الفصل الرابع و العشرون

4 1 0
                                    

بعد أن استيقض حسام ذهب هو و عتيق للقاء البقية وتحدثا وهما في الطريق.
قال حسام : هذا حقا مكان ضخم جداً كيف استطاعوا بناء شيء كهذا هنا؟
قال عتيق : قال العجوز ان احد مخلوقات ضباب الهالكين بناه ثم هجره فاتخذوه مكانا لان الوحوش لا تدخل اليه.
قال حسام : اوه صحيح ، من هم الأُناس الذين كانوا هنا قبلنا؟
قال عتيق : اوه حسنا ، هناك العجوز  ، و رجل يسمونه بالمجنون وهو حقا كذلك فهو يخرج من حين الى آخر يقاتل شتى الوحوش ثم يعود ، و رجل يقال له سمير لا يتحدث كثيرا ، وايضا هنالك أَمَة.
قال حسام : فقط هؤلاء؟ ظننتهم اكثر ، من الغريب ان يستطيع عدد قليل البقاء على قيد الحياة حتى في خارج ضباب الهالكين.

مبنى الوحوش المهجور الذي يلبث فيه بارين و البقية كبير جدا بالنسبة للمنازل التي يبنيها العرب ، حيث يتكون من عدد كبير من الغرف و صالة كبيرة في المنتصف ، غالبا ما يقضون وقتهم في الصالة الكبيرة لان الغرف موحشة الى حد ما.
وصل عتيق و حسام الى الصالة الكبيرة واذا بالكل جلوس ، كلٌ في شأنه لا يكلم احد الآخر الا بارين و سجى اذ هم في غرفة لوحدهم.

انزعج عتيق من الاجواء الكئيبة هذه و قال : هيا يا فتية ، ما هذا لماذا انتم كالاموات؟ اعلم ان وضعنا ليس بجيد لكن لا نزال احياء.

التفت نحوه الكل و لم يجيبوا ، ثم قام المجنون من مكانه و ذهب الى عتيق ، وقف بحانبه وضربه على كتفه و قال ضاحكا : احسنت قولا يا صاحبي ، لا اعرف لماذا هؤلاء المعاتيه شبه موتى هكذا الخروج من هذا المكان ممكن ، لانني انا الملقب بالمجنون سأخرج من هنا حيا.
قال حسام في نفسه : ذكر لقبك في هذا السياق لا يساعد بتاتا ، ومن يستطيع التفاؤل بكل هذه الثقة غيره هذين الاحمقين؟ ليس و كانهما يستطيعان فعل شيء.
اقترب حسام للمجنون وقال له : عرفت الآن لما تملك لقبا كهذا ، ولكن دع هذا جانبا لماذا انت متيقن انك تستطيع الخروج؟ هل تعرف طريقة نخرج بها من هنا؟
سكت المجنون ينظر في وجه حسام بوجه مستغرب لعدة ثوان ثم قال : أءنت معتوه؟ لو كنت اعرف لماذا سأكون واقفاً أمامك؟
وضع حسام يديه على وجهه وقال : اللعنة كان من المفروض ان اتوقع رداً كهذا.
قال المجنون : يا رجل اعرف كيف هو شعور ان تكون غبيا ، لكن لا تقلق فأنا قوي جدا ، قد اكون اقوى شخص قابلته في حياتك.
قال حسام بإنفعال : لا اعتقد ذلك ابدا ، هل تعرف حتى من هو ذاك الضخم الذي يجلس هناك؟
قال : اوه ، هل تقصد الاحمق الكبير؟
قال : ذاك الاحمق الكبير هو البطل الاول!  انه قوي بشكل مخيف و هناك شخص آخر الذي في الغرفة يتعافى هو يضاهيه قوة ومع هذا كدنا نموت اكثر من مرة وانت تهذي بانك قوي.
كتَّف المجنون يديه على بعضهما و امال برأسه قليلا وهو يفكر : همم  البطل الاول ، لم اسمع به من قبل ، لكن اذا كان حقا قويا كما تقول فهذا سيكون ممتعا!.

التفت المجنون نحو صخر و ذهب يركض اليه وهو يصرخ قائلا : "يا ايها الاحمق الكبير لماذا لم تقل سابقاً بأنك قوي؟" ثم قفز نحوه بسرعة كبيرة.
ابتعد صخر بسرعة عن المكان الذي قفز اليه ، فاصطدم المجنون على الحائط و حطم مكان الصدمة تماما وتناثر الغبار.
غضب صخر و قال : أيها المجنون! انا لا اريد ان اتعب نفسي معك ، لدينا مشاكل لا حل لها بمافيه الكفاية ، علينا العمل معا للخروج من هنا لا يجب ان نتقاتل فيما بيننا.
خرج المجنون من الغبار راكضاً نحو صخر مستعد للهجوم عليه مرة آخرى وهو يقول : هيا ايها الاحمق الكبير ، الجو كئيب جدا دعنا نحضى ببعض المرح!.
استل المجنون سيفه وققز نحو صخر ، وصخر مستعد لصد ضربته ، و المجنون يحلق اليه بسرعة وهو متحمس بشدة ، وفجأة اصطدمت به حصاة على بطنه بسرعة كبيرة فهَوت به محلقاً حتى اصطدم بالحائط فوق المكان الذي حطمه سابقا ، و تحطم ذلك الآخر.
استوعب المجنون ما حصله له وهو مستلق على الأرض ، ثم تغير تعبير وجهه من صدمة الى ابتسامة و قال : ايها العجوز! اللعنة عليك انت بهذه القوة ولم تخبرني؟!
قال المجنون في نفسه : لو اني لم اركز كل طاقتي على بطني لامتصاص الضرر لاخترقت الحصاة احشائي هذا العجوز كاد يقتلني!.

في الصالة الكبيرة ، كان جالسا في مكانه بنفس وضعيته التي لطالما كان يجلس بها ساعات و ساعات ، لكن الجلوس الطويل متعب لكبار السن امثاله لهذا كان عليه التحرك قليلا.
قال العجوز : يالكما من شابّين ، تتقاتلان في ظروف كهذه؟ حقا تذكرونني بأيام شبابي ، كنت مفعماً بالحيوية مثلكما ، لكن عليكما احترام كبار السن.
كان حسام و عتيق مصدومين من تغير الاحداث السريع هذا.
قال حسام : وانا الذي ظننت ان الامور ستكون طبيعية  حتى البشر هنا غير طبيعيين.
ذهب صخر الى العجوز وقال له : انا اعتذر يا عم لم ارغب في القتال ، وايضت يا عم انا اشكرك حقاً على الترياق الذي تعطينا اياه ، لولاك لما استطعت العيش أدين لك بحياتي.
قال العجوز : بعد ثلاث أيام من السكوت فقط جئت لتقول هذا؟ لا تقلق بهذا الشأن ايها الشاب الصالح فأنا فقط افعل ما يجب علي فعله.
قال صخر : لست بصالح كما تظن يا عم.
سكت العجوز قليلا ثم قال : أتظن أن هذه التجاعيد في وجهي اتت من لا شيء؟ بل تنطوي تحتها سنوات من الخبرة ، لا تستهن بعيون العجزة ايها الشاب الصالح ، انت شاب ذو قلب ابيض و رؤوف ، تحب مساعدة الآخرين ، انا حقا احترم الناس من امثالك و لكنهم قليلون ومن بعمرك اقل بكثير.
قال صخر بتردد : انا لا اعتقد ذلك.
قال حسام بصوت عالٍ : ما يقوله العجوز صحيح! انت يا صخر تفعل ما بوسعك لتوقف الحروب و تنشر السلام ، لا احد يريد أن يموت أحباؤه او يفقد موطنه ، ما تفعله هو الصواب لا يجب أن يسكت عن القتل والمجازر التي تحدث بسبب الحروب الكثيرة في كل مكان ، والتي تحصل بسبب اتفه الاسباب ، يجب أن تتوقف والا لن يعيش احد في سلام ، صخر أن كان هناك اي شخص يستطيع فعل ذلك فهو بالتأكيد انت! انت هو منقذنا نحن نحتاج الى البطل.
ضل صخر ينظر لحسام متأثراً اثناء كلامه ثم ابتسم و قال : اشكرك على كلامك كثيراً لقد اسعدني حقا ،  لكن الطريقة التي استخدمها حالياً لا تنفع إلا اذا كانت الفئتين قليلة  ،ولا تفلح كل مرة هل انا حقا استطيع فعل شيء كإيقاف جميع الحروب؟
قال حسام : انا لا اعرف ، لكن إن كان انت فانا متأكد انك ستجد طريقة.
قال عتيق : يا صخر انت هو بطلنا ، لا تتعب ذهنك بهذه الشكوك فمع كل حرب توقفها تزداد خبرةً و تعرف ما لا يمكن معرفته فقط بالتفكير ، مهما كانت الطريقة غير متقبلة فهناك الكثير من يثقون بقرارك و سيتبعوك بكل تأكيد.
قال صخر : شكرا لكم يا رفاق ، انا بحال افضل بفضلكم ، لاجلكم و ولاجل جميع من يثق بي لا بد لي من المضي قدماً دون تردد مهما كان الطريق مظلما.
قال العجوز في نفسه : هذا الشاب يحمل على ظهره عبءً كبير ، قد يسقط عليه اذا لم يكن حذراً ، لكن لسبب ما انا لا استطيع تخيل ذلك وأؤمن بيه ايماناً كبيراً.

في تلك اللحظة ، صخر بن عمر عقد العزم على المضي قدماً نحو هدفه ، وأن لا يستسلم ابداً مهما حدث ، فقد عرف ان هنالك اشخاص يثقون به ولن يخونوا هذه الثقة مطلقاً.

مُبْهَمDove le storie prendono vita. Scoprilo ora