لا تلعبي بالنار [فصل ثالث]

1.1K 59 4
                                    


بعد عودة بلانش بيومين كانت نيشا في طريقها إلى بيت عمتها في ضواحي هوت سبرينغز ، أركنساس وسيارتها الموستانغ الصغيرة مكتظة بالثياب وأدوات الرسم الزيتي وبكل اغراضها الشخصية التي لم تحتمل فراقها .

كانت منشرحة القلب ، ليس بسبب انعتاقها من سيطرة والدها بل نتيجة لوداعه العاطفي لها وحيث كادت تتمنى ان تعدل ..عن رحلتها ....كادت!

الخريف قد بدأ يطبع بصماته الزاهية على تلال أوزارك المشجرة ويرش أوراق الشجر بلوني الذهب والقرمز وسط خضرة الصنوبر الدائمة التي شكلت تناقضا مباشرا مع الأصباغ الخريفية .

كانت تيشا قد زارت بيت عمتها مرتين فقط منذ ان انتقلت اليه بلانش قبل اقل من عام .

الا انها لم تنس تفاصيل الطرق الخلفية المؤدية اليه .

ولدى وصولها مقطع ثلاث طرق ريفية محفوفة بالاشجار ، خففت من سرعة سيارتها الزرقاء ثم توقفت ، وتذكرت التقاطع بوضوح لأن الطريق التي عليها اتباعها للوصول الى بيت عمتها كانت تلتف صعوداً حول الجبل وذات منعطف مباشر يمنع تيشا من رؤية أية سيارات مقبلة .

ولحسن الحظ كان السير خفيفا جدا على هذه الطرق الخلفية ولذا شعرت بلأمان حين عبرت التقاطع وانعطفت بالسيارة صعودا على الطريق الملتوية .

وما ان اكملت الانعطاف حتى فوجئت بسيارة سبور فخمة وأجنبية الصنع تهجم صوبها هادرة ، وهي تأخذ أكثر من حصتها من الطريق .

لم تجد مكانا تلوذ به لتتحاشى السيارة المقبلة لأن حافة التل الى جانبها كانت شديدة الانحدار ، لكن مهارة السائق الآخر في القيادة انقذتها من اصطدام مباشر الا ان الضربة اصابت حاجز سيارتها الامامي حين ارتطم به جانبیا بسيارته .

داست تيشا على الكابح وأوقفت سيارتها وبقيت للحظة مجمدة خلف المقود وهي تحس بالشلل لكونها نجت بأعجوبة ولم تصب بأي ضرر جسماني عدا احساسها بصدمة معنوية .

ثم أرخت بتمهل اصابعها البيضاء المتقلصة حول المقود ، وتملكها غضب جارف من رعونة السائق الذي اوقف سيارته قرب تقاطع الطرق .

نزلت تيشا من سيارتها ثائرة واشعة الشمس تزيد شعرها الناري احمرارا الحنق الملتهب في عينيها الخضراوين .. وحملتها ساقاها الطويلتان في خطوات واسعة على المنحدر البسيط الى حيث السيارة الأخرى وكان الرجل يترجل منها في تلك اللحظة وبفعل عصبيتها المشتعلة تدفقت منها كلمات الغضب فصرخت فيه "ايها الأبله ! ماذا كنت ستفعل بنا من جراء انعطافك بهذه السرعة ؟ كان من الجائز ان نقتل معا ! ألم تكن تدري بأن هناك تقاطع طرق على الجانب الآخر من المنعطف ، ام كنت تظن ان قيادتك لسيارة مزوزقة تعطيك حق المرور وحق احتكارك لحصتي من الطريق ؟ ان الناس أمثالك يجب الا يسمح لهم بتسلم المقود !"

[مكتملة ☑] متيم بكWhere stories live. Discover now