الفصل الثاني

4.1K 224 28
                                    

رواية عقاب ابن الباديه الفصل الثاني بقلم ريناد يوسف

نظر الشيخ منصور الى قُصير بسخط وقبل أن يتوالى عليه بالشتائم والمسبات أردف قصير مدافعاً عن نفسه:
-هدي ياشيخ ..قصير ماأول مره يحوي
منصور:
بس مابديت حوي بالصل الأسود ابداً ياقصير وانا وانت نعرف مليح ان الصل الأسود قتال، شوف الوليد كيف حنكه يفور منه السم وجسمه يرجف رجف؟ ولولا فاهم علك كان قلت انك قاصد تنهي هالوليد.
قصير:
اتطامن ياشيخ ولا وردت حدا للموت، اللي فهمته منك تريد هالولد حاجه غير، وتريد يصير عليه اللي ماصار على والي قبله
ونا قلتلك سيبه لي وكون هاني ياشيخنا
حالته هاي لاجل أول نوبه جسمه يتعرض لنوع سم ولازم يتعب،
هون عليك انا قننت نصاب السم قبل لا (خليه يلدغه ،روق انت واتركه لي وانا حماله  لو صارله شي.
منصور:
-لو صار شي للوليد
الله في سماه ياقصير نصلبك
على نخلة ونطعميك للغرابيب
قُصير:
لا تخاف قلتلك عندي.

أنهى منصور حديثه ونظر إلي الصبي بتمعن ولم يستطع من هيئته وحالته أن يُطمئن قلبه، فخرج من الخيمة واخذ يزرع رمال الصحراء ذهاباً وأياباً وهو يحدث نفسه ويتسائل..

تُري ماذا سيفعل إن حدث للصبي مكروهاً وماذا سيخبر أباه الذي إئتمنه عليه وبأي وجه سيواجهه بأن ضيع أمانته وهو الذى لم يؤتمن يوماً إلا وصان الأمانات وأوفى بالعهود؟

ساعات مرت كان يدلف إلى الخيمة بين الفينة والفينة ينظر للصبى ويجس نبضه ويتلمس جبهته ليقيس حرارة جسده، فيخرج مهرولاً وقد أكل القلق والخوف قلبه أكثر من ذي قبل، ولم يتوقف عن سب قُصير بأبشع المسبات.
إلى أن حل المساء وبدأ الظلام فى إكتساح الصحراء ليغطى على لونها الأصفر بعتمته.
لم يجلس فيهم منصور إلا لدقائق ليستريح ثم ينهض كمن لدغته عقرب ويذهب للصبي ينظر إليه من بعيد ويفر هارباً.

أما قُصير فلم يفارقه رفة عين؛ جلس تحت اقدامه النهار بأكمله ينقط له في فمه ترياق،
ويرغمه على إبتلاعه ومن ثم يأخذ خرقة من خيش منقعة بالماء ويضعها على قدميه، وأخرى على جبهته،
وطوال هذة المدة لم يتذوق احد من رجال البادية كسرة من خبز،
وهم يرون حالة شيخهم، وعم القلق والخوف علي كامل البادية،
حتى ان الاطفال اخذوا نفس الموقف، وجلس الجميع خارج خيمة آدم ينصتون لأي صوت منه يدل على أنه عاد من صراعه مع الموت للحياة مرة أخرى،
أو حتى يتفوه قُصير بخبر عن أنه بدأ فى التحسن.

أما قُصير فبدأ هسيس من الخوف يتسرب إلى قلبه،
فقد إستغرق الصبي وقت أكثر من اللازم،
وبدأ يتسائل هل بالفعل أخطأ حين بدأ معه بنوع السم هذا؟ أم هل ذادت منه الجرعة حتى بعد ان تلقى اغلبها في جسده أولا؟
وماذا سيفعل إن كان هذا خطأه الأول والأكبر والأعظم الذي سيمحي كل أفعاله الصالحة مع عمه وشيخ قبيلته ويحل هو مكانها؟

ضم يديه وأسند جبهته عليهم وأخذ يدعوا الله ألا يحدث هذا، وأن ينعم عليه الله بتوفيق آخر كما يحدث طوال الوقت، وألا تكن هذه نكبته الأولى.
فإنفرجت ملامحه وتهللت أساريره على الفور، وهو يرفع رأسه على أنة من الغلام ردت إليه هو الروح من قبله، واردف ضاحكاً:
- الحمد لله يااارب.. جمدت الدم بعروقي ياولد. والله نظير الخوف هاد لأعلمك شغلك.
ثم نهض مسرعاً وازاح ستار الخيمة لينظر إلي الشيخ منصور ويردف بذهوا الإنتصار:
- قلتلك ماتخاف ياشيخ، الوليد بخير وتوه تحدت.
أسرع منصور الي الخيمة مهرولاً وهو يحمد الله، وجلس بجانب الصبي الذي كان يتلفت حوله بعيون يكسوها اللون الاحمر، وأردف بتعب:

رواية عقاب ابن الباديه بقلم ريناد يوسفWhere stories live. Discover now