الجزء الثاني و العشرين

2K 132 4
                                    

- يا عيني ع الناس اللي ع سنجة عشرة يا عيني .. ماشفنكاش كده من ساعة تكريم الثانوية العامة
قالتها مني و هي تنظر لأبنها بإبتسامة مرحة و هو يتجهز للقائه الموعود
- يا ماما يا حبيبتي هو لازم يكون في تكريم يا عزا عشان ألبس بدلة .. فيها حاجات جدت و ابتسامات رجعت و ناس زي العسل زيك كده بتدخل حياتي و تطلعني من حزني
قالها أحمد مداعباً والدته التي قد جلست علي حافة السرير و أخذت تتحسس وجهه كأول مرة تحسست فيها وجهه عند ولادته .. أحست بقلبه ينبض بساعدة و ليس حزن كالماضي
- خايفة عليك يا أحمد
قالتها مني و هي تنظر لولدها بشفقة و قد التمعت عيناها مبشرة ببكاء شديد
- من ايه بس يا ماما .. انتِ خايفة عليا اكون فرحان ليه .. يمكن عشان انا عمري مافرحت لفترة طويلة .. يمكن عشان أول حب ف حياتي راح مع الهوا بمجرد ماعرفت مرضي .. يمكن عشان .. عشان ابويا مات و مبقاليش سند ..
- أنا سندك يا أحمد .. أنا و أختك فاطمة و صحابك .. و لو ماحدش فينا ينفع يكون سند ليك .. خليك سند نفسك يا أحمد ..
- تعبت من كتر مابقيت اسند ع نفسي .. حسيت ف الفترة الاخيرة بحزن رهيب و جبل فوق صدري كان لازم اخفف الحمل .. عن اذنك انا اتاخرت سلام
قالها أحمد بعدما ألقي نظرة خاطفة علي ساعته و هم بالوقوف الا ام والدته استوقفته و اجلسته مرة أخري
- أيه اللي بيحصل يا أحمد
- مافيش حاجة لو سمحت يا ماما انا متاخر لازم امشي
- مش ماشي غير لما تحكيلي
- يوووه يا ماما احكيلك احكيلك .. كل حاجه احكيلك هو انا ماينفعش احتفظ بحاجه لنفسي و ماقولهاش لحد .. استفدت ايه لما عرفتك ع ياسمين .. استفدت ايه لما عرفتك ع صحابي .. استفدت ايه من اي حاجه قولتهالك غير انك بتروحي تقوليها لصحابك و الجيران ..
قالها أحمد بصوت بدا مرتفع و قد سبقته قطرات العرق المصحوبه باحمرار الوجه الشديد و بعض الدموع التي وجدت طريقها علي وجنتيه و ما ان انهي كلامه حتي ذهب كالريح و لم تدرك والدته الا صوت الباب الذي يكاد يكون متهالك من عوامل الزمن و هو يقفل بشكل عنيف مما ادي لانكسار الزجاج و تناثره خارج و داخل الشقة التي يسكنون فيها
- ايه اللي حصل
قالتها فاطمة و هي تفرك عينيها بتكاسل و تعجب مما حدث فهي لم تعهد غلق الباب بهذه الطريقة منذ ان غضب والديها
- أوعي كده
قالتها مني و هي تأخذ جانباً و تزيح فاطمة بالجانب الأخر لتجعلها تقع من هول الصدمة .. أهذه والدتي !
- مالك !
قالتها نور و هي تنظر لأحمد الذي لم يأخذ الأذن من الممرضة التي بالخارج و دخل مندفعاً دون سابق إنظار و تتساقط قطرات عرقه المصحوبة بالغضب الشديد
- يا أستاذ ماينفعش كده شوفت أهو في مريض تاني عندها أيه لازمة الأستعجال .. أنا أسفه يا دكتورة مش هتحصل تاني
قالتها المريضة بأسف و هي تحاول سحب أحمد للخارج
- أمشي ع العلاج اللي كتبته لك يا محمد و تعال بعد شهر أشوفك تاني
قالتها نور و هي تنظر لمريضها الذي ما ان سمع كلامها حتي هم راكضاً خوفاً من أحمد الذي ما ان القي نظرته عليه حتي أحس بصواعق تصيب جسده من هولها
- أخرجي أنتِ يا نيرمين .. أتفضل يا أحمد
قالتها نور و هي تتنهد و تخلع نظارتها الطبية عنها لتظهر عيون الشاطئ الجميل
- أنا .. أنا أسف ماكنش قصدي أعمل كل الجلبة دي بس أنا ماعرفش مالي بقيت متعصب أكتر من الأول اليومين دول
قالها أحمد بأسف و هو يريح قدماه علي الكرسي الموجود أمام نور
- مواظب ع الدواء
قالتها نور و هي تبدي انتباه شديد له و تدون ما يقول
- أيوة
- المفروض أنهم مهدئات يعني مايكونش في عصبية خالص .. صارحني يا أحمد بتاخد الدواء بانتظام
- ايوة .. بس ماخدتش انهاردة
- ليه
- اتخانقت مع ماما و كنت عايز أمشي بأي طريقة
- هي دي المرة الوحيده اللي ماخدتش فيها
- ايوة
- طيب ندخل ف جلستنا بقي
- ماشي
- أدخلوا
قالتها نور و هي تزيح كرسي أحمد ليقابل الباب الذي دخل منه أسوأ عدويين قد لاقاهم في حياته
- عمرو .. ياسمين .. ايه اللي بيحصل يا نور هي دي الجلسة .. انتِ ليه كل مااتقدم معاكي خطوة ترجعيني ١٠
قالها أحمد و هو يشير الي عمرو و ياسمين و قد بدات دموعه بالانهمار
- علاجي مانفعش معاك .. حتي حبي ليك ماشلش حاجه من حبك لياسمين
قالتها نور و هي تريح ظهرها علي الكرسي و تدعو عمرو و ياسمين للجلوس
- لا .. انا بقيت بكرهها .. و بكره كل حاجة تيجي منها
- لو كنت بتكرهها ماكنتش عيطت لما شوفتها مع غيرك .. ماكنتش اضايقت لما عرفت انها اتجوزت عمرو .. ماكنتش اتاثرت لمجرد انها جاتلك البيت هي و عمرو و هي حامل في الطفل اللي انت كنت نفسك يكون منك مش من عمرو
- عرفتي ده كله ازاي
- انا اللي بعتهم لبيتك و انا اللي عملت القصه دي كلها عشان اشوف علاجي نفع ولا لا .. و للاسف لا
- يعني ايه
- يعني ياسمين ماتجوزتش لا عمرو ولا غيره و لا هي حامل و لا اي حاجه من اللي حصلت
- اومال ليه سابتني مدام بتحبني اوي كده و مش عايزة تتجوز حد غيري
- ياسمين عندها القلب .. و ده يمنعها انها تتجوز و تخلف
- بجد و لا دي خدعه تانيه منك يا ياسمين
قالها أحمد و هو ينظر لياسمين بحزن و شفقة
- بجد
قالتها ياسمين و قد خانتها دموعها مما استدعاها لاخفاض راسها حرجاً من أن يري أحمد ضعفها و لكنه ما أن رأها حتي هم اليها ملتقطاً وجهها الصغير بين يديه ماسحاً عنها دموعها و ضامماً لها بكل عطف و حنان و هي ما ان أحست بضمه لها حتي أنهالت دموعها من جديد بحزن و شفقة من حالها الميؤس منه
- أنا أسف
قالها أحمد مقبلاً رأسها و مبعداً لها عنه لمسح دموعها من جديد
- أنا ماكنتش عارف أنك مخبية ده كله .. ليه ماصرحتنيش
قالها أحمد و دموعه تنهمر كالشلالات ممسك بأحد الكراسي و وضعه أمامها و الجلوس عليه
- أنت ديماً ف عذاب .. مش هبقي أنا و الزمن عليك
- ده أنتِ أحلي حاجة حصلتلي .. شكراً يا دكتور نور .. شكراً ع كل حاجة
قالها أحمد مصافحاً لنور و هو يبتسم بابتسامة واسعة و سعيدة
- العفو ع أيه بس ده واجبي
قالتها نور بابتسامه صغيرة و قد لمعت عيناها لوهلة .. لم يشعر أحد و لكنها شعرت بحرارة تجتاحها .. نسيت أنها طبيبة و تذكرت حبها .. و لكنها ما ان تذكرت حتي قالت هذا الواجب و ضع المشاعر جانباً
- أسف يا عمرو
قالها أحمد ضامماً لصديقه عمرو بحرارة مصحوبة بدموع الفرح
- ع أيه يا عم كلنا هنا معاك
قالها عمرو مداعباً لأحمد الذي ما أن رأه بتلك السعادة حتي تذكر أيامه الخوالي

شيزوفرينيا SchizophreniaWhere stories live. Discover now