الفصل العاشر

2.4K 164 4
                                    

بعدما خرج أحمد من المشفي شعر بالسعادة البالغة تعتلي كل جزء في قلبه .. روحه .. و جسده .. لم يكف عن الأبتسام و هو في طريقه إلي منزله .. كان يود لو أن الوقت .. العالم .. الكون يتوقف عند تلك اللحظة .. تمجيداً .. تعظيماً لها فهو لم يشعر بتلك السعادة البالغة من قبل .. لم يشعر بها مع عائلته .. أصدقائه .. ياسمين ..
تخيل و لو للحظات أنه معها .. إلي الأبد .. رآها و هي مُرتدية ذلك الرداء الأبيض الذي يزيد من جمالها الطاغي بطبعه .. تخيلها و هي ترقص معه .. معه هو فقط .. تخيل أنها معه هو فقط .. لا أحد يستطيع أخذه منها إلا الموت ..
- يا أستاذ يا أستاذ .. وصلنا ..
قطع حبل تفكيره ذلك الصوت الأجش صوت سائق الأجرة يعلنه عن وصولهما إلي منزله .. لعنه عدة مرات بداخله لكنه شكره لأنه أوقف تشتيت عقله و لو لثوانٍ معدودة
- شكراً .. كام الأجرة
- 20 جنية
- أتفضل
- هتعرف تروح ولا هتلبس ف الحيط
- لا هأعرف أروح
قالها له مقهقهاً فقد عرف مغزي سؤاله فهو من أيقظه من أحلام اليقظة التي كان فيها و لولاه لكان الأن في تفكيره و أحلامه دون قاطع - أنا جيت يا أمي ..
- حبيبي تعالي أنا ف المطبخ أهو
- أيه ده أيه ده أيه ده ملوخية و فراخ و بامية .. هو في ضيوف
قالها و هو يتشمم تلك الرائحة التي طالما أحبها و ليس هو فقط بل كل من في المنزل
- لا ده عشانك أنت و أختك عشان بقالك كتير مش بتأكل كويس
- ربنا يخليكِ يا أحلي أم ف الدنيا
- أحمد
- نعم يا أمي
- بعد العشاء عايزة أتكلم معاك شوية
- بخصوص !
- أختك ..
- مالها ؟!
- متقدم لها عريس .. و عايزاك تشوف الموضوع ده معها عشان أنا ماليش كلمة عليها أنت عارف ..
- هو مافيش يوم أبقي مبسوط فيه و تسيبوني مبسوط .. قالها متنهداً بهمس حتي لا يشعر أحد بمعاناته فهو أعتاد الصمت و الهدوء .. لم تكن تلك المرة التي سيبيح فيها عما في صدره
- فاطمة ..
قالها متنهداً من خلف الباب بعدما طرق بعض الطرقات الخفيفة علي بابها حتي تُدِخله - أحمد ! خير
- عندك علم بالعريس اللي متقدم لك ..
- عريس ! لا و هيكون عندي علم منين
- أديكي عرفتي ..
- بس أنا لسه بدرس ..
- ماعرفش يا فاطمة ماما قالتلي أجي أقولك أن في عريس متقدم لك عشان أخد رأيك
- أنا ماعرفش عنه حاجة و مابفكرش أساساً أتجوز إلا لما أخلص دراسة
- خلاص حاولي تقنعي ماما بقي بوجهة نظرك عشان لو قلت من هنا لبكرة هتديني التطنيش .. تصبحي ع خير ..
- أحمد ..
- خير
- أنت فرحان ليه ؟!
- هو أنتم مش عايزني أفرح كمان .. مش كفاية نكد بقي بقالي 25 سنة عايش حياة نكد ف نكد مستكترين عليَّ يوم واحد يمر من غير نكد
- يعني ماسألتنيش عرفت منين أنك فرحان !
- تصبحي ع خير ..
تجاهل سؤالها الغريب بعض الشئ فمن المريب حقاً أن تعرف أنه سعيد مع أنه تحدث معها بكل "برود" و نبرة الحزن تعتلي صوته كالعادة لكنه فضل الصمت حتي تتم تلك السعادة و لو للحظات دون مانع فيكفي ما أخذه الليلة من أحاديث و ذاك الرجل الذي جاء ليطلب يد فتاة مازالت في الإعدادية .. حمقي ..
- يادي النيلة .. مين !
قالها أحمد نافثاً للهواء الساخن من فمه نتيجة غضبه و أستيائه .. هل مُحرم عليه أن يجلس سعيداً لفترة وجيزة .. هل مُحرم عليه أن يسعد من الأساس
- أنا عمرو يا أحمد ..
قالها عمرو لكن بنبرة تعتليها الندم و الحزن .. نبرة لم تكن مثل تلك النبرة التي سمعها منه أحمد في أخر مرة تحدثا فيها .. نبرة تدل علي قدوم أخبار مشئومة ..
- أنا عارف أني مش مكتوب لي أفرح أنهاردة ..
قالها أحمد بعدما فتح باب غرفته علي مصرعيه ليتأكد من الطارق و كان عمرو بالفعل
- ممكن أدخل
- ماأنت دخلت من باب الشقة .. همنعك من دخول باب أوضتي خش يا عمرو بيتك و مطرحك
قالها له مع أبتسامة تنكر .. أبتسامة تخفي حزنه منه في تلك الليلة التي قرر أن يفترقا ظناً منه أنهما لن يقوموا بالوعد الذي قطعاه علي أنفسهما منذ الصغر .. وعد الوفاء ..
- أنا عارف أن أنت زعلان مني .. بس أنت وحشتني و وحشتني أيامنا .. وحشني هزارك و ..
- بس بس يا عم أيه ده كله .. أجيبلك عم طه من فوق يعزفهالك حزيني عشان تُسبك الدور !
- أنا مش بكذب عليك يا أحمد و عشان تعرف أن نيتي سليمة جبت لك معيَّ حاجة هتفرح بها أوي
- أيه مصاصة ولا شيكولاتة
- جبت لك معيَّ .. ياسمين

شيزوفرينيا SchizophreniaWhere stories live. Discover now