الفصلُ السادس

272 19 42
                                    

مضت الليلةُ بهدوء، إسغرقَ في النوم لساعاتٍ طوال، كان يوم عطلة، بعيداً عن جموح حشود الطلاب والعمل..
.

متكئٌ  على حافة النافذة، يراقبُ قلةَ المارة العابرين، كان يوماً تختبئ فيه الشمس عن أرضها، بمللٍ قرر التوجه إلى إحدى متاجِر الكتب..
.

يسير بين شوارع لندن شمالاً نحو ذلك المتجر الذي إعتاد زيارته، متجرٌ أثري للكتب، " ريپنغ يارنز* "، متجرٌ أحب فيه ذلك الطابع الأثري الكتب القديمة والغبار، دخل إليه، وجد " ديزي* " كالعادة تستلقي في منتصف المتجر، توجه إلى إحدى الأرفف، إلتقطَ كتاباً شدَ إنتباهه، سارَ نحو البائعة، إقتناه وتوجه نحو الخروج بعد أن إبتسمَ في وجه ديزي..
.

- الكتاب في يدي.. أينَ أتوجهُ الآن؟! .. مقهى أم حديقةٌ عامة؟! هممم
تساءلَ بحِيرة أين يذهب
-حسناً يبدو بأنها ستمطر، عليَّ بالمقهى إذاً...
..
.

تذكر فجأة ذلك المقهى اللطيف، خطى في طريقِه متوجهاً إليه، لم يكن بذلك البعد، نظرَ للأعلى حيثُ الغيوم الملبدة الرمادية، فتحَ باب المقهى، دخل بهدوء توجه إلى إحدى الطاولات الفارغة بجانب النافذة..
.

- أخيراً مقهى مناسب..
إبتسم متنهداً ناظراً إلى قطرات المطر المتساقطة على النافذة..
.

- جوٌ جميل، مناسبٌ جداً للغوص في عالم الكتاب..
طلب قهوته السادة وإستغرق بالقراءة..
.

في عالمي البعيد، حيثُ الكلمات والأجواء المختلفة، أيقظني ضجيجُ طرقٍ على النافذة، أبعدتُ عيناي عن الأحرف، نظرتُ عبرها، رأيتُها، تلك الفتاة!..
.

تعجبتُ كثيراً وإحترت..
قلتُ بدونِ تفكير..
- ماذا تفعلين هنا!؟ . . أسفل المطر!
أشارت إليّ بأصبعيّها بأنها لم تسمعني..
رأيتُها تنفخُ بخارَ فمها على زجاج النافذةِ الباردة.. كتبت بخطٍ جميل..
" Refreshing rain "
« المطرُ منعش »
نظرتُ حولي قبل أن أفعل ما فعلته مجيباً عليها..
كان مكتضاً بالزبائن، لا أحد يُبالي بالآخر..
تنهدتُ وطبعتُ كلماتٍ بسيطة بعد أن نفختُ بخار فمي على النافذة..
" Suitable for disease "
« مناسب للمرض »
شعرتُ فجأة بخجلٍ طاغٍ، وكأنَ الجميع يحدقون بي.. نجحتُ في التجاهل وإدعاء البرود، طردتُ ذلك الإحمرار الطفيف الذي بدا عليّ..
كتبتُ مجدداً لها بعد أن رأيتُ بأنها لا تُبالي..
" Come in "
« تعاليّ للداخل »
رأيتُها ترسمُ إبتسامةً على ثغرها وكأنها لم تكترث أيضاً..
- حسناً! لكِ ذلك لن أكترث..
حاولت تجاهلها وطرقها المستمر، غصتُ في كتابي مجدداً...
.

شعرتُ بنقرٍ على كتفي، رفعتُ عيني مجدداً عن الكتاب متوقعاً بأن تكون هيَ، حدقتُ إليه..
لم تكن هي، كان نادل المقهى سألني بأدب حينَ لاحظ علاماتُ التعجب مرتسمةً على وجهي..
- عذراً سيدي!.. هل يمكنك مشاركة الطاولة مع هذه الفتاة!؟
نظرتُ إليها، كانت خجولةً تختبى خلفه، قلتُ لها بعد لحظاتِ تفكير بأن تتفضل بالجلوس..
- بشرط!.. لا تزعجيني بأيةِ كلمة.. فقط حاولِ عدم جعلي أُلاحِظكِ .. حسناً؟!
قُلتها رافعاً إحدى حاجبي لأفرضَ سلطتي هنا..
- حسناً..
بدت بأنها مُتوترةً قليلاً..
تحدث إليها النادل لحظة على إنفراد ومن ثَم عادت للجلوس أمامي..
بدا لي بأنهما يعرفان بعضمها جيداً، لم أشغِل بالي كثيراً بأمرِهما..
.

| حينَ يختفي الشفق | { مُكتَمِلة } ✔Where stories live. Discover now