الجزء السادس

12.8K 611 39
                                    

#مدثر# الجزء السادس
حاولت أن لا تتغير ملامحي برسالة مريم وأنا أسير بجوار وليد ليأشر بإصبعه "تعالى من هنا يا كريم" لأجد لافتة طويلة مكتوب عليها 'صالون حسني للرجال'، دخلنا وقد كان خاويا تماما لم نجد سوى شخص واحدا جالسا، يحملق في احد المجلات وحين رائنا قفز من مكانه متهلل الوجه قائلا "اهلًا يا استاذ وليد"، ثم نظر إلي ليكمل "ازيك يا باشمهندس..."، نبادله التحية ثم ابتعد قليلا، نظرة في المرآة و وضعت يدي على شعري الأسود الطويل الناعم لأودعه قائلا في سري وقد كنت اشعر ببعض الضيق أتتركني أنت أيضا وتذهب مثل الآخرين، لانتبه لصوت وليد وهو يقول "اسمع يا اسطي حسني كريم عاوز يقص شعره شويه"، لأقاطعه قائلا في صرامة وأنا مازلت انظر في المرآة وكأني لم أرى نفسي منذ سنين وليس من يومين فقط "هحلقه خالص عَل الزيرو"، يندهش الاسطي حسني ويقول "حرام عليك يا اخي شعرك حلو احنا ممكن نظبطه شويه"، يضع وليد يده على كتف اسطي حسني ويقول له "سيبه براحته واعمله اللي هو عاوزه"، بيداء في وضع غطاء اعتقد أن لونه كان احمر ولكنه ذبل من كثره الاستعمال، ثم يخرج مكينة كهربائية انتهى عمرها الافتراضي وبدأ في جز شعري وكأنه فلاح يقوم بحرث أرضه، حينها بدأ شعرت ببعض الآلام في قلبي وكأنه يقوم بحصد ذاكرتي من رأسي كان وليد ينظر إلي في حسرة و كأنه شعره قبل أن ينصرف قائلا "كريم عشر دقايق ورجعلك خالي بالك منه يا اسطي حسني متمشيش قبل ما اجي"، أعطاني التعليمات ثم غاب عن وجهي حاول حسني فتح حوار معي وكنت دائم الصمت في إشارة مني على عدم رغبتي في الحديث، فقد كان كل تركيزي على شعري المقطوع وأنا أراه يلون الغطاء بلون الأسود ليعطيه جمالا، ولكني انتبهت له حين قال "على كده يا باشمهندس انت متابع موضوع مدثر الحسيني ..."

************************     
منزل الشيخ حسن

يدخل وليد المنزل بعد أن فتح بمفتاحه الخاص وكانت العائلة تستعد للذهاب لزيارة الست فتحيه جارتهم المريضة باغت وقتها الشيخ حسن وليد بسؤال ينتابه بعض الغضب قائلا "فين كريم يا وليد انا مش قولتلك خلي بالك منه"، ينظر وليد إلى والده في ضيق وهو يعيد المفاتيح إلى جيبه ويقول "قصدك مدثر مش كريم يا شيخ اول مره تكدب عليا يا بابا"، تندهش حبيبه ولم تفهم شيء ثم نظر الشيخ في توتر الي أم وليد قبل أن يتحرك في اتجاه ابنه وقد وقف أمامه مباشره وقد اتخذ قراره بالكلام وهو يحرك سبحته قائلا "في حاجات يا بني مش لازم يا بني كل حاجه تتحكي دي اسرار ناس بقت امانه عندنا عاوزني ازاي اخون الامانه وانا في السن ده الراجل ده وأمه خيرهم علينا انت كنت صغير متعرفش حاجه امك في يوم تعبت كنت انت وأختك صغيرين وقتها قالوا ان عندها ورم في صدرها ومحتاجه عمليه وكنت علي باب الله مفيش حد وقف جنبنا غير ام الراجل ده بفلوس واكل وشرب وقبل ده كله بالكلمة الطيبه اللي هي اعلي صدقه الله يرحمها عارف يا وليد معني الجمله اللي بتقول ربنا ما بينساش حد دي معناها ايه"، ينظر له وليد وقد شعر ببعض الخجل مما قاله فعجز عن الكلام وهز رأسه بالنفي ليكمل والده الحديث وقد ابتعد عنه قليلا ليقول  "يعني ربنا بيسخر لك حد من عباده يقف جنبك في محنتك ويبعتلك اللي يرضيك"، بدأ ينفعل على غير عادته وأخذ صوته يرتفع قليلا ثم أكمل "عاوزني اجي اقولك ايه انت وأختك دايما كنت بتسالني عن الصوره اللي جواه دي كنت بقولك دي صوره واحده جارتنا من ايّام الحلميه ومكنتش بقول اكتر من كده الست اللي في الصوره دي تبقي ام مدثر عاوزني بقي أتخلي عن ابنها بعد كل اللي عملته ده انتم كملتوا تعلمكم، ربنا جعلها سبب لذالك ومدثر كمل وفضل يبعتلنا فلوس لحد الشهر اللي فاتمن غير ما يعرفنا انت محامي المفروض تفهم الاول"، ليسكت الجميع قبل أن تنطق حبيبه لتقول "يعني ده مدثر الحسيني اللي اخباره ماليه الدنيا".        
************************

مُدثرWhere stories live. Discover now