الجزء الخامس والعشرون

8.9K 478 27
                                    

مدثر# الجزء الخامس و العشرون

امشي بخطوات غير ثابتة، والخوف يعتريني بشكل لم أعهده في حياتي، دقات قلبي تتزايد وكأنه يريد الخروج من صدري، تدور في رأسي عشرات الأسئلة، بل مئات أخشى ان تصبح اكثر فأكثر، أنفاسي في إيقاع تصاعدي، أحاول ان اهدأ، فلماذا كل هذا هل سيقبض روحي، هل سيقتلني كيف يفعل هذا وقد أمنته على زوجتي وأبنائي، اعلم أني أخطأت بإدخاله لعبة ليس له علاقة بها، لا اخاف منه بقدر خوفي ان اخسره، تبا مهما علا مستوى ذكائك فلا تعتقد أبدا انك الأذكى فهناك من يفوقك بكثير، ان سألوك عن العدل في بلاد المسلمين قل قد مات عمر، وان سألوك عن ظلم الأخ قل فعلها عمر، وهيهات بين العٌمريين.
اشعر بخطوات قدمي وسط هدوء شنيع، اشعر ان الحارة أخلاها الكبير لينفرد بي، اراه من بعيد جالسا في شموخ، كلما اقتربت خطوة اشعر بالرعب هو من كنت احتمي به، اليوم أودّ ان يحميني الجميع منه.
لقد توقفت قدماي فجاه، رآني اقترب، ونهض من مكانه، تغير الموقف تماما، فهو قادم وقدماي لا تحملانني، علي السير خطوة واحدة ثم تليها الأخرى، سمعت ان الأرض ممكن ان تنشق فجأة، كم وددت ذلك في تلك اللحظة الرهيبة، تبادرت في رأسي فكرة غبية، ولكن سريعا قمت بطردها، فكرة ان اهرب من أمامه اجري ثم اجري واختبأ، ولكنه ليس حلا اذا عليّ ان انتظر مصيري.
أقف وانا أضع يدي في جيوبي، يقترب ويقف امامي، لا اقوى على النظر إليه، أنظر إلى الأرض، أحرك ترابها بقدمي، كنت اعرف السؤال الأول جيدا وماذا سيقول، وظللت طوال الطريق ابحث عن إجابة لأقول انا قبل ان يتكلم:
"والله يا كبير قاعد أدور على اجابه سؤالك اللي انت عاوز تقوله ومش عارف اقولك ايه".
يقول في ذكاء "طول ما انت مش عارف الاجابه تبقي غلطان وحاسس بنفسك وبعملتك".
انظر له لأول مرة واقول "انا عارف اني غلطان علشان كده كنت خايف من سؤالك اللي في عينيك وانت عاوز تقول ليه يا مدثر؟"، يمسكني من ذراعي بقوة شاب لم يتعدى الثلاثين من عمره ويقول "انا كنت بعاملك زي طارق ابني حمايتك، وحافظت عليك على قد ما اقدر دخلتك بيتي ودي كبيره اوي الصعايده ميعملوش كده مع اي حد ما صونتش العيش والملح
وعرفت انك عملت كده مع الراجل اللي وصلك للي انت فيه، قلت انك مظلوم وشفتك بعيني وانت بتلعب قمار وماشي في سكه الشيطان اشتريت عداوة ياسر علشان خطرك وتروح تحط ايدك في ايده من ورايا عارف انا المفروض اعمل فيك ايه"، انظر له وأقول "عارف طبعا ممكن تعمل فيه ايه كويس اووي وانا قدامك اهو ومستعد لأي حاجه، بس يشهد عليا ربنا اني بريء من كل اللي بتقوله"، اسمع صوتا اعرفه يقترب في الظلام، وهو يحمل مسدسه يقول:
"لسه بتقول بريء"، كان المتحدث طارق الذي نظر إلي بمنتهي القسوة ثم وضع سلاحه فوق رأسي ليقول الكبير وهو يخفض سلاح طارق "اللي زي ده حرام فيه الرصاصه اللي هتطلع منك"، سحب طارق زرار الأمان غير مبالي لما قاله والده، ليقترب فجأة صوت من الاتجاه الاخر يقول:
"نزل سلاحك يا طارق ملكش دعوه بمدثر"
ارجع بالذاكرة لشهور مضت حين امر الكبير ياسر ان يخفض سلاحه من فوق رأسي لتنقلب الايه ويطلب ياسر من طارق ان يخفض سلاحه الأن، يالها من دنيا غريبة، يضحك الكبير ويقول "انت اللي بتحميه دلوقتي يا ياسر ما هو صحيح من عينتك وشبهك"، يقول ياسر وهو يرفع سلاحه في وجه طارق "ملوش لزمه الكلام ده يا كبير انا ظلمته زمان بلاش انت تظلمه النهارده"
احتدم الموقف جداا وشعرت وقتها ان بيننا شخص ميت تمنيت ان اكون انا..
****************************

مُدثرWhere stories live. Discover now