الفصلُ الرابع عشر " النِهاية "

422 20 19
                                    

بدا لي صوتُ المتحدث مألوفاً قاطعتُه متسائلاً عن إسمه..:
- من تكون؟!
- لم تعرف صوتيّ!! أنا سُهيل..
- أوه
- سيد جانيل عليكَ القدوم للمشفى بسرعة فـهنالك شيئاً ما عليكَ معرِفته..
- حسنٌ..
قُلتُها بتعجب وقلبي ينتفضُ خوفاً من نبرةٍ صوته، ولكنني لم أستطع سؤالِه عمّا جرى..
.

قدتُ بسيارتي إلى حيثُ أخبرني بأن آتي، كان الطريق رغمَ طولِه قصيراً أمام سرعة قيادتيّ، كنتُ أحُلقُ في السبيل رغمَ ملامسة عجلات سيارتيّ للأرض، قلبي لا يتوقف عن الإنقباض، وأنفاسي تتسارعُ الخروج..
.

وصلتُ بوقتٍ قياسي وقد أضنانيّ القلق، بـخطواتٌ بطيئة خرجتُ من مكمني، خطوةٌ للأمام وخطوتين للخلف، كانَ قلبي يحدثني بالمضي وقدمايّ تفِران من المصير، رغمَ أن علمي بالأحداث لا شيء..
.

توجهتُ نحو الإستعمالات مُحاولاً التماسُك من المجهول، كان المشفى بارداً للغاية، رائحةُ المعقمات تلفحُ المكان بعبقها، وكأني أُعاني من رُهاب المشفى..
.

يدُ أحدِهم هبطت على كتفي، جفلتُ لثوانٍ ونظرتُ إليه، كانَ سُهيل ينظرُ إليّ بإنكِسار، تساءلتُ في ذاتي عمّا يجري للفتى ولمَ قلبي يعتصرني وكأني موشِك على تلقي خبرٌ يصعقُ روحي..
.
أخذني معه، توجهنا نحوَ رواقٍ هادئ، كان الجو يبرد أكثر وأكثر من ذي قبل، حاثاً نفسي على التماسُك والصمت، لا أدري لمَ ولكن خطواتي تتنافر عن التقدم، وكأن مغناطيساً ما يسحبني للوراء ولكنَ سُهيل ذلك الشاب القوي هو من يجرني بعيداً عن ذلك المغناطيس، شعرتُ بثِقل خطواتي، وكأن شيئاً ثقيلاً قُيدَ على خاصري وأنا أجُره..
.

وصلنا إلى مكانٍ يضيءُ بمصباحٍ أحمر كـزُمردةٍ مُشِعة، تقدمنا أكثر بكثير حتى بانَ لنا غرفةٌ في جوفِها الشتاء، دخلنا وقد كانت ركبتيَّ ترتعِدان، شعرت بأن عُقدةَ لساني قد إنحلت، نطقتُ الكلماتُ وهيَ تهرب من فمي:
- لمَ نحنُ هنا!؟
ظلَ صامتاً لا يتحدث، رمقني بنظراتٍ لم أعهدها من قبل، توجه نحوَ ذلك الجسد البعيد، حيثُ يقف ذلك الشخص بجانبه، شخصٌ لم أميز جنسه من بُعدي عنهما، نادَ عليَّ لأقترب منه، كنتُ قد أعرتُهم أذناً لا تسمعُ حينَ رأيتُ ذلك الجسد المُمدد بصمتٍ مُخيف..
.

نادَ عليَّ من جديد لأستيقظ، إقتربُ منهما وقلبي يخفتُ في نبضه أكثر من قبل حتى ظننتُ بأنيّ سأموت من هول ما سأتلقاه، تحليتُ بآخرِ قطراتٍ من الشجاعة كنتُ أمتلِكُها، توقفتُ ولم أُشِح ناظريّ عن ذلك الغطاء الأبيض..
.

تساءلت والخوف يأكلُ أعصابي أكثر:
- من هذا!؟..
نظرتُ إلى سُهيل باحِثاً عن إجابةٍ شافية
قالَ والكلمات تتناثر من شفتيّه:
- تقصد من هذه...
أعادَ صياغة السؤال ليّ وقد تملكه خوفٌ من الإباحة..
تحدثتُ إليه وأنا مُمسكٌ بطرف الغطاء الأبيض، في رأسي أفكارٌ تُحدثني بأن أسحبه، ولكن تلك اليد أمسكتني عن الإستمرار، كنتُ قد ثبتُ ناظريّ عليها، كانت مألوفة، كانت مألوفة ومع ذلك لم أعرِفها، تجاهلتُها وأكملتُ إستجواب ذلك الشاب سُهيل..:
- من تكون!؟
قُلتُها مشيراً بأصبعي على الجسد..
- هذه المرأة إسمُها شَفْق وقد وردت في سِجلاتِنا بأنه لا يوجد وصيٌ عليها، ولكن سَديم حَدثتنا بأنكَ تعرِفُها وأنك تكون زوجها..
- صحيح، ولكن كيف عثرتم عليها!؟
- نبشنا قبراً كانت ترتادُه سَديم ولكن معلوماته مفقودة.. لهذا أتينا بك..
- من سَديم هذه؟!
.

| حينَ يختفي الشفق | { مُكتَمِلة } ✔Where stories live. Discover now