(١٧)

924 52 4
                                    

عندما تقررُ أن تمتهن مهنةً كالطب عليك أن تؤمن بأنكَ تكرسُ حياتك لغيرك، بأي لحظةٍ وأينما كنت حينما يناديك واجبكَ المقدس عليكَ أن تهرعَ إليه دون كللٍ أو تململ، وهذا ما تؤمن به نور واستطاع آدم أن يتفهمه مرغماً، مساء هذا اليوم وحين استقلالها السيارة لعودة إلى المنزل بعد انتهاء عملها في المستشفى رن هاتفها فأجابت المتصل لتهتف بها امرأةٌ بجزع

(( ساعديني.... زوجي يموت !!)) استطاعت بعد جهدٍ أن تستمع إلى العنوان من المرأة التي لم تكف عن البكاء وانعطفت بسيارتها للذهاب إلى عنوان المنزل التي أملته لها المرأة وبعد مدةٍ وجيزةٍ وصلت وترجلت عن سيارتها بعد أن توقفت أمام ذلك المنزل البسيط ذو السقف القرميدي الذي تحوطه أشجار الزيتون من كل صوب.
 اختفى القمر خلف السحب الرمادية التي على وشك التخلص من ثقل حملها، وتقدمت نور عبر البوابة الحديدية على الممر المرصوف بالحجارة والذي تتدلى من فوقه بعض أوراق العريش المائلة للاصفرار والمتساقط معظمها، حتى وصلت ناحية الباب الخشبي الموارب، طرقت الباب فاستجابت لها فوراً امرأة بالعقد الرابع من عمرها وهي تلطم صدرها وتقول بحزن جلي :إنه بالأعلى سقط مغشياً عليه..
استمعت لها ثم اندفعت إلى  الطابق العلوي وخطت داخل الغرفة التي أشارت ناحيتها المرأة لكنها توقفت  بغتةً...

لا يوجدُ رجلٌ مغشي عليه ! جالت ببصرها تلك الغرفة عندما وقع بصرها على ذلك الرجل الذي يجلسُ على الكرسي ويدير لها ظهره ! تقدمت أكثر لتستبين بهذه العتمة  لكنها أجفلت عندما تم إغلاقُ الباب وإقفاله بالمفتاح، استدارت بهلعٍ ناحية الباب الموصد وحركت المقبض بعصبيةٍ وبدأت بالصياح لكنها لم تتلقى إجابةً منها وكأن المرأة قد تبخرت، بعد لحظاتٍ سمعت صوته يهمسُ بعد أن صار خلفها مباشرةً:
- أهلاً بالدكتورة .
                                                                          ************

وكما الجبال متباعدة... هناك قلوبٌ أشدُ تباعُداً اللهُ سبحانه خلق التراحم والمودة بين البشر، لكن بعضهم خلع الرحمة من صدره واستبدلها بالطمع والغدر، كانت اليسا تود لو تلتمسُ رحمة ساهر واشتياقه لها،  تتمنى الو أنه جاء ليحميها ليكون بجانبها ويساندها لاجتياز ما مرت به.
-ليتك لم تعد.
  نطقتها بعدم تصديق وهي تتطلعُ بشقيقها الوحيد بعدما طالبها ببيع الفيلا والمعمل  بل وجميع ممتلكات والدها، هزت رأسها بعدم تصديقٍ وكأنما قام بصفعها بقوةٍ بقراره
- لم يجف تراب قبريهما بعد!!

قالتها بألمٍ فأجابها بلا مبالاة: رحمهما الله، الحي أبقى من الميت، أحتاج عمولةً لسد ديوني وتطوير أعمالي، بكافة الأحوال لن أستطيع إدارة المعمل هنا كوني ولا داع لزيادة الخسائر أكثر "

- وأنا!؟

-لديكِ عملكِ الخاص، و منزلٌ صغيرٌ يكفيكِ ما الذي ستفعلينه بفيلا من عشرة غرف!  ثم سأتركُ لكِ السيارة أو خذي اثنتين.

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))Where stories live. Discover now