3

1.6K 18 1
                                    


# لمْ أَزَلْ أمشي
وقد ضاقَتْ بِعَيْـنَيَّ المسالِكْ .
الدُّجـى داجٍ
وَوَجْـهُ الفَجْـرِ حالِكْ !
والمَهالِكْ
تَتَبـدّى لي بأبوابِ المَمالِكْ :
" أنتَ هالِكْ
أنتَ هالِكْ " .
غيرَ أنّي لم أَزَلْ أمشي
وجُرحـي ضِحكَـةٌ تبكـي،
ودمعـي
مِـنْ بُكاءِ الجُـرْحِ ضاحِـكْ !#

لـ أحمد مطر،.

وصل مدينة العين بعد أن اعاد ترتيب أعماله وحل بعض الأمور الشائكة فيها .. وقبل أن يصل لمنزل عمته مر على محل باسكن روبنز وطلب لشقيقته ايسكريم الفستق الذي تحب ..
كان يريد رسم البسمة على شفتيها .. فهو حقاً مقصر في حقها
كان لابد أن يعطي قليلاً من وقته لها .. فهي ليس لها الآن إلا هو ..
شقيقها وسندها في الحياة ؟؟!!!
حتى مع وجود عمتهم العزيزة وجديهما .. وعائلة والدتهم ..
الا انهما في الأخير أشقاء وليس لهما سوى بعض ..!!

دخل باحة منزل عمته بسيارته المرسيدس جي ففتي فايف .. وأوقفها في المواقف المظللة

في الداخل

كانت أم العنود تبخر البيت بالبخور ذو الرائحة المعتقة الفخمة .. وترتب أطباق "الفواله" ودلال القهوة والشاي ..
(الفواله هي سفرة او صينية توضع في المجلس او الصالة، وتكون مع القهوة وفيها التمر او الرطب، الفاكهة، والاكلات الشعبية من هريس وثريد ولقيمات، وأيضا الكيك والحلويات الأخرى)

هتفت بنبرة اشتياق بالغ: موزانة وينه أخوج تحير ..
(تحير = تأخر)

وضعت موزة سلة الفواكه قبل تأشر بيدها على قرب قدومه
ما أن انتهت موزة من الإشارة حتى سمعوا صوته: هوووود هوووود
أم العنود: هدا هدااااا فديتك .. تعال ما من غريب هنييه ..
(كلمة محلية تُستخدم كـ تنبيه عند دخول المنزل ويستخدمها خاصة الرجال لتنبيه النساء ليتسترن .. ويُرد على الكلمة بـ "هدا" أي تفضل فالمكان مفسوح لك)

دخل بطوله الفارع وطلته الجذابة المشبعة بالرجولة .. وقال بابتسامة دافئة تقطر شوقاً:
سلام عليكم يا هل البيت ..

ولم يشعر إلا بفتاة تركض نحوه وترتمي بأحضانه بقوة

قهقه حارب بـ حب أخوي: هههههههههههههههه موزااااانه يالدبة كسرتيني
تشبثت موزه بأخيها وهي تبكي بصمت

كانت تبكي شوقاً
كانت تبكي وجعاً
كانت تبكي فقداً

هذا ما عرفه حارب عندما شعر بارتجافة جسدها الصغير بين يديه

رفع رأسها وقال بعينان تنضحان حنان متفجر: حبيبي موزانة شحقه تصيحييين ..؟!!
وأردف مداعباً وهو يحتضنها بقوة رقيقة: كل ها شووووق ..!!!

هزت موزة رأسها "بـ نعم" وهي تمسح دموعها بظاهر كفها الأيمن ..

ضحك حارب وهو يقبل رأسها .. واستدار لينظر لتلك الغالية التي اعتنت بهم بعد أن فقدوا شمعة حياتهم "والدتهم"

لمح أم العنود وهي تمسح دموع سقطت لحال موزة المثقل بالآسى ثم تقول بنبرة مبحوحة أليمة: علني ماذوق حزنك يا ولديه تعال يالغالي ولهت عليييييك

اقترب حارب من عمته مقبلاً رأسها وكفها .. ثم احتضن كتفيها هامساً ببسمة كانت رغماً عنه "ذابلة": ولا ذووق حزنج عموه وانا والله ولهت عليكم كلكم .. اشحالكم شعلوومكم ؟!!

مسدت أم العنود شعر موزة التي ما زالت متشبثة بأخيها وردت: والله طيبين ما نشكي باس يا قلبي
ثم ضربت وجنتها بتذكر متأخر: اووه صح تقبل الله طاعتك
ضحك حارب ورد بحبور: ههههههههههههه منا ومنكم صالح الأعمال

جلست أم العنود ليجلس معها حارب وموزه .. وتحدثت بشوق جارف: خبرني شو سويت ؟ كيف كانت عمرتك ؟
متى رديت ؟ عنبووه ساير وما تخبرناااا ؟ انت ما تخيل يعني بالصدفة اعرف ومن موزه هب منك عيب عليك والله

حارب: ههههههههههههه عموه كلتيني شوي شوي عليه الحمدلله العمرة كانت خفيفة وما تعبت تمنيتكم ويايه والله
رمقته عمته نظرة عتب: لو تبانا وياك جان قلتلنا هب تختفي جيه مرة وحدة ..!!!
تنهد حارب بعمق وابتسم: المرة اليايه إن شاء الله بوديكم ويايه ولا يهمج
أم العنود: إن شاء الله
ونظرت لموزة وأضافت بابتسامة: ها موزانه ارتحتي الحينه ..!!! .. هاذوه حارب رد بالسلامة
وأردفت وهي تنظر لحارب: كانت مستهمة عليك حتى أكل ما تاكل شرا الخلق والناس
ومن سرت انت ما سارت هي مواعيد الدختر ..
(الدختر = مستشفى)

حارب وهو يعطي موزة نظرة عتب: ليش موزوووه ..؟ يعني تبيني ازعل عليييج ..!!!
على شو متفجين نحن ..!!!
عدلت موزة جلستها ثم امسكت قلم حبر وكتبت في كف حارب بيد مرتعشة: يوم تروح عني تضيج الدنيا عليه ألف مرة فوق ماهي ضيجة
إلتمعت عينا حارب بعاطفة جياشة متأثراً بتلك الكلمات وهمس بخشونة: ما بسير عنج مكان ان شاء الله
خلاص انا هنيه عندج ..
ثم أضاف بعد ان قبل رأسها: سامحيني فديتج ادري مقصر وياج وايد ..

هزت موزة رأسها بـ لا لتنفي ما قاله عن نفسه ورجعت تتشبث به كطفل وجد أمه بعد غياب طويل

أجل فـ حارب هو كل عائلتها بالنسبة إليها الآن

ابتسم حارب بنظرة تنبض شقاوة: منو يبا اسكرييييم ..؟؟؟
تهللت اسارير موزة وألتمعت عيناها وهي تهب من مكانها بسرورٍ جم ..

ضحك حارب وأعطى شقيقته كيس الايسكريم
فأخذته بحماس منه وشرعت بأكل نصيبها ..

كان حارب ينظر لها بنظرة حنان جارف مبطنة بأسى/ألم على حالها ..
على حال شقيقته التي فقدت حاسية النطق منذ أن رأت أباها يقتل أمها في ذلك اليوم المشؤوم
شقيقته التي عجز الأطباء منذ سنين عن معالجتها .!!!

كانت موزة تعاني البكم المدرج تحت الحالات النفسية لا العضوية
أزمتها النفسية لم تتحسن بالرغم من مرور أربعة عوام وأكثر على الحادث
ولم يستطع أحد إخراجها من أزمتها حتى اليوم ..!!!

موزة
يا زهرة تفتّحت في ظلمات روحٍ مفقودة ..!!!

كم يشتاق للسانها الطويل ..!!
وصوتها الحاد الشقي
وصراخها المزعج المحبب للقلوب ..!!

آهٍ يا مدللة أبا حارب .. كيف وصل بكِ الحال هكذا ..!!!!

جاءه صوت عمته الدافئ: حارب فديتك
ما قلتلي متى بتروح راس الخيمة عسب تسلم على يدك ويدتك ؟!!
تنحنح حارب بغلظة .. وقال: بروح إن شاء الله في الويكند
تخاوينيه موزانة ..؟؟

هزت موزة رأسها بإيجابية وبسمة جذلة تطفو فوق ثغرها ..
حارب بنظرة دافئة: خلاص بخطف عليج إن شاء الله عصر الخميس
بشلج وبنروّح ..
أردف وهو ينظر لعمته: عموه ما بتخاوينا ..؟!
وبالمرة أوديج سوق اليمعة في مسافي ..
تحبين تتمشين هناك انتي
فكرت أم العنود ثم قالت: تصدق يبتها والله
طفرت من يلسة البيت ابا اشم هوا ..

وقف حارب ثم وضع يده داخل جيبه .. وقال: خلاص تزهبن وبالخميس ان شاء الله بخطف عليكن ..
أم العنود بدهشة: وين وين ..!!!
حارب بحزم ودود: هنيه جريب .. بخطف شويه صوب ميلس بوسعيد .. بسلم عليه وعلى عربانه قبل لا يأذن المغرب

رمقته موزة بحزن وامسكت بيده وكأنها تقول "لا تذهب"

مسح حارب خد أخته بحنان وقال مطمئناً اياها: حبيبتي ما ببطي بس بسلم عليه وبردلكن ان شاء الله ..
ولا ما تبغني اتعشى وياكن ..!!

أم العنود بـ دهشة باسمة: صددق ..!!
ابتسم حارب ابتسامته الرجولية الجذابة لحسناوتيه: هيه صدق ..
يلا بخليكن ..

اسبانيـــــا
حديقـة الـريتيرو


كان جالسا أمام البحيرة ويطعم البط بابتسامة خافتة تنم عن تفكير شارد وعقل ضائع في غياهب ذكريات جميلة


في إحدى مراكز أبوظبي التجارية

كان غاضباً من صديقه المستهتر المنفلت وراء الفتيات: ذيابوووه يالهرررم عن قلة الحيا والمصاخه خل بنات خلق الله ف حالهن ..
عيب اللي تسويييه ..
أعطاه ذياب ابتسامة متسعة ماكرة وعيناه تلتقطان أية "عباءة سوداء": يا ريااااال فج شوي وفرفش حشى يابوك ما تخلي الواحد يسترزق ..
عبيد بذات نبرته الغاضبة المستنكرة: ذياب يعلك الدحق نزل عيونك لا افقعهن لك

فجأة أحس برائحة أنثوية تنتشر حوله .. وسمع ضحكة ناعمة مغرية تتبعها همس فاتن:
يخرب بيتك مغواك .. عطني رقمك يا حلو دخلت مزاجي ..

إلتفت بعينان تتسعان استنكاراً/احتقاراً للفتاة الوقحة .. وما إن لمح طرف عبائتها الضيقة المفتوحة حتى ادار وجهه للجهة الأخرى هاتفاً بصوت عالي قاسي محتقر: غربلات مذهبج يا الهايتة .. سيري سيري الله يستر عليج
سيري قبل لا امردغج الحينه ..
اطبقت الفتاة شفتيها بغضب مكتوم من تكبر/وقاحة هذا الوسيم: مالت عليك وعلى ويهك
وذهبت بعيداً عنهم بخطوات غاضبة شاعرةً بالإهانة/الذل ..
بعدها انفجر ذياب ضحكاً: ههههههههههههههههههههههههههههه حلوووووة يا عبيد حلووووووووة
يا ريال قصفت أم أم يبتهاااااا ههههههههههههههههههههه

غمغم عبيد بعصبية شديدة: يالسخيف جب .. هالاشكال ماتيي إلا جيه أصلاً ..
اكمل ذياب ضحكته قائلاً بـ هيام متسلي: هههههههههههههههه اسميها غزااااااال .. يالخبل جيف خليتها تفلت من ايدك ..!!
جره عبيد بذات عصبيتهه مجيباً باستنكار مغتاظ: غزال في عينك يالطفس .. امش امش جدامي خل نلحق على الفلم قبل لا يبدا ..

ابتسم لتلك الذكرى بشوق موجع لصديقه العزيز

عبيـــد

يا عزيزاً فجعت الناظر/الخافق بظلمة غيابه ..!!!!
أمن العدل أن تذهب هكذا من غير أن أودع وهج عيناك ..!!
أمن العدل أن أكون بعيداً عنك وأنت تتلفظ أنفاسك الأخيرة في هذه الدنيا ..!!!
أمن العدل يا بشر أن لا أكون انا من يلقنه الشهادتين قبل أن تصعد روحه لبارئه ..!!!!

تعـــال يا عبيد
تعــال يا عضيد الروح ..!!
تعال لترى كيف اصبح حالي من بعدك .. لأقول لك انني لا أفعل الآن إلا كل ما كان يسرك ..!!!!

تعــــال
فقـــــــــــط تعــــــــــــال ..!!!

وضح كفيه على وجهه المحتقن بسبب الانفعال .. واخذ يردد الإستغفار مئة مرة علّ دقات قلبه تهدأ وتترفق بروحه المتألمة ..

قهمس بنبرة شبه مسموعة: استغفر الله العظيم وأتوب إليه .. قدر الله وماشاء فعل
الله يرحمك يالغالي ويجعل مثواك الجنة ..

أمسك هاتفه المحمول واتصل بـ شقيقته ..
أتاه صوتها الرنان الذي يوحي باستمتاعها التام بوقتها:
هلااا ذيااااب، وييينك ندور عليييك ..؟؟؟

رد ذياب بصوت مبحوح يحاول إخراجه بحزم: هنيه أنا هب بعيد عنكم
سرت اتمشى صوب البحيرة اللي فيها نصب الملك ألفونسو ..
ناعمة: خلاص بشتري غدا حقي وحقك وبيي اتغدا معاك
ذياب بحزم ودود: لا فديتج خلج مع بناتج وربيعاتج
ناعمة بنبرة غضب رقيق: اقول استريح بس وقولي شو في خاطرك تاكل
ابتسم ذياب بخفوت قبل ان يجيب وهو يخرج آلة التصوير ويصور نصب الملك الفونسو وهو على جواده: زين خبريني شو عندهم من أكل ..!!!

هنـــــاك
فـي مكــــان بعيـــــد

هو يكره أن يجهل أموراً خارجة عن سيطرته .. ولم يستطع كبح توتر صوته وهو يقول: أنت واثق من الناس اللي بنتعامل معاهم في اسبانيا ..!!!
الأعجمي بنبرة خبيثة غير مريحة: أجل أثك بهم كثكتي بك وبإخلاصك لنا
أليس كذلك..!!!
(أجل أثق بهم كثقتي بك وبإخلاصك لنا أليس كذلك ..!!!)

بلع الرجل ريقه ببطئ وقال بنبرة مهتزة مضطربة: أ أ أ أ صح صح
بسسسس يااا آندي
قاطعه آندي بخبث صرف: هل أنت خائف ؟؟
رد الآخر بنبرة أخرجها بثقة مزيفة: أ أ أ لا لا بس انا من عادتي أفكر وايد
دونت ووري آندي .. واذا حددتوا موعد الاجتماع كلمني
آندي بنبرة الخبث ذاتها: هسنا هسنا سي يو (حسنا حسنا سي يو)
الآخر بتوتر واضح: سي يو

قال في نفسه بعد أن اقفل الخط: ياربي أنا شو خلاني اتورط مع هذا .. اخاف عقب يحط السالفة كلها عليه وانا اللي آكلها بروحي
اففففففففففففف
أشعل مدواخه وأخذ يفكر بقلق مضطرب عميق كيف يتمم الصفقة من غير خسائر ممكنة ..!!!!

مجلس خويدم بن زايد الجد

بصوت رجولي رنان: هوود هووود ياهل البيييت
أتاه صوت الرجل المسن ذو الخامسة والسبعين سنة بوقار وثبات:
جرب جرب يا ولد محمد حيااااك ..

دخل وهو يهتف بصوت رجولي رنان: السلام عليكم ورحمة الله ..
رد الجد خويدم وابنه عبدالله (أبا سيف) وأحفاده الصغار وبعض من أصدقاء العائلة: وعليييكم السلام ورحمة الله

سمع حارب السلامات والترحيبات من كل جهة وهو يمر على كل رجل ويسلم عليه

حتى وصل للرجل المُسن ..

ما أن رآه حتى ابتسم ابتسامة صافية ودودة .. وهبط قليلاً بقامته لـ يقبل رأسه وكتفه اليمنى هاتفاً بنبرة دافئة: علني افدا ثراك يا بوسعيد ..
اشرقت تقاطيع وجه الجد ابوسعيد بـ حب خاص لهذا الشاب وهتف بصوت عالي مبحوح: حي ذا الشووووف حياه
تو ما انورت الدار فـ ذمتيه ..
حارب بذات النبرة الدافئة: امنوره بك طوليه بعمرك ..
اشحالك الغالي شو صحتك ..؟!!
ربك إلا بخييير ..!!

أبوسعيد ببحة تعمقت بجذورها مع تعمق سنين عمره: بخييير وعافية الحمدلله رب العالمين
ما نشاجي باس اشحالك انت وشحال هلك وعربانك ..؟؟
حارب بود دافئ: كلهم بخير وسهالة يا عميه بوسعيد ما يشاجون باس ..
لكز أبو سعيد حفيده خويدم بعصاته آمراً اياه بحزم صارم: يا ولد قم صب الاقهوه حق عمك حارب ..
وقبل أن ينهض خويدم
أوقفه حارب بنبرة حازم ودودة: لا والله محد يقهوي بوسعيد غيري
اقعد يا خويدم ..
صب لأبا سعيد فنجاناً من القهوة وصب لجميع الحاظرين كذلك ..

ما أن اكتفوا بهز الفناجين حتى عاد للجلوس بقرب الرجل الكبير العزيز على قلبه

لكن هذه المرة دار الحوار بينه وبين أبا سيف الذي أردف بالحديث عن أحوال حارب وأعماله وحياته العملية ..

اعترف حارب لنفسه إنه افتقد هذا الجو الحميمي الذي انبعث من حديث الجد وابنه عبدالله

وتذكر مع تدفق طيبتهم .. والده الطيب ..!!!!

بالفعـــل هـــو مفتقـــد لكــل هــذه المشـــاعر ..!!!!


أبوظبـــي

بعد أن صلى المغرب جماعة في المسجد مع سلطان وافترقا .. تذكر بأن هناك ملفات ضرورية يجب أن يأخذها من شركته ..

أجــــل ..

فـ بطي كان يملك إحدى أكبر الشركات للمقاولات والاستثمار العقاري في الدولة ..
فهو بعد أن تخرج بعد تقدير امتياز في إدارة الأعمال .. قرر أن ينفرد بعمله وأن يكوّن له مشروعه الخاص ..
ولأنه صاحب عقلية فذة تبهر من يقف أمامه .. استطاع بعد فترة ليس بالطويلة أن يقود شركته لأعلى مستويات الرقي والإحترافية ..
دخل مكتبه باستعجال بعد أن أناره .. وشرع بالبحث عن الملفات المطلوبة ..
قطع عمق بحثه نغمة رسالة من هاتفه المحمول .. لم يعره اهتمام وهمّ باكمال بحثه إلى أن وجد ما يريده ..
خرج من مكتبه بعد أن أقفل الأدراج والأضواء ..
وما أن دخل سيارته حتى أتاه مرة أخرى نغمة رسالة من هاتفه
فتح الرسالة وسرعان ما قطب حاجبيه باستنكار غاضب وهو يقرأ الأبيات الشعرية الجريئة وكلمات الشوق الملتاع تتراقص امام عيناه اطبق على شفتيه بحدة شاعراً ان صبره بحق بدأ ينفذ من هذه الفتاة المعتوهة التي ترسل في اليوم عشرات الرسائل إليه ..!!!

فتح الرسالة الأولى
وللمرة الثانية شعر بالغضب يستعر بروحه ..

رسائلها تزداد وقاحةً .. وجرأة مستفزة ..!!!

تأفف بضجر غاضب .. وقام بمسح الرسالتين العابثتين كـ صاحبتها

إلى متى ستستمر في هذه اللعبة السخيفة ..!!
ألأنها فتاة ستظن بأنه لن يوقف أفعالها عند حدها ..!!!!

يالها من عابثة وقحة ..

كيف ترضى على نفسها ودينها وأهلها أن تنتهك محرمات الله تعالى ..!!!!!

وردد بصوت مسموع غاضب محتقر: الله يستر عليج بس ..

أتاه هذه المرة رنين الهاتف .. ابتسم ابتسامته الرجولية العاشقة ورد: هلاااااا امووونتي هلااااا
آمنة بذات ابتسامته العاشقة ولكن الدافئة كـ"دفئ عينيها": هلا فيييك حبيبي ..

واستمر الزوجان العاشقان بالحديث لفترة طويلة حتى نسى بطي إنه مازال في سيارته ولم يتحرك بعد

هكذا هم العشاق ..
تتوقف عقارب الساعة .. والمسافات .. والمواعيد في لحظات الهوى ..!!!

دبــــي
في أحدى منازل الإمارة الراقية
حول النار المشتعلة .. ونسائم الليل تتحرك تارةً وتستكين تارةً تحت بدر مكتمل هيئته ..
جلس رجل كبير في السن مع ابنه وحفيديه الشابان بعد أن وجدوا أن هواء الليلة بارد ونسيمه منعش ولابد من التنفس قليلاً به ..
هتف الجد ببحة ثقيلة عالية صقلتها السنين: فلاااااح ..
قوّم فلاح ظهره وشد من جسده مجيباً بحزم مليئ بالاحترام: لبيييه يديه
الجد وهو يعدل جلسته ويضرب بعصاه الرمل الناعم: سمعنا شلة من شلاتك الزينه
اشر فلاح على أنفه .. وأجاب بـ ود: على هالخشم يابو عبيد إنت تامر أمر
اعتدل فلاح بجلسته بحيث وضع رجله اليمنى تحت أسفل جسده واثنى رجله اليسرى للأعلى (أي جلسة الرجال العربية المعروفة) ..
ثم أمسك طربوشه الذي كان ملقى وراء ظهره ..
وبصوت رجولي جذاب وبحة مميزة بدأ "يشل شلته" المفضلة:

يــــا ذا النسيم الرايح سلم على المحبوب
سلم ســـلاما فـــــايح فيه العطر مسكوب

قل له تراني رايــح مـــــالي عليه ادروب
حــــــالي دونه برايــح فيه الهبوب اتلوب

لو با يفيد الصايح صحت ومزعت الثوب
خلا جسمي شرايح مثل الرصاص ايذوب

مــا فادتني النصايح اصبر وعنه اتـــــوب
شوفه كــل الفرايح لــي غــايت المطلوب

يــــا ذا النسيم الرايح سلم على المحبوب

وسـوالــم

الجد أبا عبيد: هالله هالله عليك يا بن عبيد صح لساااانك
صاح أخيه بنبرة رجولية مستمتعة: اويلي عليييك يالعضيد لي غاية المطلوووبي
يبتها على اليرح والله .. يعلك تسلم في ذمتيه
ابتسم ابتسامته الجذابة الواثقة دوماً .. وبصوت رجولي اجابهم: صح الله ابدنكم ويسلمكم من الشر يميع ..
لكزه أباه بيده بخفة رامقاً بنصف عين: هب هاي الشلة اللي شليتها عند بوخالد وعيبته وطلبك تعيدها ..!!!
(بوخالد = الشيخ محمد بن زايد حفظه الله)

فلاح بذات ابتسامته الواثقة: هيه نعم هاي هي ..

إلتفت أبا عبيد بوجهه بخفة وهتف لإبنه ببحة عميقة: عبيد بتنشدك .. ولدك نهيان وين ..!!
(بتنشدك = اريد ان اسألك)

وباستنكار مبحوح أضاف: يا عرب الله خاطريه اشوف هالرغيد في البيت ..!!
(الرغيد = فلان يلهو كثيراً ولا يجلس بالبيت، ويقال أيضاً مسترغد)
يوم في البلاد وعشر لا
وين يروح هذا ما تخبروونيه ..!!!!

هز أبا نهيان رأسه بقلة حيلة وقال: والله يا بويه ماعرف وين يغط .. امسات داق حق فلاح ورمسته من تلفونه .. وقال إنه ساير ويه ربعه سيشل وبيرد عقب كمن يوم .. عاده متى الله اعلم ..!!

لكز أبا عبيد بعصاه فلاح وأخيه الثاني حمد: فليّح حميّد تعرفون متى بيرد هالهرم ..!!!
(هرم = الوغد/النذل)


قال فلاح وهو ينظر لـ حمد: لا علني افدا خشمك ماعرف .. ما قالي هو متى بيرد
حمد: ولا قالي انا
اخذ الجد يرمقهما بنظرات متفحصة قائلاً ببحة متهكمة: سود الله رقاعه من ولد .. أنا اراويه صنع الله يوم يرد
وين ذالف قلتوولي ..!!!!
ويضغط على اسنانه لتخرج الحروف الصحيحة: شييييشللل ..!!!
ضحك حمد وقال مصححاً لجده: ههههههههههههههههههه سيشل يديه سيشل

العيـــــــــن

كانت أم العنود تحادث خالتها أم زوجها على الهاتف ..
فـ أم سعيد "لطيفة" زوجة الجد أبوسعيد تكون أخت أم محمد "موزه" والدة أبا حارب وأم العنود ..
أي أن أم العنود تكون ابنة خالة زوجها سعيد وأشقائه الأربعة عبدالله وبطي وأحمد وشما ..

أم العنود وهي تشرب القهوة: خالوه شرايج ترابعينا لين راس الخيمة الخميس ..؟؟
منها تسلمين على امايه ومنها تتونسين في سوق اليمعة ..

أم سعيد بنبرة مبحوحة مليئة بحنان متدفق: والله ماعرف يا بنتيه .. آنس ركبي تعورني وماروم على الخطوط ..
(ماروم = لا استطيع)

أم العنود محاولةً اقناع خالتها: الله يهديج خالوه هكيه راس الخيمة حذفة حصى ..
أم سعيد بذات النبرة: بشوف انا وبرد عليج ..

صاحت فجأة أم العنود على سعيد حفيدها المشاغب: سعوووووود يا ولد هد القطوة في حالهاااا
حرام عليك لا تضربهاااااا

ضحكت أم سعيد ببحة تتفجر حباً: هههههههههههههههه يعلك حرمة يا سعيد بعده هذا يرابع ورا القطاوة ..!!!
أم العنود بتهكم غاضب: هيه والله ما خلى قطو في الفريج الا وفلعه وضربه ..
هالولد طالع على منو شري ماعرف

ردت أم سعيد بابتسامة ملأت وجهها المفعم بالطيبة: ههههههههههه على منو بعد
أبوه سيف وهو ياهل ما خلى قطاوة ولا هنود ولا سيلانيات الا وفلعهم ..
حتى الهوش في العزبة ما خلاهن في حالهن .. عفد عليهن كلهن ..

أم العنود: ههههههههههههههههههههههه هيه أحيده سيفان ..
كان شيطااااااان ..
تنهدت أم سعيد بنظرة تلوح فوقها ذكريات جميلة من زمن جميل: وكل ما يسوي شي غلط كان ما ينخش الا عند عمه العود سعيد ..
يعرف اللوتي إنه عزيز وغالي عند عمه وما بيرضى حد يضربه ..
انطفأت ضحكة أم العنود ببطئ لتحل محلها ابتسامة ذبلة مليئة بالوجع: ويحلف سعيد اللي بيزخ سيف ما بيخليه يبات الا في الخلا ..

ساد صمت مظلم لثواني قليلة تخلله انفاس تخترق جدران القلوب من فظاعة ما تحمله من آسى/وجع ..!!

مسحت أم سعيد دمعة يتيمة خانتها في لحظة ضعف .. وغمغمت بنبرة مرتجفة:
يا قطعة من فواديه واحترقت يا سعيد ..

اسبلت أم العنود اهدابها المرتعشة ..
لا تريد أن تفكر مجرد تفكير أن تضعف وتبكي

ليس لنا الحق بأن نعذب أحبابنا في قبورهم
ليس لنا الحق ابداً ..!!!!

يالله يا ام سعيد .. أنت فقدت الإبن فقط
أما أنا فقدت الزوج والأخ معاً ..!!!

يالله ..
تشعر بقلبها يحمل اطناناً من حزن أمهات ثكالى
وألم نساء أرامل
وضياع فتيات تيتمن وهن صغار ..!!!!

لقد نبشتي قبر الحزن بأكمله يا خالتي
نبشتيه حتى اصبح غير قابل للإندثار مجدداً ..!!!!

تنفست بعمق شجاع .. وقالت بنبرة اظهرتها بقوة بالغة: الله يرحمه ويغفرله
ادعيله خالوه .. هب محتاي منا الحينه غير الدعا ..

تعوذت أم سعيد من ابليس ودعت لأبنها البكر بالرحمة والمغفرة من الله ..

قبل أن تشرق شمس يوم جديد
3 ونصف الفجر

مرت دقيقة
دقيقتان
ثلاثة دقائق
أربعة دقائق
خمسة دقائق

رآى حاجز كبير أمامه ..

حسنا يجب أن يسرع بدأ يفقد الاكسجين الباقي في رئتيه ..

أين أنتَ يا شبيه الظل ..!!!

أزاح الحاجز ورآى صخرة كبيرة ذات شكل جسر ومن أسفله شق كبير يمكن للإنسان المرور عبره بسهولة

وما أن اجتاز الفتحة الكبيرة

حتى أحس بذراعان كالفولاذ تمسكان برقبته وتحاولان خنقه بقوة لتكسر آخر فرص تحمله تحت الماء ..

ولكن بمهاراته العالية التي اكتسبها في آخر ثلاثة سنين أثر تدريبات بدنية عنيفة
وتكتيك دفاعي صرف ..

استطاع برشاقة أن يخلل بتوازن خصمه بعد أن أخفض جسمه ولف قدمه اليسرى على قدم خصمه اليسرى وبسرعة فائقة تمكن بشراسة قلب الأدوار وأصبح هو من يمسك بخناق الآخر ..

كان الرجل الآخر يحاول الانفلات من قبضة يده بقوة ماهرة .. قوة امتاز بها بكل هيمنة ..
ولكنه كان ممسكاً بخناقه جيداً مع تشبث رجله بزاوية الصخرة
لأنه إن لم يتمسك بالصخرة لاستطاع ذاك ذو الجسد الأضخم منه هزيمته ..!!

خفف من ثقل جسده بعد أن لاحظ خفة ثقل الآخر ..
ثم بعدها خرجا من الماء بشهقة عالية منه وشهقة مسيطرة متمكنة من خصمه ..!!

هتف حارب بعد ثواني من التنفس الحاد والعميق: اففففففف لا إله الا الله محمد رسول الله ..
للحظة حسيت إني بموت خلاص ..

هتف سلطان بدوره بحزم صارم وصدره يعلو ويهبط من التنفس الشديد: أحسنت يا حارب
قدرت اتم خمس دقايق وزود
المرة الياية بتم أكثر
سامعني ..؟؟

رد حارب بحزم ولا يزال يتنفس بقوة: إن شاء الله سيدي

وخرجا من المسبح الضخم المبني أساسا لأغراض التدريب السباحي العسكري
والتدريب الهجومي والدفاعي في المناطق المائية والساحلية

ما أن شرع حارب برفع خصلات شعره الكثيفة عن عينيه حتى أحس بذبذبات خطر سيلحق به
وقبل أن تأتيه ضربة بكعب رجل سلطان .. تمكن من تحريك جسده الذي بالكاد كان يتحمل وقتها الوقوف باتزان

سلطان بضحكة خبيثة: هههههههههههههههههه برافووووو برافووووو قدرت تتفاداها يا ووولد ..

ابتسم حارب بتهكم: إنت داهية ياخي .. خلني ألقط أنفاسي بالأول عقب شوتني بريولك على كيفك ..
تحولت نبرة سلطان للجدية التامة وهتف بحزم: الإعداء اللي يتربصونك ما بيتريونك يا حارب ترتاح ولا بيخلونك تلقط أنفاسك ..
بيستغلون الثانية عسب يطيحونك ..
وأردف بحدة عيناه اللتان تشعان بالقوة:
خل هالقاعدة في بالك .. في الثانية اللي بترف فيها عينك توقع رصاصة تدخل مخك
ولا سجين ينغرس في صدرك ..

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىWhere stories live. Discover now