الفصل الأول

930 92 56
                                    

كان ذاك اليوم ممطراً، لم يتوقف المطر منذ الصباح الباكر.

كنتُ أجلسُ في سيارتي في المقعد الخلفي بينما سائقي السيد هارفِل يقود المركبة متجهيّن نحو الشركة بعد انتهائي من تناول العشاء في مطعمي الفرنسي المفضل.

أخذ السّائق يثرثر كعادته متحدّثاً بشتّى الأمور دون أن ينزع ناظريه عن الطريق:
-يا له من يومٍ بارد، أليس كذلك، سيدة إيامي؟
-أجل.
أجبته بهدوء دون أن أنظر إليه أيضاً، أراقب الشارع المكتظ بالمارّة رغم المطر الغزير، يحمل معظمهم مظلّاتِ بإيديهم تتراطم ببعضها أثناء سيرهم على الرصيف.

تكلَّم سائقي مجدداً بنبرته العالية المعتادة:
-لقد مرَّ أسبوعين منذ وفاة السيد سيل، يا إلهي، من كان ليتوقّع بأنّك سترثين الشركة من بعد جدك، سيدة إيامي!
جفل السّائق للحظة ثمّ أردفَ بسرعة:
-آه! لا أقصد الإهانة، سيدة إيامي، لكنّك مازلت مراهقة قد تخرّجت من الثانوية الشهر الماضي؛ فمن الصعب عليكِ أن تستلمين إدارة الشركة هكذا بشكلٍ مفاجئ؛ فشركة 'زيد' ليست أيَّ شركة عادية بل هي شركة ضخمة ناجحة معروفة بأنحاد البلد.
-أجل، أنت محق، كان أمراً مفاجئاً بالنسبة إليّ أيضاً،.. الأمر برمته كان مفاجئاً جداً.

في ذلك الحين، أنا حقاً لم أشعر بأيّ إهانة فقد كان السيد هارفِل محقاً تماماً إذ أنني لم أدرس أيّة دورات تتعلق بإدارة الأعمال ولم أخض أيّة تجربة في مجال العمل من قبل، لذا كان الأمر جديداً وصعباً فعلاً.

أكمل السائق حديثه إلا أنّه قد نظر إليّ هذه المرة عبر المرآة مبتسماً:
-ولكن، كما تعلمين، بوجود السيد ليام فإنَّ كلَ شيء سيكون على مايرام؛ فقد كان مساعد جدك قبل وفاته أيضاً ولديه معرفة تامة بجميع شؤون الشركة.
أعاد ناظريه إلى الطريق مجدداً، ثمَّ استأنف كلامه:
-كما أنّه أهتمَّ بأشغال الشركة كلّها خلال هاذين الأسبوعين؛ ولم يطلب منكِ سوى توقيع بعض الأوراق..
صمت السيد هارفِل قليلاً ثمّ قال:
-على ذكر تلك الأوراق، هل قمتِ بقرائتها قبل توقيعها، سيدتي؟ لقد أصرَّ السيد ليام على قرائتك لها كثيراً حينما سلمني إيّاها لأوصلها إليكِ..
 لم ينتظر مني إجابةً حتى بل أكمل ثرثرته تلك دون توقف:
-يا إلهي، رغم أنّه فقط في منتصف العشرينيات إلّا أنّه حقق نجاحاً باهراً في مجال عمله؛ فقد حاز على العديد من الجوائز فيما يتعلق بالمحاسبة وإدارة الأعمال ما أتاح له الحصول على ترقية بسرعة، أنتِ محظوظةٌ بكونه مساعدٍ لكِ الآن، سيدتي..
سكتَ  السيد هارفِل مجدداً لبرهة:
-..كما أنّه وسيماً للغاية، سحقاً، أنا حقاً أشعر بالغيرة منه!
قال هذا ثم راح يضحك.

في الحقيقة، أنا لم أكن أقرأ أيّاً من تلك الأوراق، إذ كنتُ أجدُ ذلك مملاً فلم أتعب نفسي بقراءة سطرٍ واحدٍ حتى بل كنتُ أوقعها فوراً دون أدنى فكرة عن محتواها.

في ذلك الوقت، لم أكن أفكّر بالأمر كثيراً، ولم ينتابني الشكّ ولا لثانية واحدة بأنّه قد يتم خداعي مادام السيد ليام ويرث بجانبي؛ فكما أردف سائقي، لقد كان ليام ذكياً، مجدّاً بعمله وجديراً بالثقة لذلك لم أجد أيّ ضرر باستلامه لجدول أعمالي كاملاً واطّلاعه على مشاريع الشركة المهمة.

الوريثة الوحيدةWhere stories live. Discover now