٣١

1.8K 139 7
                                    

رواية عقاب إبن البادية الفصل الواحد والثلاثون.
تقدم آدم من والديه قبلهما وجلس بجانبهم، مرر عيونه على الجميع وإبتسامة جانبية لاحت على وجهه لتلك النظرات التي يرمقونه بها.. يعرف ذلك الخليط جيداً.. كره علي غيرة على حقد.. ولكن.. هناك نظرات إعجاب من بينهم.. عيون تتمنى وتشتهي وهذه النظرات هو خبير بها ولطالما رأها في عيون فتيات القبيلة.. فهتف في قرارة نفسه:
-وليش لا والله يامراحبا بابواب جديده تنفتح وتعطى فرص اكبر.
وجه حديثه لوالده قائلاً:
-ها يابوي تريد تيجي معاي عالشركة اليوم ولا مازال ماتقدر؟ بس وجودك بأول يوم لإبنك بالشغل ضروري لتفهما كيف تصير الأمور فيها وكيف التعامل.
ضحك ياسين ضحكة عالية لم يستطع كتمانها وهو يتخيل ردة فعل آدم وهو يدلف لشركته التى يظن أنها لازالت قائمة ويجدها خاوية من كل شيئ، وبعد أن تأنق ليراه الموظفون سيذهب لمبنى مهجور لن يسمع فيه إلا صدى صوته.
نظر آدم إليه وتجاهلة ثم نظر لأبيه واكمل..
- ها ايش قولت يالغالي؟
تحدث محمود مع آدم وإفترض أنه لا يعلم الى ماذا آلت الأمور فقال بحسرة:
-شركة إيه بس يابني اللي هنروحها، هي فين الشركة دي، الشركة والمصنع والمخازن بقوا هجاج، بقوا خرايب مفهمش حد ولا فيهم حاجه.

ليأتيه رد آدم الذي صدم الجميع:
-ومين جاب سيرة شركتك القديمة؟
انا نقصد شركة عمي، الشركة اللي انبنت على انقاض شركتنا وحيطانها قامت من هدد حياطينا.. احنا رايحين لشركة"كارمديا" للأستيراد والتصدير.
توسعت أعين الجميع وهتف له ياسين ساخراً:
-إيه ياوسيم الصحراء الظاهر إن عقلك لسع من كتر الشمس اللي بتقور فيه ليل نهار.. شركة ايه ياحبيبي اللي عايز تروحها دي، هي وكالة من غير بواب ولا فاكرها سايبه؟
-اي سايبه ومالها رداد متلك انت وبوك.. واذا الشغل بشركات الغير سيابه ليش كان بوك يشتغل بشركة بوي، ليش كان ممسكه كل شي وحاطه فوق روس الخلايق؟.. اسمعني زين يا إبن فريال.. هادا وقت سداد الديون وإسترداد الحقوق، وكل اللي خد شي يرجعو لصحابه
ياسين:
- والله اللي ليه حاجة يشاور عليها وياخدها بالقانون.
- لا ياغالي.. ابن عمك اللي اتاخد منه بالذراع ما يرجع إلا بالذراع، مع اني بالقانون نقدر انوديك ورا عين الشمس إنت وبوك وخوك.. بس لا انا مانريد حدا يرجعلي حقي، العقاب مو ضعيف ولا قاصر.. وتوا انا معدي للشركة وراح نقعد خلف المكتب اللي يعجبني، واللي يفتح فمه منكم راح اصكره له بطريقتي، بمكالمة تليفونية بنفيه ورا عين الشمس ومايبقى منه غير ذكراه.
نظر ياسين لأبيه وتبادلا نظرات القلق مع فريال، فبعد الذي رأوه في قسم الشرطة هو قادر على تنفيذ تهديده، ومن سيقف أمامه هو خاسر لا محاله.
فصمتوا جميعاً، وكان هذا الدرس الذي قصدة آدم من وراء لعبة الأسلحة أمام ياسين والبقية، وهو أن يعرف الجميع لأي مرحلة قد وصلت سطوة آدم، وإن هدد فهو قادر.

ونهض آدم وغادر وهو يعرف وجهته جيداً، دلف مقر الشركة بخطوات واثقة تخبر الجميع بأن له شأن كبير في الشركة حتي دون ان يعرف احد هويته، قرأ اللافتات المعلقة على أبواب المكاتب وتوقف عند لافتة مكتب المدير العام، أمسك مقبض الباب وأداره ودخل المكتب ووقف يتأمل الكرسي وإسم عمه يحيي المكتوب بماء الذهب علي لوحة فوق المكتب وهمس لنفسه بأن هذا المكتب بكل ماوراءه من سلطة من حق أبيه، هو إحدى مسروقات عمه التي سطى عليها، والآن عليه إستردادها.. تحرك نحو المكتب وامسك اللوحة وألقى بها بعيداً وجلس على المكتب، وما هي إلا ثوانِ ودلفت سكرتيرة حسناء للمكتب بإندفاع وصاحت به بغضب:
-حضرتك مين ودخلت المكتب هنا ازاي، إتفضل لو سمحت أخرج بره دا مكتب المدير ودخولك ليه هيعرضني لمشاكل.
رد عليها آدم وهو يتفحصها:
- وين كنتى وقت دخلت المكتب؟
-كنت في الWC حضرتك.
- انتِ مهمله بعملك وصار لازم تنفصلين، وتوا تفضلي بره وأنتظري مديرك القديم وقت يجي وقوليله مدير الشركة الجديد فصلني، وبالمرة قوليله يشوفله مكتب تاني غير هادا وتوا  إنقشعي من قدامي وابعتيلي المدير التنفيذي للشركة والمهندس المسؤول عن  المصنع ومدير الحسابات، ولا انقولك خبري الجميع ان فيه إجتماع طارئ من مدير الشركة الجديد لكل مسئولي الشركة وخليهم يتجمعو بقاعة الإجتماعات.. وهي آخر مهمه إلك بالشركة، نفذيها لجل تاخذين مكافئة نهاية الخدمة.

رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسفWhere stories live. Discover now