الفصل الخامس والعشرون

3 1 0
                                    

بدأ المجنون بالتصفيق قائلاً : ياله من كلام مؤثر كدت ابكي ، ما الهدف الذي تصبو اليه اصلا؟

قال صخر : لقد عشت في قرية صغيرة مسالمة لم تكن بها اي حروب ، كان اهل القرية كلهم عائلتي كانت حياتي جميلة و هانئة ، ثم في ليلة واحدة بدون اي مقدمات جاء اناس كثر يحملون الاسلحة و المشاغل ظننتهم قطاع طرق ، وقتلوا اكثر اهل القرية و اسروا الباقين انا كنت من الذين أُسروا ، لم استطع فعل شيء فقط كنت انظر مصدوماً ، لم افهم ما حصل القرية تحترق مع كل ذكرياتي فيها التي اصبحت جثثاً ، بعدها علقوا رؤوس القتلى حول نار اشعلوها وبدأوا يحتفلون لفوزهم السهل لقد كان سهلاً بشكل سخيف ، انا لم استطع فعل شيء سوى الانصياع و طاعة اوامرهم ، كنت قوي البنية فإتخذني زعيمهم عبداً له ، كرهته و كرهت كل ما يتعلق به ، وعشت معه سنين لكن بشكل صادم غير ذلك اليوم لم ارى منه شيء سيء ابداً، لم يكن له ابناء فكان يعاملني كأني ابنه ، نفسي لم تتقبل الامر بتاتاً ومع هذا لم اكن اظهر العداوة كنت مقتنعا انه سيظهر جانبه الذي رأييته ذلك اليوم دون دفعه لذلك لكن مع مرور الوقت وبرؤيته يحسن لي و لأي احد من اتباعه ، مع مرور السنين لم اعد اعرف ماهي مشاعري تجاه الامر ، لقد عاملني كإبنه حقاً ، ففكرت ما سأختار من مشاعري على جوابه لسؤالي اذا سألته عن ذلك اليوم ، فذهبت له لأسأله السؤال الذي لطالما كان يجول في رأسي ، فذهبت اليه واخذته لمعْزل و قلت له مباشرة "لماذا قتلت اهل قريتي؟ كل هذه السنين ولم ارك شخصاً سيءً لم تؤذي احداً لم تتخاصم مع احد لم تسرق مال احد ، اذا لماذا؟ لماذا شخص طيب القلب مثلك قد يفعل ذلك؟" بعد ان صرخت بما قلت بكل جرأة ضل جسمي يرتجف وهو ينظر في عيني ، فأمسك برأسي و جرّه اليه وقال " يا فتى ، انا المسؤول عن هؤلاء القوم ان مات احدهم او حدث له شيء انا الملام ، لم ارد ان افعل ما فعلت لكن لم تكن بيدي اي حيلة" ثم نزل بناظريه الى الأرض و بدأ يبكي وقال "لو كنت مكاني.. لو كنت مكاني ماذا كنت لتفعل؟!" ثم نظر الي ووجهه مليء باليأس والدموع ، ثم بدأ يتأسف وأخبرني بأني حر وأن اخرج من القرية ان اردت ، مشاعري كانت في فوضى لم اعرف ماذا افعل لكني ذهبت دونما احساس مني وجهزت عتادي للخروج وصادف انه هناك قافلة تريد الحيل ، فقبل ان اذهب جاء وحده وهو يحمل بيديه شيءً مغطى بقماش فقال لي "خذ هذا سيف كان في قريتك ، اسمه صاهر العظام هذا ما كان مكتوب عليه ، انا لست بالطيب الذي تظنه يا صخر انا آثم مهما حاولت لم استطع حمل شيء كهذا" ثم رحل كان في قلبي مشاعر كثيرة مختلطة ، لكن لم يخرج من فاهي اي حرف ، ثم ذهبت مع القافلة وكنت افكر طيلة الوقت " لماذا لم اقل شيءً حينها؟ اليس هذا ما اردت معرفته دوماً؟ والى اين سأذهب؟" وبعد مدة وانا امشي مع القافلة ، جاءني احساس اني سأندم اشد الندم ان لم اعد واخبره بما في صدري ، فتركت القافلة و عدت الى القرية وانا اريد اخباره بكل شيء ، لكن فوجئت عند وصولي ، إذ القرية دمرت تماماً ، كان المنظر مثل منظر ذلك اليوم او اسوء لم يبقى فيها احد ، فذهبت انادي عليه وكنت انادي بكُنيته لاني لم اعرف ما اسمه حتى بعد كل هذه السنين ، فذهبت الى بيته وضللت انادي فسمعت صوتاً فذهبت اليه فأجده هناك و اطرافه الأربعة مقطوعة والدماء تنهمر منه كانه نبع ماء، فقال لي وهو على فراش الموت "يا فتى ، مالذي جاء بك الى هنا؟ هذا لا يهم ، اتدري؟ قطعوا رأس صاحبي و وضعوه فوق رماحهم ، ظنوه هو القائد و ذهبوا يحتفلون ، لم استطع حماية رعيتي او الموت كقائد حتى ، هذا هو عقابي" كان سيموت قريبا فأردت ان اخبره بما فيَّ قبل رحيله فقلت "اريد ان اخبرك بشيء ، اسمعني ارجوك" لكن قاطعني و قال "إذاً هذا كان شعورك حينها ، وظننت اني استطيع تعويضك عن شيء كهذا ،يالي من جاهل" قلت له "ارجوك اسمعني انا لا احب ما فعلته بقريتي ، لكن لا اريد ان يحدث لك مثل ما حدث لهم ، لا اريد لأحد ان يحدث له ما حدث لي ، لا اريد ان يقتل الناس بعضهم ، الا نستطيع ان نعيش بسلام؟ الا نستطيح ان نتحدث عوضاً من القتال؟ الا يوجد حل غير القتل؟ لماذا لا يستطيع الناس العيش دون سفك الدماء؟ انا اكره هذا ، لا يتوقف الناس من حولي عن الموت" واثناء كلامي وافته المنية ، لا اعرف ان كان قد سمع اي شيء مما قلته ام لا ، بعد ذلك قررت اني سأوقف القتل الذي لا معنى له قدر استطاعتي ، وعندما كبرت الى ما انا عليه الآن اصبحت هذه قناعتي ولذلك تعهدت على نفسي ان ابذل حياني لإيقاف اكبر جالب للموت ، وهي الحروب.

قال المجنون في نفسه : لماذا فجأة قال لي قصة حياته؟ هل هو الشخصية الرئيسية ام ماذا؟.
قال احدهم : يالها من قصة لقد تأثرت.
فنظروا نحوه وإذ هو بارين.
قال عتيق متفاجئً : ماذا؟ هل تأثرت حقاً؟
قال بارين : لا ، فقط مجاملة.
فرح صخر و قال : بارين لقد تعافيت!.
قال بارين : ليس تماماً ، لكن استطيع الحركة بحرية الآن.
قال العجوز : من الطبيعي ان يأخذ تعافيك وقتاً طويلا ، لانك لا تملك قلب ضوء.
تفاجأ صخر و قال : ماذا؟! هو لا يملك قلب ضوء واستطاع فعل كل هذا؟
قال عتيق : ايها العجوز حتى مع عدم استخدام قلب الضوء يضل استشفاء صاحبه اسرع من غيره؟
قال العجوز : هذا صحيح ، ان الطاقة تسري في داخلك وان لم تستخدمها.
اخرج بارين القلادة و قال : ايها العجوز انت مخطئ ، قلب الضوء خاصتي موجود هنا.
تفاجأ العجوز جداً وقال : ماذااا؟! كيف استطعت اخراج قلب الضوء من داخلك؟
قال بارين : وهناك شيء آخر انت مخطئ بشأنه ايها العجوز .
قال العجوز : ما هو؟
قال بارين : قلب الضوء ليس طاقة ، بل هو ينتج طاقة.
قال حسام متعجباً : ماذا؟ وما الفرق بين الإثنين؟
قال بارين : انظروا الى الزجاجة التي بيدي ، تدخل لها الحرارة ولا تستطيع الخروج الا بكمية ضئيلة جدا ،هذا اسمه الاحتباس الحراري ، لكن مع ان الطاقة التي تدخل اكبر من التي تخرج الا ان طاقة قلب الضوء خاصتي تزداد ضعفاً.
قال العجوز : هذا طبيعي ، يحتاج قلب الضوء الى عناية و حسن استخدام كي صبح اقوى ، بالتأكيد لن تنجح اذا حاولت اختبار الطريق السهل و السريع.
قال بارين : انت لا تفهم ما اعنيه ، انسى ذلك هذا لا يهم ، هل يوجد هناك زجاج هنا؟
قال العجوز : نعم يوجد ، لكن مالذي تريده به؟ ان كنت تريد ان تكمل في هذا الطريق الخاطئ فانا لن ادلك عليه.
قال بارين : لا ، اريد صنع شيء آخر لكن الزجاج الذي معي لا يكفي ، واحتاج ايضا بضعة اشياء اخرى.
قال العجوز : حسنا ، لكن سأشرف على ما تصنع.
قال بارين : افعل ما تريد.

مُبْهَمWo Geschichten leben. Entdecke jetzt