الجزء الاخير ...ولكنها البداية

19K 1K 661
                                    

#مدثر# الجزء التاسع و العشرين و الأخير

أرى نظرات الجميع وأنا  أجلس على مقعدي الجلدي، أنظر إليهم في ثقة متناهية، تجلس عائشة على قدمي غير مبالية بوجود أمها بينما ادم أنطلق نحوها حينما رائها، لتحتضنه بقوة أما ياسمين ودعاء فقد وقفتا خلفي على اليمين و أخرى على اليسار، ظلت ياسمين ترمي عاصم بالنظرات وهو أيضا كذلك دارت بينهم معركة بالأعين كل منهم يشعر أنه منتصر، أما إخوتي فقد تجمعوا في مكان واحد ينتظرون بدأ الحفلة، رمزي كان صامتا يجلس مبتعدا في أحد الأركان، أحدق بعيني لأري نظرات الحقد والغل من عمي وأبنائه، لكن لازالت وجوههم تداريها بابتسامات النفاق.
أرى الوجوه بكل تعبيراتها وأشكالها، لما أميز بين غنيهم وفقيرهم فكما خلعت ثوبي قبل ذلك ليراني الكل أفعل أيضا كذلك.
تنظر لي عائشة بابتسامة خطفت قلبي جعلتني أضمها إلى صدري بقوة ثم تنادي عليها أمي سعاد لتلبي النداء، ذهبت ياسمين لإحضار فنجان من القهوة 'النيسبريسوا' التي أعشقها لتضعها أمامي ثم أخرج سيجارا ضخما كوبي الصنع افتقدته كثيرا، أصمت لدقائق قليلة عادة ذاكرتي بها إلى غرفة فوق منزل الحج طه الذي جلس بجوار الكبير وأخيه بكر والشيخ حسن في مكان خاص ليكونوا أهل حكمة ووقار، تبتسم ياسمين وتتحرك حتى منتصف البهو لتقول:
"طبعا اغلبية حضرتكوا متعرفوش ايه اللي بيحصل ومستغربين من اللي انتم شيفينه قدام عينيكوا، والحقيقه انا لو مكانكم دلوقتي، هبقي زيكم بالظبط يمكن اكتر، كان بينكم شخص عرفناه ان قلبه ابيض طيب بيسامح فيه من اللي موجودين شايفه ملاك وفيه اللي شايفه شخصيه مش موجوده وفِي كمان اللي بيكرهه لمجرد انه شايف انسان احسن منه وللاسف في ناس قريبه شايفاه شيطان، انا هحكي الجزء اللي يخصني وبعد كده هسيبه يكمل، انا اعرف مدثر من سنين طويله وعرفته عن طريق دعاء بصراحه كان انسان بسيط خجول عرفت انه بيدرس هندسه ميكانيكا وبيخلص محاضرات ويروح يشتغل علشان يساعد امه في تربيه اخواته أعجبت بيه جدا علشان كان عنده اصرار على النجاح وانه هيبقي حاجه كان بيخبي رجليه تحت الكرسي علشان يداري الجزمه بتاعته اللي بقت مشهوره في الجامعه كلها وقتها انا كمان ظروفي كانت زي الزفت لحد لما سبت الكليه ومبقتش اعرف حاجه عن مدثر لكن انا ودعاء فضلنا اصحاب لحد لما انا اللي بعدت عنها علشان مصلحتها وهتفهموا ده بعدين اهلي كانوا فقرا جدا اضطريت اسيب الكليه واشتغل علشان اصرف على البيت وفعلا لقيت شغل كويس جدا ومرتب محترم بس مش علشان كفائتي لكن علشان جسمي اللي كان طمعان فيه الكلاب تعبت اووي علشان احافظ على نفسي لحد لما اتقدملي واحد من نفس الشركه وكان منصبه كبير وقريب من صاحبها ودراعه اليمين وعدني انه هيرحني من تعبي وهيتجوزني وهيساعد اهلي ومش هيتخلي عنهم واتجوزنا ووفي بوعده جددا لدرجة اني كنت فاكره اني بحلم لحد لما صحيت على كابوس علشان الاقي المدير بتاعه هو اللي نايم جنبي بعد ابن الكلب جوزي ما اداني منوم حاولت أسيطر على نفسي مقدرش قومت صرخت وبقيت الطم يمكن اصحي لحد لما جوزي سمع صوتي وقالي انه صورني ومعدش فيه فايده من صرخي واني لازم أتقبل الامر الواقع ده علشان الامور تمشي ويبقي معانا فلوس وان دي حاجه عاديه ولازم اكون 'اوبن مايند' محستش بنفسي غيري وانا حته ضوافري على وشه وبقطع فيه لكن في الاخر انا وحده ست...".
سكتت قليلا لتمسح سيلا من الدموع التي تسقط رغما عنها ثم أكملت:
"لقيته نازل فيه شتيمه وضرب واخدني رماني بهدوم البيت في الشارع كنت بدور على حاجه استر بيها نفسي وانا بصرخ وأقول استروني ينبكم ثواب لقيت ناس ولاد حلال بكم يحدفولي هدوم من البلكونات بتاعتهم روحت عند اهلي أحكلهم قالولي طب واحنا هنأكل ونشرب منين مهمهمش بنتهم اد الفلوس وفعلا نزلت اشتغلت تاني بس المره دي روحت بار اقعد مع الزبائن واشرب وارقص وكسبت فلوس بس كان نفسي اخد طاري من جوزي والمدير بتاعه لحد لما مدثر بقي يجي يقعد لوحده يسمع موسيقي يشرب حاجه ومش هقول كان بيشرب شاي ولا قهوه لا كان بيشرب زي ما بيقول المكان كان دايما سرحان كنت ببص عليه واضحك كان يحط وشه في الارض عمري ما شفته مع حد شمال يجي لوحده يقعد شويه ويمشي، كنت بدئت اسمع عنه وعن نجاحاته والمكانه اللي وصل ليها وكنت فرحانه اوي وف مره اخدت القرار اني اروح اسلم عليه وافكره بيا بس لقيته بيبوص عليه بمنتهي الاحتقار وبيقولي:
"انا عارف انتي ايه بس انا معرفش أشكال الزباله دي"،
عيني دمعت وقولتله
"انا ياسمين يا مدثر كنت زميله دعاء"
لقيته وقف وطلع فلوس كتير من جيبه وقالي
"انتي اهم حاجه عندك دي"
ورمي الفلوس في وشي ومشي اليوم ده انا روحت المستشفي وكنت بموت بجد اتصلت بدعاء وحكتلها كل حاجه بعد لما خرجت وقولتلها انا عاوزاه يفهم اني مظلومه واني فعلا غلطانه في اللي بعمله...".

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Mar 19, 2021 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

مُدثرWhere stories live. Discover now