الفصل الثالث و الخمسون

295 11 57
                                    

شمس الظهيرة حامية في ذلك اليوم، والسماء صافية وخالية تمامًا من السحب، وحتى أن الجو حار تمامًا لا يحتمل فيه ارتداء الملابس، فما بالك من يواري عنقه خلف لياقة عالية وإن كان يرتدي نصف كم، ذلك الأمر الذي حير ذات الناب التي تترصده وتراقبه، بينما هو يسير في طريقه هو يشعر بأن شخصًا ما يراقبه، فيتوقف ليحاول كشف مُراقبه، لكنها كانت تتخفى فيتابع سيره وعلى ثغره تلك الابتسامة التي تنم عن معرفته بالقطة التي تراقبه في الخفاء ليخمن أنها واحدة من اثنين أما أحد المتقلصتين أو أخته الصغرى، لكن عقله أخرج أمه المتقلصة من الحساب، فامرأة مثلها يستحيل أن تقوم بمثل تلك التصرفات.. أكمل سيره حتى دلف لسوبر ماركت وأخذ يشتري بعد المنتجات التي يحتاجها.. بينما كانت ماسومي التي تلاحقه تتخفى عند الجزء الجانبي كي تراقبه دون يرها لكنه نظر لهذا الجزء أو بالأحرى أدركت سيرا أن سوبارو بدأ يساوره الشك في أنه مراقب لتمثل بدورها أنها تشتري، فتبدأ بإقتناء بعض المشتريات كالخبز والعلب الغذائية الجاهزة.. فتمثل أنها رأته لأول مرة داخل السوبر ماركت.. فتقول :
- أوه سيد سوبارو انت هنا
كان سوبارو يتناول علبة قهوة سوداء(black coff) ليلتفت لها ويتفحصها لبرهة ويقول:
- أنسه سيرا، ماذا تفعلين هنا
ترفع يدها لتريه المشتريات وتقول له:
- ألا ترى
فيضحك سوبارو وهو يضع يده خلف مؤخرة رأسه وقال:
- ظننتك تراقيبني
- ماذا؟! أراقبك
تضع يدًا في خصرها والأخرى تحركه في الهواء بشكل مسرحي :
- لماذا علي فعل ذلك
لم يجب سوبارو لبرهه كأنه يسبر أغوار من أمامه.. ثم يقول وهو يقهقه:
- يبدو أنني أتوهم.
لتضحك هي بدورها بعدما ازاح عنها ذلك الشعور المربك.. وقالت:
- أرجو لا تمزح معي بهذه الطريقة مرة أخرى
- لكنك غريبة اليوم
- ماذا؟! لماذا؟!
أشار لها قائلًا:
- أراك اكثر لطفًا
كانت سيرا ترتدي فستانا بسيطًا للغاية و نفس الوقت انيقًا، صارت تميل لكثير من الوقت في ارتداء الفساتين بعدما قال لها آمورو أنها تبدو جميلة فيهم.. لتقول :
- ألا يجب على الإنسان إدخال بعض التغييرات في حياته
- نعم هذا صحيح، فالتغيير مهم، لكن اسلوبك ليس عدائيًا
لتلوي فمها وتشيح وجهها كالأطفال.. وتقول :
- ما ظنك بي؟ أتحسبني فتاة لا تتفاهم بالقتال، من يسمعك سيقول عني لا أفعل شيء سوى الشجار، ما هذا؟
ضحك قائلًا:
- أسف أسف، أنت محقة
انتبهت سيرا على عبوة القهوة التي يمسكها سوبارو فتخطفها منه تحت بصره ودهشته.. لتقول:
- تلك العبوة
يشعر سوبارو بالريبه فيقول بصوت حازم يخفي ريبته:
- ما بها
ألتمعت عيناها وهي تنظر لتلك العبوة التي تذكرها بأخيها، ظلت تنظر لها لهينة وقالت:
- تلك العبوة هو مشروب اخي المفضل.. حتى أنا أصبحت أحبها لأنه يحبها فقط
قال وهو يسحب منها العبوة:
- يبدو أنك تحبين أخيك كثيرًا
لاح في مقلتيها دمعة فرفعت رأسها كي لا تنزل ومسحتها بأنملها..ومن ثم أومأت برأسها:
- أي أحبه كثيرًا. اتعرف؟!
- ماذا؟
ابتسمت ماسومي وهي تقول:
- أنا لا أعلم هل أخي يحبني أم لا؟! لكن ما أعرفه أن حدث لي مكروه سوف يحميني ولكن
حل الصمت وشعرت سيرا باختناق الكلمات في حلقها بينما سوبارو كان يراقبها بقلب منفطر يعلم مدى تعلق أخته به وكم تبذل من جهد كي تسلك مسلكه.. تنهدت سيرا ثم زفرت كي تسلك حلقها.. فقالت:
- ولكن هو قد مات، فلا أظن أنه سيأتي لحمايتي
عادت لصمت ثم خفضت رأسها قليلًا لثواني قليلة ثم رفعتها وعلى ثغرها ابتسامة حزن وقالت :
- أخبرني سيد سوبارو هل يمكن للأموات أن يعودوا
ظل سوبارو صامتًا لا يتحدث بحرف واحد فقط ينظر لها ويتركها تفضفض، أدركت سيرا أنها جعلت الأجواء كمدًا وغم فقالت وهي تضحك بسذاجة:
- يا ألهي ما هذا الذي صنعته
فنظر لها سوبارو مندهشًا.. لتقول وهي تعتذر منه:
- أسف سيد سوبارو اقحمتك في مشاكلي
- لا عليك أحب مشاركة الأخرين
- حقًا
- هل يمكن أن أخذ هذه العبوه منك
- ماذا
قالها سوبارو بينما تسحب سيرا عبوة القهوة السوداء من يده.. فقالت:
- هذه آخر علبة لذلك سأخذها فأنا أيضًا أحبها
يدرك سوبارو أنها تكذب عليه فهي لا تحب القهوة المرة بل القهوة المثلجة المحلاة.. فقال:
- يبدو أنك تحبين أخاك للغاية
فتحت العلبه ارتشف منه بعض الرشفات مما جعل وجهها يمتعض:
- أليس هذا واضحًا
ثم اختارت له عبوة أيس كوفي محلى، فمدته له قائلًا:
- أظن هذا سيناسبك، خاصة مع الجو الحار
هو يكره هذا النوع لا يحب سوى القهوة المرة ورغم ذلك أخذها مضطرًا
- أوه الجو حار للغاية
قالتها سيرا وهي تمسح عرق جبينها لتقول :
- غريب سيد سوبارو ألا تشعر بالحر مع تغطية عنقك وأيضًا وجههك لا يتعرق، لماذا
- لدي طبيعة خاصة
اقتربت سيرا منها ورفعت يدها لمستوى عنقه واخذت تقترب منه ببطء:
- وماذا عن عنقك
دفعها بعيدًا عنه وقال وهو يرحل :
- لقد انهيت مشترياتي وسأعود.
لقد رحل تحت بصرها الذي أخذت تشيعه حتى اختفى عن أنظرها..لتبتسم بثقة، بات يزداد شعورها نحو ذلك السوبارو وأنه أخاها الأكبر، لكنها تحتاج دليلًا قطعي الثبوت.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) Where stories live. Discover now