٨^ الفصل الثامن ⋮ زكام نوفمبر

947 190 152
                                    

هنالك أشخاص يبدون أقوياء من الخارج، ولكنهم في واقع الأمر ضعيفين.. بقلبٍ هش يشتاق إلى من خذله.

لن يتكلموا عَمّن يفتقدوه ابداً، حتى أنهم سيتصنعون نسيانه! هذا ما نراه من الخارج اما الداخل فالأمر مختلف تماماً.

كحال من يتربع أرضية مسكنه الذي تعمه الفوضى، ينظر الى أحذية صديقه كلاي وروز، يبدو إن ما كان يحمل اجسادهم هو كل ما تبقى لماكسمليان.

عاد مجدداً ألى هذا المكان الذي غدى غريباً؛ لن يعود ألى ما كان عليه ورفيق سكنه قد رحل عنه تاركاً إياه مع مشاعر الوحدة والذنب، وكذلك معاتباً صديقه الذي خلف بوعده.

الوعد الذي قطعه الصغير كلاي لرفيقه، الوعد بالبقاء إلى جانبه ابداً.

ارينا، روز، كلاي وماكسمليان، أربعة اصدقاء وما تبقى منهم سوى الأخير برحيلهم عنه واحداً تلوَّ الأخر.

أربعتهم وعدوا بعضهم بالبقاء معاً مهما كلف الأمر، حتى وإن تخاصموا فلا بُد لهم من أن يعودوا كما كانوا، لكنهم نكثوا عهدهم...

حاول تذكر روتينه الخاص بشهر نوفمبر، فهو يحافظ على هذا الروتين منذ سنوات.. لكل شهر من السنة طريقة مختلفة للعيش؛ بهذه الطريقة سيتجنب بدأ كتابة الرواية فلا وجود لمثل هذه الرواية التي تتحدث عن شخص بروتين محدد لا يتغير.

وبذات الوقت يُغير خطة الروتين كل شهر لكي لا يتمكن الكاتب من إستغلاله ووضع أحداث وفقاً له.

خرج الى الطريق وتوجه إلى المكتبة المتواجدة بحيه فهذه طريقة عيش شهر نوفمبر ذا الرياح الباردة القوية، يكون ماكس تغلب الوقت بين الكتب، ثم يعود إلى مسكنه ليلاً ليعمل ثم ينام.

دخل المكتبة وجلس يقرأ كتبه المختارة منذ زمن:"ولأنني اعطف على نفسي كما تعطف أمي على جدتي المحتضرة، كنت أقول بنفس النية الطيبة التي تدفعنا إلى تجنيب أحبابنا آلامهم: اصبر لحظة اخرى، سيجدون لك دواء، كن هادئاً، لن يتركوك تتألم هكذا

Ups! Gambar ini tidak mengikuti Pedoman Konten kami. Untuk melanjutkan publikasi, hapuslah gambar ini atau unggah gambar lain.

دخل المكتبة وجلس يقرأ كتبه المختارة منذ زمن:
"ولأنني اعطف على نفسي كما تعطف أمي على جدتي المحتضرة، كنت أقول بنفس النية الطيبة التي تدفعنا إلى تجنيب أحبابنا آلامهم: اصبر لحظة اخرى، سيجدون لك دواء، كن هادئاً، لن يتركوك تتألم هكذا."

يقرأ وهو يعرف النص بالفعل، يعرف الكتاب جيداً حيث أعاد قرائته مراراً وتكراراً منذ رحيل ارينا وحتى الآن.. كتاب عن تلك الهاربة التي رحلت بدون تنبيه او وداع لائق.

لكنه لم يُكمله ابداً، سيتوقف بعد وصوله للمنتصف ككل مرة، لا يريد معرفة ما إذا كانت تلك الهاربة قد عادت.

من يرحل بدون سبب لا يحق له العودة حتى وإن كان لديه سبب.

هذا ما كان يقوله لنفسه دائماً إذا ما تذكر صديقته ارينا، هي لن تعود، وإن عادت يوماً ما فلن يسمح لها بالأقتراب منه..

صبي التاسعة صدَّ عن الطعام لأيام رافضاً تناوله حتى تأتي صديقته لكنها لم تأتِ، بكى كثيراً، ذهب الى منزلها ونادها بأعلى صوته لكنها لم تخرج.

جاء نوفمبر و قد مرت أسابيع على رحيلها ومع ذلك فماكس يذهب الى منزل ارينا كل يوم منتظراً الهاربة خاصته.

يجلس في حديقة منزلها بذلك المساء البارد، قاطع وحدته التي لم يخترها كل من كلاي وروز الجالسة بمقعدها المتحرك.

"ماكس، توقف عن هذا. الجو يزداد برودة يوماً بعد يوم" نطقت شفتا الصغيرة روز

ليرد بكل قوته إلا إن حبال صوته المتجمدة لم تساعده برفع صوته "اذاً لِمَ اتيتما؟ عودا وأنا سأعود ما إن أرى ارينا وأوبخها"

"ارجوك، هي لن تعود" قال كلاي متمنياً أن يتوقف صديقه عن أذية نفسه لينهض ماكس ويدفعه "لا تقل هذا! ستعود، انا أعلم هذا!" ثم جلس على الأرض واضعاً يديه على عينيه ماسحاً دموعه التي تحدته بالنزول ضد إرادته.

"ارينا ستعود.. أليس كذلك؟" أردف بين شهقاته لينزل كلاي الى مستواه "لن تعود، لكننا هنا معك.. انا وروز سنبقى دائماً معك ولن نتركك ابداً"

أبعد يديه عن عيناه ونظر لهما "أتعدوني بذلك؟" ويرد عليه المعنيان بالإيجاب.

عجيبة هي فصول السنة، وكأنها رواية بحد ذاتها. كلما تتبدل الفصول تتبدل المشاعر معها؛ كلما تمطر، تُثلج، تشتد اشعة الشمس أو تهب الرياح، ستأتي معهم الذكريات المرتبطة بهم.

ونوفمبر لم يكن ذو ذكريات سعيدة بالنسبة لماكسمليان.

"ان كل رجل له طريقته في مواجهة الخديعة، كما ان له طريقته في مواجهة الزكام."

توقف عن القراءة هنا، أغلق الكتاب ليرى زكامه الخاص جالس أمامه، ارينا.

××××

*الكتاب المذكور هو "ألبرتين المختفية" او "الهاربة" للكاتب مارسيل بروست.

واللي قرأته اكثر من مرة وما قد كملته..

المهم، وش رأيكم بالبارت؟ أي آراء، توقعات؟ او نصائح؟

ماكسمليان: الذهان الكبريائيTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang