المقدمه

9.7K 346 37
                                    


توقف بالسيارة اخيرا بعد سفر طويل علي طرقات وعره ماراً بصحراء سيناءالشاسعه الي ان وصل الي هنا،، الى هذه الباديه التي تقع وسط محيط من  الرمال الذهبيه التي تشبعت بحرارة الشمس حتي بدأ الوهج يخرج من جوفها ..

ترجل من السيارة ثم امر من فيها بالنزول قائلا : يلا ياعايده انزلي ونزلي آدم..

فتحت السيده باب السياره وترجلت هي والصغير ذات الست سنوات،
وما أن وضعوا ارجلهم علي الارض حتي أخذت السيدة  تتلفت حولها بقلق، وقد دب الرعب في قلبها لما تراه،، فهي لاترى سوى صحراء يتخللها بعض أشجار النخيل وبضع خيمات متراصه، وبئر،
واشياء بدائية لا يوجد بها اياً من مظاهر التمدن او حتي بناءً واحدا،، فاردفت بصوت خائف :
محمود ايه المكان دا؟  هو معقول فيه حد ينفع يعيش هنا؟
لا لا يامحمود لا انا مش موافقه، يلا بينا نرجع،، احنا نسافر بره ونسيب البلد هنا خالص، ولا ان اللي قلتهولي دا يحصل ابدا..
هدر بها محمود بصوت عالي :
عايده احنا بنتكلم فأيه بقالنا شهر واتفقنا علي ايه؟ خلاص ياعايده انتهي وقت النقاش والقبول او الرفض،، ودلوقتي يلا اتفضلي قدامي..

نظرت عايده حولها مرة اخري، ثم نظرت الي صغيرها في شفقة بالغة وحدثت نفسها قائلة :
لله الامر من قبل ومن بعد،، منهم لله،، منهم لله.
قالتها ثم تقدمت ممسكة بيد الطفل الذي كان يطالع المنطقة من حوله مبتسما، فهذه التضاريس جديدة عليه كلياً،، فها هو يرى الرمال التي كان يراها فقط على تلفازه في افلام الكارتون،، والتي تختلف كثيرا عن رمال شواطئ البحار التي كان يراها حين يسافر مع ابويه للمصيف..

استمرا في التقدم ببطئ وصعوبه بسبب الرمال.. الي ان وصلا خيمة كبيره تليها مجموعة خيام اصغر منها، متوزعة على جوانبها بعشوائية، وعلي مسافات من بعضهم البعض..
ويال العجب الذي اخذ آدم!
فها هم اطفال يلعبون، ويلحق احدهم الاخر حول اشجار النخيل!
وهاهى جمال كثيرة منها الواقف ومنها النائم ومنها الساكن ومنها من يأكل!!

وهمس وهو يشد على يد امه ينبهها لشيئ ما :
مامي هوورس،، لتنظر امه في اتجاه اصبعه الصغير، فتجد خيولا مصطفة بجوار بعضها البعض تأكل .. واغنام وماعز كبيرة وصغيرة متفرقة في انحاء المكان،، وكلاب تجري خلف الاغنام المبتعده فتعيدها وتمنعها من الابتعاد اكثر..

ونساء تجلس امام قدوراً سوداء وضِعت فوق بناء حجري صغير يسمي موقد، وتحتها قطع من الخشب لتطهوا الطعام،، واخريات يتقدمن من بعيد  من ناحية البئر حاملين جراراً من الماء فوق رؤوسهم..
فسحب آدم يده من يد امه وصفق وهو يرى هذا الكم الهائل من الحيوانات، والتي جعلته يعتقد انه في حديقة للحيوانات او في مكان جديد للنزهه مثلما يأخذه والده دائما للتنزه ويريه الاشياء الغريبه والجميله..

وقف محمود في مكانه وهو يري رجلا بدويا يتقدم منه سريعا وهو يستقبله بترحاب شديد وهو يهتف :سلامة الأسفار،، سلامة الاسفار.. ثم صافح محمود بعدها والذي رد عليه قائلاً :
تسلم يالغالي،، الله يسلمك من النار،، وش احوالك قصير؟

رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسفWo Geschichten leben. Entdecke jetzt