هل سبق وشعرتَ بأنك مُحاطٌ بالدفئِ أينما تسير ؟ الثلج يهبِط بنعومةٍ من السماء هذا الصباح ..
لكنني في كلّ مرةٍ يلتقطُ فيها بيكهيون معطفي من الخلفِ إثر الإزدحام و يتدارك نفسهُ بخجلٍ ملحوظٍ ثم يُفلته , كنتُ أشعر بدفئٍ لا يُضاهى , لن أنسى انتفاضةِ قلبي في كلّ مرةٍ يحدُث فيها هذا.
توقفتُ في احدِ المحلات برفقته , كان المكانُ مزدحماً جداً حتى أنني شعرتُ بضيقٍ في التنفس.. الناسُ لا تصطف في طوابيرٍ مرتبة , الموظفون يهتفونَ في تذمرٍ بسبب تأخرهم عن العمل لأن طلباتهم لم تجهز.. تنهدتُ بينما احدّق في الحشد..
" تباً .. والدةُ صديقي تملك هذا المحل وهم يُعدون خُبزاً شهياً لذلك فضّلت القدوم الى هُنـ.."
التفتُ اليه بينما كنت أريد ان اكمل جملتي لكنني لم افعل , بسبب الإزدحامِ المُميت التصق جسدُ أحدِ الموظفين ببيكهيون..لاحظتُ ارتباكهُ الواضح جداً, أصابعه ترتجف و يودّ دفع الرجلِ بعيداً عنه..
أعينهُ تنظرُ في اتجاهاتٍ عدّة .. وكأنه مرتعبٌ لأقصى حد..
إنه لا يزالُ تحت تأثير الحادثة التي حدثت بالأمس..لا يزال يتخيّل جونق إن في كل زاوية وفي كل شخص.. التقطتُ ذراعهُ بسرعةٍ و جذبتهُ الي..كان ارتطامهُ بصدري مفاجئاً له.
طول قامتي و قُصر قامتهِ مقارنةً بي جعلتهُ يرفع رأسه لينظر الي في خجلٍ شديد , تجمّع الدمُ في كل وجهه..
" اه هؤلاء الحمقى لا يحافظون على المساحةِ الشخصية."
ليس وكأنني احافظُ عليها بيني و بينهُ الآن ؟ قد أكون مغفلاً اخر سيخافُ بيكهيون منه ان اقترب من جسدهِ بهذا الشكل.
كنتُ احتضنهُ بطريقةٍ غير مباشرة.
" انظري."
" ثنائيات."
تهامسن بعض الفتياتِ حولنا , حاول بيكهيون الإفلات مني لأجل حجبِ هذه الشوشرة ولكنني شددتُ في قبضتي عليه وهو رفع رأسهُ متعجباً , أما انا فكُنت راضياً تماماً و إن تحدّث الجمهوية الكورية بأكملها عني..
سأُحب ان احتضن بيكهيون هكذا عوضاً عن أن يلتصق بجسدِه لعينٌ ما..
" أحقاً لا ترغبُ بالجلوس في أحد المطاعم ؟ "
" لا .."
سألتُ بيكهيون , وهو يسيرُ كأنها مرته الأولى داخل سيوول بينما يحمل كلانا أكياساً ورقية تحتوي على طعامنا , كان مثل الفأرِ الصغير وهو يأكل مقدمة الخبزِ ثم يعيدهُ الى الكيس ويكمل تحديقاتهُ بالبشر..
" يمكننا الجلوس هنا!"
أشار عندما مررنا بجانب احد الحدائق لمقعدٍ طويلٍ خشبيٍ تحت ظلّ شجرة.
