الفصل السادس والثامنون

218 10 23
                                    

مازالن الفتيات بين جدران المكتبه يطالعن الكتب، وظلام غشى سماء طوكيو، كان الليل في أوله وهن يقرأن لأجل بحثهن، استرعت الكتب التي قرأتها ران حفيظة سيرا وأثار شكها نحو ان ران تعلم حقيقة كونان ولكن هل يعلم كودو أن ران تعلم حقيقته، أصدرت معدة سونكو صوتًا تعبيرًا عن الجوع، صوت القرقرة مع رغبة لدخول الحمام لتفرغ مثانتها، فنهضت قائلًا:
- سوف اذهب الحمام ثم ستوجه لأحدى أكشاك الطعام اتناول شيئا ألم تجوعان
لترد ران قائلة:
- بلى لقد جعنا لكن اذهبي للحمام ومن ثم نذهب معًا لنأكل، أليس كذلك سيرا تشان
انتفضت سيرا فقد كانت شاردة الذهن ولم يخرجها من شرودها إلا هز ران لها لتقول :
- بلى
لتضحك عليها سونكو قائلة:
- أجزم أن سيرا شان تفكر في الهدية الذي سيأتي بها السيد آمورو
لتردف بنبرة يشوبها الغضب:
ولماذا أفكر به من الأساس
لتردف سونكو وكأنها تلوك الحروف في فمها وتخرجها ببطء:
- لأنك تحبينه
استعلى صفحة وجهها آمارات الغضب مع أحمرار وجنتيها وهتفت بحنق يخالجه شعور الحياء :
- الأمر ليس كذلك
ضحكت ران فتلك التعابير كانت تعملها هي مع سينشي حين تشعر إنها حشرت في خانة اليك وتلك الشعور في أنك تحب شخص وتقاوم حبك لتقول لها:
- لا تقاومي سيرا تشان
قد ذهبت سونكو للحمام...ليتحول نظر سيرا لران وهي تمعن فيها النظر لم تلقي بالًا بجملتها انما قالت محذرة إيها :
- ران توقفي عما تفعلينه
لوهلة أصابت ران بالدهشة حيال نبرة سيرا و خروجها عن النص ثم أدركت حين نظرت للكتب التي استعرتها والخاصة بعلم العقاقير، فارجعت ظهرها للخلف وعقدت ذراعيها أمام صدرها وقالت بنفس مستوى صوت سيرا :
- أنتي أيضًا تعلمين حقيقة كونان أنه كودو أليس كذلك.
______________________________
جمع الصغار الحطب من الغابة وبعض الفُطر الصالح للأكل واصطادو السمك من حدول الماء، سمك صغير الحجم وقد جمعوا بعض الثمار من الشجر بالطبع استعانو بقردهم كونان إيدجاوا الذي يتسلق الأشجار و من قبل قد نصبوا خميتهم التي سينامون فيها وسط الغابة، تساعد هايبرا و أيومي الدكتور اغاسا في طهو الطعام أن لم يكن هما الأثنتين المسئولتين عن الطهو بينما الاولاد يلعبن كرة القدم فهم من نصبوا الخيام و على بعد قرابة متر هناك خيمة صغيرة منتصبة لم يلقوا لها بالَا فقد شغلتهم كرة القدم عنها... قد جهز الطعام وتجمعوا حوله ليأكلوا بينما اردفت يومي وهي تنظر نحو الخيمة :
- لما لا نعزم على صاحب تلك الخيمة بالمشاركة
ألقى كونان وهايبرا نظره عليها ليقول :
- يبدو انه نائم
فالخيمة لم تكن مضاءة بينما ردفت هايبرا :
- ربما ليس هنا.
توجه كلا من جينتا ومتسيكو متجاهلين حديث أغاسا لهما وألقيا نظرة على الخيمة فكانت فارغة ورجعا لاصدقائهم وأكدو عليهم بأنها حق خالية من أشخاص، بحكم النظر عليها ولحجمها الصغير نسبة لخيمتم فهي فقد استنتج كونان إنها تكفى لفرد او فردين... أنهو طعامهم واظلم الليل وأُنهك الصغار وقد غلبهم النوم بعد يوم طويل، أما هايبرا فقد جفاها النوم فتوجهت نحو جدول الماء وتبعها كونان تاركًا الدكتور الذي ترك الصغار أمانة في عنقه
- لا ينبغي السير وحدك في مثل هذا الوقت فنحن في الغابة وهناك وحوش ضارة
لتهز كتفها وتقول باللامبالاة :
- ليس هناك وحوش سوى نحن البشر عزيزي كودو
ضحك بسخف على كلامها فهي بين الحين والآخر تلقى عليه جمل مأثوره وتشع إحباط.. لتكمل هي :
- إذ رغبت في السير معي فلا مانع لدي
أخذا يسيران حذو النهر الجاري وبين الفينة و الأخرى يطالعها كونان مما جعلها تشك أن هناك خطب على وججها لتحدجة بنظرة سخيفة وهي تشير لوجهها:
- هل هناك شيء على وجههي
ارتبك كونان لوهلة ثم هز رأسه نافيًا، وتابعا السير ثم وعلى حين غرة توقف كونان لتتوقف هي وصمت لثانية ثم نطق قائلًا:
- هايبرا هل حقًا ليس لديك أقارب
قضبت ما بين حاجبيها مستغربة ومستعجبة قوله ودنت منه وضعت كف يدها الصغيرة لتقيس حرارته ثم ألصقت جبينها بجبينه كي تتأكد من درجة حرارته ودعها تفعل ونظرة سخف تطل من عينيه، لم تكن حرارته مرتفعه.. انما كلامه غريب لتقل له:
- ألم أقل لك من قبل ليس لدي سوى أختي ومن ثم قتلت على يد جين
استدار وجه نحو الجدول وتطلع لسماء فكانت اول الليل على صفحة واردف قائلًا:
- نعم أذكر ذلك
ثم اخفض رأسها ونظر لها واكمل :
- هذا يعني أنك لا تعلمين بأن لك أقارب
زمت شفتيها وقوستهما في اشارة بأنها لاتعلم بجانت غربتها نحو كلام كودو وتقدمت كي تكون مجاورة له وصوبت نظرها نحو الاسماك الصغيرة التي تسبح مع التيار وقالت:
- وهل ينبغي لي أن يكون لي أقارب
- ألن تكوني سعيدة أن كان لك
اطلقت ضحكة مريرة من جوفها وأنسل من عينها دمعة حرة وقالت بمرارة تشوبها السخرية:
- ومن ذلك الذي يكون قريبًا لمجرمي، لعالم مجنون امرأة منطوية وانا ليس أقل منهما جرمًا
لينهرها كونان قائلا:
- لكن أنت عرفتي ان والديك ليس مجرمين بل أجبرا على صنع العقار كما أن أمورو سان قص لك عن امك
لتشعر هايبرا بالغضب وتصرخ وهي تلوح بذراعها في الهواء:
-ليس هناك ما يسمى اجبرا على صنع عقار قاتل كان سبب في تقلصك وحرمانك من حبيبتك وايضا سبب تقلصي حتى فشل في قتلي
فصرخ بها كما تصرخ فيه :
- ما بك لماذا لا تنسين الماضي وتمضين قدمًا
تنهدت واكملت الدمع ينساب بغزارة من مقلتيها:
- لأن الماضي جزء مني لا يتجزأ منا.
رفعت كفيها أمام نظريها تلك اليدي التي خطت بهما ساهمت فط تطور العقار وخطت بها كلمة ميت امام لائحة الأسماء وقالت بكلمات مهزوزة بثت الرعب في روح كونان حين قالت:
- كلما فكرت في إتمام العقار والوعده لجسدي اتسأل أيهما سيكون مصيري هل القتل على يد جين ام تقيدي وزجي بالسجن.. أكره الاثنين
تنهد كونان ولجم مشاعره وقال بصوت صارم :
- غبية لن اسمح بأي سوء يمسك
أمسك بكتيفيها وادراها نحوه وهزها قائلًا:
- ألن تعيدني صديقك يا هايبرا
صمتت عن الكلام وكفكفت دموعها وانزوت ابتسامك على زواية ثغرها ليحيط وجهها بين كفيه الصغيرتين ويرفع وجهها يبتسم تلك الابتسامة التي تبعث بداخلها الطمئينة لتهدأ هي ترد ابتسامته بابتسامة.. مضى الوقت وهما مازلان أمام النهر قد الليل كلما مطى الوقت اشتد ظلمته، والدكتور أغاسا قلق لا يقدر على ترك الصغار وحدهم، الذهاب للأثنين اللذان عند النهر، لم يكن النهر بعيدًا عنه فهو على مرمى البصر.. نظرت هايبرا نحو كونان قالت متسألة:
- أذن أنت تعرف أن لي أقارب أليس كذلك
- بلى، لكن من جهة أمك أما والدك الدكتور اتسوشي ميانو فلا أدري.
ثم صمت برهة ولم يدركان أن هناك ظل يستمع لهما في ذلك الوقت حيث كانا منخرطين في الحديث ظني أنهما في مأمن.. وتابع كونان حديثه يسألها:
- هل تعرفين اسم والدتك قبل الزواج
قوست شفتيها مع رفع كتيفها لأعلى وضمهما بقدر المستطاع لجهلها وثم ارختهما وقالت :
- لا أعلم لكن بالتأكيد ليس امرأة مهمة فالبتأكيد عائلتها عادية و أجزم من المنظمة تخلصت منهما وربما تخلصت منهم جميعًا
ثم صمتت برهة وحدجت به قائلة:
- لكن اذكر ان امي ذكرت اسم سيرا
- أليس ذلك الاسم يذكرك بشخص
وضعت ذقنها ما بين أبهامها وسبابتها ورفعت وجهها تحاول التذكر :
- امممممم كل ما اذكره تلك الفتاة الصبيانية ماسومي
ليحدق بها كونان بنظرة جعلها تحرك يدها في الهواء:
- مستحيل ان تكون بيننا صلة قرابة
وعلى حين غرة تذكرت كلام يومي وميتسيكو حين شبهنها بماسومي.. لتشعر بالاحباط حيال ذلك وأخذت تهز رأسها فهي لا رغبة لها بأن تجمعها صلة قرابة بتلك الفتاة الهوجاء بل ترغب بأن تفر منها.. ليردف كونان قائلًا:
- لكني غير متأكد من الأمر
لتشعر بنوع من الراحة وتنهدت ثم قالت مبتسمة وهي تنظر لسماء المظلمة:
- لا يهم أن كان لي أقارب أم لا مدمت أنت موجود وأيضًا ران فانا أعدكما أخوتي كذلك والديك هما والدي والسيد موري اكن له احترام والصغار اصدقائي واخوتي والدكتور أغاسا بمثابه جدي، فلا حاجة لي الأقارب ايضا المزعجة سونكو وسيرا ايضا رغم أنها مستفزة.
فما كان منه إلا ليضربها على مؤخرة رأسها قائلًا:
- غبية سنظل معك دائما
ثم قال بخبث:
- لماذا لم تذكري اسم سوبارو
لتعتريها الخجل ويحمر وجنتيها وتزدرد ريقها وقالت بتلعثم:
- لأنه مختلف عنكما
في تلك اللحظة خرج رجل قوي البنية تعلو أحدى جانبي وجه أثار الحريق، ظللهما بظله ليلتفتا للخلف ويتفاجأ بوجوده، بوجهه الصارم وهو ينحني بقامته عليهما، استدارا بشكل كامل وتوارت هايبرا خلف كونان تقبض على كتفه فما زال رغم عنها تهابه بسبب الحريق ليردف كرودوي متسائلًا :
- ما الذي تفعلانه أنتما الأثنين لوحدكما هنا
ليردف كونان :
- كنا نتمشى ماذا عنك
اعتدل في وقفته واستقام :
- كنت استكشف الغابة وامارس رياضة المشي
ثم مد له يده مرحبًا به وسارا معه حائرين في امر هل حقا كان يتمشى أم سمع حديثهما.. بينما كرودي كان يتسأل في نفسه عنهما وعن تلك الصغيرة ذات الشعر البني وهل هي حقًا ابنة ميانو اتسوشي، او بالأحرى اتسوشي هيوي... بينما هما يسيران سأله كونان :
- سيدي في أي خيمة أنت
- الخيمة الزرقاء
ليتذكر كونان وهايبرا الخيمة التي تبعد متر عن خيمتهما فتقل هايبرا وهي تطالعه بحذر :
- أذن انت صاحب تلك الخيمة
فهز رأسه بنعم

أصوات ضجيج، أحجار المهاجونغ تخبط وترزع على طاولة اللعب، وكوؤس من الكحولات تعم في المكان.
- لقد فوزت عليك
- اااه يومي تان
قهقهت عليه، فهي ماهرة في تلك اللعبة ليقول بنبرة تحدي وهو يعقد ذراعيه أمام صدره:
- ما رأيك أن تلاعبني الشوغي
فرفعت أحدى حاجبيها وقالت بعد أن ارتشفت رشفة من الكأس:
- تعلم أني لا أجيد لعبتك تلك
فانطلق يقول :
- سأعلمك
قد خمر الكحول عقلها وارهقها السهر في صالونات اللعب فنهضت فما كاد تنهض إلا وشعرت بجسدها يترنح لينهض فوره كي يسندها ولم يكن أقوى منها فقد انهكته تلك الكؤوس، فدعما بعضهما البعض وخرجا من الصالون يتخبطان في السير، ليلتفح وجههما هواد بارد منعش، مضيا يجوبان الطرقات على غير هدى ويترنحا ويتخبطا، كانت الشوارع هادئة إلا من بعض المارة القلائل يعدون على أصابع اليد... وبينما هما يسيران إذ بأيومي تجشأ وتوقفت فجأه ليتوقف هو بدوره واستدارت ونظرت في عينيه وقالت بصوت مخمور وعيني ينطلي من بينهما نظرة خاصة :
- تشوكيتشي قول لي أحبك
فعانقها بدل من نطق كلمة احبك أعنقها وشد عناقه حولها وهمس بحرارة :
- يومي تان انا لا أحبك بل متيم بك
فبادلته العناق... وقالت:
- ألان اقول لك أود التعرف على عائلتك تشوكيتشي أود أصير جزءً منها
تراخت وثاقه حولها، لقد باغتته بجملتها فبهت ولُجم لسانه، وأخذ عقله يتسأل ماذا نطقت؟! ماذا تفوه به لسانها؟! ، هل حق قالت بأنها تريد مقابلة عائلته؟! ضحك ضحكة يأس قصيرة للغاية في الماضي كان هو من يرغب ان يعرفها عن عائلته أما آلان فهي من تريد، وآلان لا يدري ماذا عساه ان يفعل، كيف يعرفها عن أمه التي تقلصت وصارت ابنة عشر عامًا أو يزيد، لا مشكلة في أمر أخيه، لكن المشكلة تكمن في أمه، كيف يقنعها أن تلك الفتاة هي أم لثلاثة أبناء ولكنها أجبرت على تناول عقار من صنع أختها الصغرى وابنتها التي بدورها تقلصت بفعل العقار، كيف يخبرها وكيف لعقل يصدق مثل تلك الترهات... أحست بتراخي عنقه وطال صمته فأجفلت وابتعدت عنه تتفرسه وتمعن النظر فيه فوجدته ساكنًا لا يتحرك كالصنم، فأحست بأن كلامها به خطب جلل هل قالت شيئا ممنوعًا، ألم يكن يريد أن يُعرفها على عائلته، تسلل لنفسها هاجس أليم بأنه يتسلى بها، بمجرد أن لاح لها هذا الهاجس شعرت بمرارة في حلقها، فطأطأت الراس لترتسم بسمة يأس بسمة بدل من تقوس فمها لينم عن حزن و وجع غار صدرها، لم يخيل لها يومًا أنه يتلاعب بها.. تجمدت الكلمات وترقرق الدمع في مقلتيها،فتدارك ما فعله بها، فألمه ما رأه وسحب نفسًا عميقًا ليرتب تفكيره، لا يريد منها أن تبعد أو تظن به الظنون، ابتلع لعابه ونطق بالكذب قائلًا:
- يومي تان
نظرت له وحاول هو يرسم البسمة على وجهه وقد فلح فقال:
- لك ذلك
دهشت واتسعت ابتسامتها في ذهول وتبدل ملامحها من حال لحال وقالت بعدم صدق:
- حقًا ما تقول تشوكيتشي. هذا يعني أنك تحبني
امسك بمؤخرة رأسها وقربها إليه ولثم جبينها وطبع عليه قبله، امعن النظر في عينيها اللمعتان وقال بصوت متهدج:
- تعملين أنني متيم بك.. لكن أصبري قليلًا إلى أن تعود أمي من سفرها
فؤمأت برأسها وهي متطمئنة البال ومرتاحة الخاطر.

آكاي وهيبارة ( أصحي يا ريكا) Where stories live. Discover now