٢-|كارما|

1.8K 205 204
                                    

(إعتذاري الشديد للتأخير، بس كُنت برا البيت طول النهار، أسيبكم مع الفصل).

فوق رُقعةٍ ما إصطفت جيوش الهوى كقِطع شطرنج يتبارزُ فوقها "أبيض" القُرب مع "أسود" البُعد، لا أحد يعلم من منهُم ينتصر؟ من يدوم؟ ومن يرفع راية النصر فوق ناحية الخصم، في مُبارزة مُتكافأة الطرفتين كان البُعد ينتصر فوق رُقعة الحُب بجدارة، يحتل الفؤاد بسوادهِ، يُعذب الروح بغاراتهِ كُل ليلة، ويُميتُ الشعور ببُطء حتى يُصبح الإنسان كآلي يتحرك دون شعور، للبُعد شعورٌ قاسي، مؤلم، وموجِّع يُبحر بنا بمراكب الذكرى ثم يرمينا ببحرِ الشوق فنغرق، ولا ننجو، يستمر صراع الفُراق مع الوِصال إلى أجلٍ غير معلوم، حتى يموت الجسد أو... تحدُث مُعجزة لُقاء؛ رنين هاتفه بأسم شقيق حبيبة الفؤاد يرن دون توقف منذُ دقيقتين وهو يكتفي بالنظر إليه والعينان غلفهُم شجن وحنين لكُل شيء قريب منها ويخُصها، يفتح الخطّ ويصمُت، بأنتظار صوت أخيها أن يروي قاحل روحه لقطرة غيثٍ من أي شيء يحملُ قُربها، بعد أن أتاهُ صفير مُستفز من الجهةِ الأُخرى كعادة دائمة لأستفزازه كسر صمته بسؤاله الحانق:
-عاوز إيه يا زفت؟.

أتاه صوت جاسر مرحًا كالعادة، وسعيدًا بوضوح:
-زفت أما يزفتك.

حذرهُ بغضبٍ كاذب، يُسلسل الحنين الذي تدفق بقيود التعقُل:
-لم لسانك يا حيوان.

واصل الكلام مازحًا، بنبرة صوتٍ لم يختفي منها السرور:
-أبو دومة، دومة، ابو الأوادم في خ...

أغلق الخط بوجهه ورمى هاتفه جواره عائدًا لعمله، ولسانه يُتمتم بغيظ كبير:
-مش هيعقل أبدًا، عقلُه وعقل ولاده مفيش أختلاف بينهم أبدًا.

رن هاتفه مرةً أخرى لكنهُ تجاهلهُ، وبعد ثواني رن بنغمة مسج فرفعهُ نُصب عيناه بغيظ، غيظ تبخر وحل محلهُ لهفةٍ سعيدة فور مرور عيناه على الحروفِ أمامهِ:
-"يعني مش عايز تيجي تشوف بنتي!".

هب من مكانه واقفًا بسعادة لا مثيل لها يُعاود الأتصال بجاسر، وفور أن فتح الخط بادر القول بسعادة وبهجة؛ بهجة نادرةُ الزيارة لعينيه وقلبهُ:
-جاسر.

أتاه سؤاله الجاد:
-مين معايا؟.

تسائل بحنق رُغم لمعان عينيه:
-يا زفت يارا ولدت بجد؟.

تسائل بغباء:
-يارا مين؟.

ضحك رغم حُنقه وغيظه منهُ:
-أنطُق يا زفت.

قال بسماجة:
-عفوًا الرقم غلط.

وأغلق الخط بوجهه، مما جعلهُ يعظ على شفتيه بغضب منهُ، وهو يعبث بهاتفهِ مرةً أُخرى ليتصل على مروان يتسائل ما إن كانت شقيقتهم عنده، فيُجيبهَ بلى، حينها أغلق الخط وخطف مفاتيحه دون تردد وأنطلق بسيارته الى شقيقتهُ الغالية ودقات فؤاده تدوي بالأرجاء سعيدًا لزيادة عائلتهُ فردًا، خلال دقائق كان يدلف غرفة يارا مسرعًا، يمنحها بسمة حنونة لم تطمسها قسوة زمن، يميل مقبلًا جبينها بحنان أخ وأب:
-حمد الله على السلامة يا حبيبتي.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.Where stories live. Discover now