الفصل الحادي عشر

194 47 27
                                    

لم يقل السيد ميلاد شيئاً فكررت سؤالي والابتسامة لم تفارق وجهي:
-كيف لي أن أنسى ذلك؟ كيف لي ألّا أراك بطلاً خارقاً؟
-حسناً، ربما بذلتُ جهداً مضاعفاً لأنّك ابنة صديقي المفضل.
قال ذلك وهو يبتسم دون أن ينظر إليّ.

لقد كان السيد ميلاد صديق أبي المقرب الوحيد ورفيق طفولته إذ رغم الفارق العمري بينهما إلّا أنهما ترعرعا معاً؛ فإن كان هناك شخصٌ يفهم أبي جيداً فسوف يكون السيد ميلاد حتماً هذا الشخص.

استندتُ إلى الكرسي مجدداً، أغمضتُ عينايّ قائلةً:
-هل تظنّ أنّ أبي قد أحبَّ أمي، سيد ميلاد؟

ما من إجابة، صمتٌ ثقيلٌ فحسب، لم أكرر سؤالي ولم أتفاجئ بصمته حتّى، بقينا على هذه الحال حتّى وصولنا إلى منزلي، ترجّل السيد ميلاد فوراً ليساعدني.

كان باب منزلي ضخماً مزخرفاً خلفه حديقة صغيرة محاطة بسورٍ عالٍ، تقود الحديقة إلى بابٍ آخر أصغر حجماً وهو باب منزلي الرئيسي.

كانت الحديقة رغم صغر حجمها مليئة بالأشجار منها الكبير والصغير منتشرةً في أنحاء الحديقة بعضها ضخمة الجذع طويلة تتدلّى بعض أغصانها فتصل لخارج السور، وهناك طريقٌ حجريّ يصل بين البابين وعلى طرفيه بساطٌ من العشب القصير الأخضر.

كانت الأمطار قد توقفت مجدداً، وما إن خرجتُ من السيارة وضع السيد ميلاد معطفي على كتفيّ بلطف ومن ثمّ ساعدني بالوصول إلى باب المنزل الرئيسي، ناولني بعدها هاتفي ومحفظتي.

همَّ السيد ميلاد بالرحيل ولكنّه توقف فجأة، التفت إلي قاطباً حاجبيه والحزن يغمر عينيه قائلاً:
-أنا..ربما لا أملك إجابةً لسؤالك ذاك، ولكن ما أعرفه جيداً أنَّ والدكِ أحبَّكِ، سيدة إيامي، ولو أنَّ السيد سيل مازال على قيد الحياة لكان فخوراً بكِ جداً.

سكتَ السيد ميلاد لبرهة، نظر إلى الأرض ثمَّ رفع ناظريه إليّ مجدداً:
-أنتِ قويّة، سيدة إيامي، أنتِ قويّة للغاية. قلةٌ أولئك الذين يعرفون مامررتِ به، ورغم كلِّ شيء هاأنتِ ذا تقفين أمامي وكأنَّ ما من مكروهٍ قد أصابكِ قط.

رفع السيد ميلاد رأسه ينظرُ إلى أغصان الشجرة العالية بجانبه:
-لو رزقني الله بابنةٍ في المستقبل..

نظر السيد ميلاد إليّ مجدداً:
-فأنا أتمنى من أعماق قلبي أن تكون مثلكِ، سيدة إيامي.

لم أتفوّه بحرف، ولم ابتسم بل وقفتُ في مكاني أنظر إليه فحسب.

استدار السيد ميلاد عائداً إلى سيارته وأنا أراقبه بصمت وهو يتوجّه إلى ذاك الباب الضخم بخطواتٍ واسعة.

هبّت رياحٌ قويّة فسقط معطفي من على كتفيّ أرضاً، لكنني لم أحاول إمساكه حتى،  بينما تراقصت أغصان الأشجار بسبب تلك الرياح مصدرةً حفيفاً عالياً.

وصل السيد ميلاد إلى ذاك الباب الكبير فدفعه بقوّة ثم خرجَ مغلقاً إيّاه خلفه.

بقيتُ متسمّرةً هناك للحظات أراقب ذاك الباب الضخم المغلق ثمّ التقطت معطفي الذي أصبح متّسخاً بسبب مياه الأمطار التي غمرت عتبة المنزل، طرقتُ الباب ثمَّ استندتُ إليه وأنا أنتظر أن يُفتح وأشعرُ بداخلي فجوة عميقة بدأت تتّسع شيئاً فشيئاً.

..............................................

الفصل القادم سيكون أطول بكثير إن شاء الله

🌸🌸🌸

تصويت ❤️

أو تعليق 💬

سيعني لي الكثير 😍

فلا تبخلوا بذلك 😇

*سيتم تنزيل الفصل التالي يوم الأحد القادم*

الوريثة الوحيدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن