الفصلُ الثالث

634 33 42
                                    

- تُرى هل عليَّ البحثُ في أمرها !!
عاد مُستعيداً خطواته إلى المسجد، بحث في كلِ زوايا مُحِيطه، حتى بينَ الشُجيرات الجانبية..
تبين له ألا وجد لها، حائرٌ يُخاطِب عقله، تهمٌ لبصرِه و أخرى لسمعه، كانت حُجتُ عقله بأن وهمَ الإرهاق بات يضايقه..
.

مضى عائداً لدروبِ منزله مقتنعاً ببراهِنِ عقله، يخطو بين أُناسِ الحي محيياً لهم بإبتسامةِ ود، كل من رأه ردها له والباقين في منازلهم ساكنين..
.

تحركت أنامله مُديرةً قُفلَ البابِ ليُفتح، أنار الضوء حينَ دخل، توجه إلى الحمام، غسل وجهه وإستراحَ بدفئِ المياه، صدى وقع خُطواتِه إنتشرت مرتدةً في أنحاء المنزل..
.

إتكئ مُلقياً بجسدِه على الأريكة، فتح قناة الأخبار، إستمع على العنواين كعادته، لم يكن هنالك شيءٌ جديد، الربيعُ العربي، تحالفُ الولايات والمملكة، حروبٌ ومجاعات، فقرٌ وأسعارُ عُملات..
.

أطفأه بعد بُرهةٍ مضت، ظلَ يُبحلقُ في الشاشةِ السوداءِ أمامه، إنعكاسُه طُبع عليها، إرتخى مُريحاً جسده أكثر على البقعة الطرية في الأريكة، راحَ يحدق في ذلك الهاتِف المحمول على طاولة، لم يسمعهُ يرن مطلقاً تلك النغمة المحببةَ إليه..
" River Flows In You "
لم يذكُره أحد ولم يتذكره أحد، تُرى أهو سعيدٌ بذلك أم لا، سؤالٌ يجوبُ خاطِره..
.

تنهد مُنسحِباً إلى سريره مأواه من حياةِ العُزلة، هناك في عالمِ المنام حيثُ لا يوجد ماهو مستحيل، حتى التحليقُ بجناحات يعسوب، مر مرور الكرام على بعض الأوراق والأبحاث، إطلع عليها بسرعة، رمى جسده على طولِ السرير، بعد أن إختار ملابسَ مُريحة، تثاءب وهو يحدق في نجومٍ وهميةً ويعُدُ الخِرافَ ليغفى..
.

كان يشعرُ بأن الأشياء حوله ترتفع وتعلو ببطء، كأن جسدهُ أصابه ثملٌ من خمرِ الحياة، طوقه لحاف النوم غاص مُبتعداً عن دُنيا الواقع..
.

في مكانٍ آخر، مكانٍ تغلِفُه الحشائش القصيرة، حشائش تسترَ أسفلها عُريّ الأرض حيث الحياة ما بعد الموت، كان منتصِباً بوقوفه الثابت، تُداعبُه نسماتٌ عابرةٌ من الرياح، نسماتٌ تحملُ في ثناياها صوتُ ضحكةِ طفلةٍ صغيرة، نظر إلى يُمناه ومن ثَم إلى شمالِه، ذاتُ شعرٍ طويل تجري بمحاذاةِ الرياح، إختفت وخف هبوبُ النعيم..
.

إستفاق من منامِه مُتعرِقَ الجبين، ممسكاً بالحاف أسفل يداه، ينظر حوله بحذرٍ و جحوظ، كانت الساعة تدق منتصفَ الليل، فركَ عيناه بمَهل، مسح ما تبقى من بقايا العرق عليه، تنهد بإرتياح..
- كابوس! . . مُجردُ كابوس..
تمدد على جانبه الأيمن بعد أن تأكد من قراءة أذكارِه، كان عقله يعيدُ سيناريو الحلم عليه، فكر في ذاتِه للحظه..
- هل كانَ كابوساً!؟
تساءل في نفسه طالباً من عقله إجاد حلاً ما لهذه المُعضِلة..
.

| حينَ يختفي الشفق | { مُكتَمِلة } ✔Opowieści tętniące życiem. Odkryj je teraz