغي فيه الرزق و حياة هادئة فلو علمت فرعان بان احد بناتها مع معاق لقلبت الارض لذلك فلا تخبروا احدا عني فلا احب ان ارى قومي يتلقطون كالبعوض من بني فرعان و غيرهم.
قالت سجى غاضبة: لا لن يمسوك بسوء وانا هنا كيف يمسون منك شعرة وانا من اخترتك بنفسي وما انا براجعة عن اختياري ان اتوك فساعطيك الامان وان لم يرضوا فرأسي قبل رأسك.
قال ابن الحفياء: خير ما قلتي يا ابنت فارس.
قال بارين: انا عقدت العزم على الرحيل ثم اقترب من حمزة وقال: تعال معي يا عم.

    فاتى معه وذهبا الى تحت نخلة قريبة قال بارين وهما يمشيان اليها: لقد كان شعر سيء ما قاله ذلك الاعرابي.

قال حمزة: صدقت انه من اسوء ما سمعت.. وتوقف حمزة فجأة
قال في نفسه: لقد مشّاني كما يرعى الراعي غنمه هو لم يكن موجوداً عندمنا قال ذاك الاعرابي شِعره، فيعني هذا انه من قال اخبره ان يقول ذلك وهو يعرف اني ساستغل ذلك لاخراج عامة الناس، لكن هو خسر قلب ضوئه بلا ريب، مالذي يريده هذا الفتى؟ وايضا بكاؤه كان كذباً، و ما قاله كذب، لكن مالذي يصبو اليه؟

قال بارين: اراك تفكر كثيرا يا عم.
قال حمزة: تبا لك يابن المزارعة ما انت بفاعل؟
سكت بارين ولم يتكلم، فكر حمزة انه يجب ان يعرف ولو شيء بسيطا عن ما ينويه ابن اخيه ورفضت نفسه ترك الموضوع و نسيانه فهكذا تربى و كبر وهذا ما يؤمن به في قرارة نفسه، فاتكأ على الارض و رفع فخذه لصدره و اتكأ مرفقه على ركبته ووضع اصابع يده على رأسه فجلس اليه بارين..

مُبْهَمWhere stories live. Discover now