٣٠-|لا أُريُدُ أطفالًا!|

2.7K 253 166
                                    

تُهدينا الحياة دومًا طوق سعادة نتشبث بهِ بإقصى قوانا، تُهدينا هُدنة بسيطة ومن بعدها تغمُرنا بمياهِها المالحة حد الغرق، حد الإختناق، تُهديك بيدها اليمين وتنتشل ما أعطتكَ إياه بيدها اليسار؛ للحياة قانون قاسي لنعِش علينا أن نخضع لهُ مُكرهون، مُجبرون، الخيارات جميعُها مُحتكرة بخيار واحد "التعايُش"، فلا حيلة لنا غير الإستمرار بتيارِها ولا سبيل لنجاة سلامُنا المؤقت من جلداتِها التي لا تُعد ولا تُحصى، نتغافل دومًا عن إن "دوامُ الحالِ من المُحال"، وإن السير على طريقٌ واحد أُمنية مُستحيلة لا تُحقق؛ جالسة على كنبتِها الناعمة، جِوار النافذة والقمر يعكس ضياءهُ على وجهها، تُمسك بين يديها إحدى الروايات وعلى جسرِ أنفِها إستقرت نظارتها الشفافة، تبسمت بحُبٍ حين باغتها بقُبلة خاطفة على وجنتها ومن بعدها أرتمى بثُقل جسده جوارها، فأغلقت الكتاب ببساطة وأبعدت نظارتها وألتفتت إليه؛ وصدق حدسُها حين وجدتهُ ينظُر لها مفتونًا، عاشقًا... ومُغرمًا، لكن اليوم نظرتهُ بها شيء مُختلفة، يودُّ أن يُفاتحها بموضوع لكنه لا يقوى، تبسمت بحنو وحركت شفتيها بصوتٍ ناعم تحثهُ على الكلام:
-باين إنك عاوز تقول حاجة، إتكلم سامعاك.

تبسم ببساطة، ثم أسترسل القول بهدوء وتأني، ينتقي حروفَ كلماتهِ حرفًا حرفًا:
-أنا هتكلم طبعًا، بس قبل أي حاجة عاوزاكِ تعرفي إني مُستحيل ولا يُمكن أبدًا أجبُرك على أي حاجة ومهما كانت تعمليها أو أسيبك تعمليها غصب عنك ...

تبسمت بقليل من المرح رُغم التوجس الذي أحتلها:
-ربنا يخليك يا سيدي، أتفضل قول.

حمحم بهدوء وبعد ثانيتين من الصمت، تحركت شفتيه بأعتراف هادئ:
-بصراحة، من ساعة فرح حور وآسر وأنا دماغي بيفكر بحاجة كده لما دُختي.

تلقائيًا أحتل ملامحها جمود غريب، فبنسبة كبيرة فطنت لما سيقول، على ما يبدوا هو ذاتهُ الموضوع الذي سألتهُ عنها حماتها عندما رأت ملامحها الشاحِبة وقتها:
-وإيه هو؟.

عض شفتيه قليلًا وعيناه لمعت بوهجٍ غريب آلمها، وباغتها بقوله المُتخم بالمشاعر الجياشة:
-هو مُمكن تكوني حامل؟.

تبسمت بتهكُم بعينان جليدية، وبعد ثانيتين أتاهُ الجواب مُقتضبًا، باردًا، جافًا لا مشاعر بهِ ولا حياة:
-لأ، وقبل ما تكمل أنا مُتأكدة ...
حمحمت هذهِ المرة بحرج حقيقي وهي تقول:
-من إسبوعين كده كُنت أحم... أنتَ فاهم بقى.

قالتها بحرج كبير فتبسم ببساطة:
-أيوة أيوة فاهمك، عارفة ...

همهمت بهدوء، فألتقط يدها تلقائيًا، يُشاركها الحديث عن أمانيه، وشغفه الوحيد:
-بأتمنى من أعماق قلبي إن أسمع الخبر ده قُريب أوي.

قاسية أرهقت قلبي. لـ|هايز سراج|.Where stories live. Discover now