الفصل الثالث

305 74 30
                                    

حينما وصلتُ الطابق الأرضي للشركة عادت أنظار الموظفين إليّ وعمَّ الصمت من جديد.

كانت عيونهم تتفحص وجهي بدقة لتبحث عن أيّ آثارِ بكاءٍ أو علاماتِ غضب، الأمر الذي جعل السير بينهم متعباً إذ كانت نظراتهم ثقيلة، مؤلمة كسهام اخترقت جسدي بأكمله.

حاوتُ أن أدّعي القوة فأكملت المسير بصعوبة ولكن خانتني قدماي فسقطتُ أرضاً وسقط من يدي محفظتي وهاتفي.

لم يتحرك منهم أحد، ولم يتقدم أحد لمساعدتي، بل أخذوا يتهامسون فيما بينهم متجاهلين وجودي تماماً:
"مسكينة، لابدَّ أنّها قد علمت الأمر."
"ياله من مشهد دراميّ حزين!"
"يا إلهي! هل علينا الاتصال بالإسعاف؟ تبدو على وشك الانهيار."
"مثيرة للشفقة، سيتألّم جدّها لو رأها على هذي الحال."
" أظنها تستحق هذا، لم نراها بالشركة تعمل بجد من قبل."
"أنت محق، عاهرة مغرورة مثلها ستكون بخير حتماً!"
"أجل،لابدّ أنّها تملك الملايين بحسابها المصرفيّ."

لم أستطع أن أسمع المزيد فوقفت فوراً، مالَ جسدي قليلاً فكدت أقع من جديد ولكنني تداركت نفسي وتوجّهتُ إلى باب المدخل بسرعة دون أن أرفع رأسي أو التفت فلم ألتقط أيّاً من هاتفي أو محفظتي حتى.

ما أن خرجت من الشركة حتى لفحتني نسمات الرياح الباردة وأخذت قطرات المطر القويّة تلسعني لسعاً.

ولكنّي لم أبالي بالأمر  إذ رغمَ البرد اللّاذع كنتُ أشعر بالاختناق كما لو أنَّ يداً تحيطُ رقبتي، فلم اتجه إلى سيارتي بل رحتُ أمشي دون هدىً متجاوزةً مبنىً بعد مبنىٍ، قاطعةً رصيفاً بعد رصيف.

أخذت كلمات ليام تتردد في رأسي كالصدى دون توقف:
"أنتِ لم تعودي مديرة شركة زيد"
"أنتِ لستِ مؤهلة لهذا المنصب"
"لستِ سوى أميرة مدللة"
"فارغة"
"مهملة"
"غير جادة"
"مزيّفة"
"يمكنك الزواج بي فحسب"
"أنتِ تحبيني، أليس كذلك؟"

توقفتُ عن السير لوهلة، كانت مياه المطر قد أغرقتني تماماً فتبللت ثيابي بالكامل والتصق قميصي بجسدي وأضحى بنطالي ثقيلاً تقطر منه المياه أمّا خصلات شعري فقد تشابكت ببعضها مغطيةً عيناي.

رفعتُ رأسي فأخذت قطرات المياه تنهمر من على رأسي لتتجاوز جبيني فوجنتيّ، بدت كدموعٍ...
ولكنّها لم تكن.

عادت كلماته تتردد من جديد، كانت كالسمّ الذي أخذ يتفشّى بجسدي.

"أنتِ تحبينني، أليس كذلك؟"
'أجل، هذا صحيح. لقد أحببتك، لطالما كنتُ أحبك، لقد أحببتك منذ اللحظة الأولى، منذ اللقاء الأول، منذ أن وقعت عيناي عليك..لقد كنتُ دائماً أحبك.'

.............

ملاحظة: 

أكثر من 52 مشاهدة و4 تصويتات فقط؟؟؟؟؟

إنّ هذا محبط جداً 😔💔

أحتاج إلى دعمكم لإكمال هذه الرواية 😢

تصويت، تعليق أو حتى مجرد إضافة الرواية لقائمة القراءة الخاصة بكم سيعني لي الكثير.. 

أرجو الدعم فأنا أبذل وقتاً وجهداً وكلّ رجائي أن تستمتعوا بقراءة ما أكتب فلا تبخلوا بإعطائي رأيكم

❤️❤️❤️

الوريثة الوحيدةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن