Part 28 : الصفحة الأولى: تَنبيه

4K 322 87
                                    

«محتوى الكتاب لا يُعمَم، لكل شخص منظوره الخاص..
البعض يراها فراشات فيُقبِّل،
والبعض الآخر يأخذ أدوية قرحة المعدة ».

__________________________________

"شمال إسبانيا - لاريوخا"

كان إيستيبان يقول دائما لأفراد عائلة غوستافيو القاطنين في مدريد عند إشتداد المصائب وإن كثرت المحن عليهم «إذا أردت أن تفتح صفحة جديدة عُد إلى لاريوخا».

بالنسبة له لم تكن لاريوخا مقاطعة حيث إنحدر منها نسل غوستافيو فحسب، كانت منطقة راحة ومكان حيث يسترجع كل شخص الجزء المفقود منه..

كانت تشبه لذة البدايات.. كأول زجاجة نبيذ تفتح بعد سنوات من التخزين، تشبه دفء الكرسي الخشبي المريح في الحديقة.. ذلك الوحيد في طاولة حديدية باردة منتصف الشتاء، كغرفة ذات ورق جدران بورود صغيرة زاهية تلك التي يتسابق أفراد العائلة للنوم داخلها في تجمعات العُطل ونهايات الأسبوع.

كانت بمثابة معالج نفسي.. ستستلقي تحت أشجار الزيتون، بجانب ظلال الكروم أين الطقس صيفي منعش مناسب للبوح بالكثير، تطرح جسدك أرضا وتتحدث مطولا عن مشاكلك دون خوف من أن يلقي أحدهم الأحكام عليك.

في لاريوخا هنا حيث هطلت الأمطار البارحة.. تبللت التربة وإنتشرت رائحة الأرض الندية في حديقته المزينة بأضواء وألوان عيد الميلاد..

والذي كان قد مر بالفعل لكن العام الجديد هذه الليلة سيعلن تغير آخر رقم له..

هنا حيث البدايات الجديدة والصفحات البيضاء، بداية عام وبداية فجر العائلة الجديد، لأن الآن بينما كانت الجدة إلفيرا تقف بصحن عند البوابة رفقة الحارس تعطيه بعضا من كعك العيد الذي صنعته زوجته الطاهية العاملة عندهم هي الأخرى، مرت كرة حمراء صغيرة أسفل أقدامهم تدحرجت للطرف الآخر ليتدحرج معها خافيير الذي كان يتسابق مع أحد أبناء العائلة المجاورة لغوستافيو..

بلباسه الشتوي وأنفاسه الضبابية المتذبذبة كان يقهقه على سقوط صديقه بدل مساعدته، ربما إلفيرا كانت على حق في قولها أن روح آرون قد إنتقلت إليه وأن حفيدها الميت - على حد علمها هي - يعيش حياته القادمة في جسد خافيير ابن جوانا.. لأن لا سبب آخر يفسر أفعاله المطابقة لشخصية الآخر التي ظهرت فجأة من العدم.

كالآن مثلا وهو يعض على شفته بإبتسامة ماكرة ويتسلل خلسة بنظرات شر طفولية يدفن الكرة التي سقطت وعلقت في الطين تحت شجرة الزيتون في الزاوية متظاهرا أنه منهمك في البحث عنها هو الآخر مع صديقه..

Protagonist | بطل الروايةWhere stories live. Discover now