٢٥-|زَواج|

2.8K 226 168
                                    

«أن تنتصر بطريقة مُخالفة لمبادئك فذاك لا يُعدُ نصرًا!»

جميعُنا جربنا الكسر وتذوقنا مذاقهُ الصدئ، شعِرنا بنصل خناجرِ الأقربون تستهدف ضهورنا، وأحترقنا بنيرانِ خُذلانهُم ألف مرةٍ، وكُل ما عاودتنا الذكرى تتجدد رغبة القصاص نحترق فنحيى من مثاليين إلى ضواري تتسيد عرش الشراسة بغابة الحياة، ننصبُ الفخاخ، ونتصيد الفُرص، ننتقم، نغمض أعيُننا بنشوةٍ الأنتصار شاربين الدماء بكأسٍ فاخرة حتى نثمُل، حسنًا مُبارك، تصفيق حار، وأنبهار بآداءٍ أسطوري، لقد تمت المُهمة على أكمل وجهٍ والحقّ عادَ لصاحبهِ، الآن إغلق باب غُرفتك وأنظُر لنفسك بالمرآة، فترتعب، ذلك ليسَ أنتَ! تبحث عن مثالية دُهست بأقدام الحياة، تُفتش عن روحٍ نزيهة فتجدُها مُمزقة بين أنيابُ الخذلان، وبتهالُك تجدُ نفسك عائدًا لنُقطة الصُفر! فمهما أرتدت رداء الضواري ولعبت بغيرِ شرف تعود لأصلك؛ حيثُ نصفكَ البشري يستغيث للخروج، يبكي لا يودُ الغرق بأوحال ديستوبيا الواقع، نظرت لذاتها بالمرآة جامدةُ التعابير خاوية الروح وعقلها يتسائل ألفًا "لما لا تفرحي بلذة الأنتصار!" وألفًا تُجيبهُ بالصمت فلا جوابَ لذاك السؤال، أغمضت عيناها فتتمرد على القسوة دمعة، تمحيها بعُنف فالضواري لا تبكي، القُساة لا ينحنون بمعارك العاطفة وهي قتلت عاطفتها منذُ ردحٍ طويل، حدقت ببنطالِها المُبتل بأثر سقوطِ قهوتها الساخنة عليها دونَ وعيٍ منها وعاد عقلُها يتسائل سؤالًا جديدًا "لما الرُعب؟" فيُجيبهُ القلب مقاومًا كُل حربٍ تُقام عليه للسكوت "أليسَ هو من دمي؟" غسلت وجهها بقوة وهي تتنفس بعنف تصرخ بقلبها أن يصمت فيُعاود الصُراخ مرة أخرى والعقلُ يستذكُر القُنبلة التي تفجرت فوق رأسها:
-محمد السيوفي يُعلن أفلاسه يوم أمس!.

تبسمت بنصر ولن تدوم نشوة الفرح سوى خمسُ ثواني، حيثُ واصل القول بما ألجمها:
-وتعرُضه لحادث مروع أدى إلى شلل قدميه عند عودته من عمله الى منزله في أنجلترا.

زاغت عينيها بصدمة، والنصرُ يتبخر، وشرارة النشوة تخبوا، تخدرت يديها ودونَ وعيٍ منها كانت أصابعها ترتخي تنفك فيتهاوى القدح للأسفل ينسكب منهُ سائل القهوة فوق قدميها، فينتفض زوجها واقفًا بقلق، يحتل الرُعب مُقلتيه:
-إيه اللي جرالك؟.

التفت لهُ بتوهان تُجيبه والإدراك ما زال واقعًا بوضعِ الصدمة:
-لأ لأ مفيش حاجة.

صرخ بأنفعال وهو يمسك يديها يوقِفُها:
-هو إيه اللي مفيش القهوة سخنة وأتدلقت عليكِ.

عقدت حاجبيها بغرابة والصدمة خدرتها، أحتلت جميع مراكز الوجّع فأصبح كُل وجّع وكُل ألم صفرًا على شِمال تلك الفاجِعة:
-قهوة!.

أنتابهُ قلقٌ مُضاعَف وهو ينظُر لها ثم لوالدتهُ الدامعة وأخيرًا أبيه الشاحب:
-القهوة اللي أتدلقت عليكِ!.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.Where stories live. Discover now