34

981 14 1
                                    



توقَّتك سرّاً وزارت جهاراً
وهل تطلعُ الشَّمس إلاَّ نهارا
كأنَّ الغمامَ لها عاشقٌ
يسايرُ هودجها أين سارا
وبالأرض من حبِّها صفرةٌ
فما تنبتُ الأرضُ إلاَّ بهارا
فدتكِ ندامى لنا كالقسيِّ
لا يستقيمونَ إلاَّ ازورارا
أذبتِ الحصى كمداً إذ رميتِ
بالدُّرِّ يوم رميتِ الجمارا


لـ أبو العلاء المعري



ظهر وجهه الأبيض ذو التقاطيع الحادة والنظرات الرمادية الضبابية الصقيعية امام الشاشة الكبيرة الموصولة على جهاز الحاسوب ثم هتف بترحيب جامد بينما هو جالس بين رجلان يعدان من اصحاب النفوذ العالي في بلديهما:
أهلا ومرحبا بالأصدقاء ..
رفيقيه فليمون + عماد: مرحبا جميعاً ..
اسند ابا مرشد ظهره على الكرسي المواجه للشاشة الضخمة وقال بترحيب مشابه: مرحبا بكم أيها الاصدقاء .. قد مضت فترة طويلة منذ أن ألتقينا جميعاً ..
التفت نحو الشاب الجالس بجانبه ورمقه نظرة ماكرة خبيثة ثم أضاف: ألا توافقني الرأي يا لاكي ..!!
هز لاكي رأسه بشكل جعل خصل من مقدمة شعره الغزير المصفوف الى الخلف تسقط على جبينه وقال: اوووه أنت محق كلياً سيد ابومرشد .. وانا سعيد جداً اني تمكنت من الخروج من ذلك السجن البغيض والاجتماع بكم من جديد ..
اشار ديرفس بيده بخفة وقال: اعرفك يا لاكي على العضو الذي لم تلتق به سابقاً .. السيد عماد الصاوي ...
اومئ لاكي برأسه وهتف بإحترام: مرحبا بك سيدي تشرفت بلقائك ..
تفحصه عماد بتمعن وقال: مرحبا لاكي .. اني معجب بك كثيراً أتعرف هذا ..!!!
لاكي: انه لشرف لي ان انال اعجابك سيدي ..
صحح عماد بخبث: لا اقصد اعجابي بعملك وعبقريتك التقنية فهذا امر محسوم منذ البداية انني اقصد اعجابي بقدرتك على الخروج من ذلك السجن وبقوة قلبك التي ساعدت في حفاظك على عقلك من الجنون ..
سرت موجة من الغثيان في نفسه الأبية ما ان تذكر ذلك السجن الغارق في النتانة والقذارة ..
لم اتمكن من صون عقلي الا باعتصامي بالله وبآياته الكريمة .. لولاهما لكنت في في عداد المجانين الآن ..
حافظ على اتزان مستوى نبرته وقال مظهراً وجهه الثاني .. وجه لاكي الهندي:
اوه اشكر الله انني استطعت الهروب قبل ان اصل لمرحلة الجنون ..
نظر ابا مرشد بخبث شيطاني الى الرجال الذين يتحدثون من وراء البحار عبر الانترنت ثم وجه نظرته ذاتها الى آندي الجالس بشكل عبثي واضعاً ساقه اليمنى المنحنية على طرف طاولة الاجتماع ..
ثم قال بنبرة ذات مغزى: لم تخبرنا إلى الآن كيف تمكنت من الهروب من سجن لاسانتيه ..!!!
حك لاكي خلف أذنه وقال بضحكة قصير: هههههههه لقد سبق وقلت لآندي ما حصل بالفعل .. الأمر ابسط مما تتخيله سيد ابا مرشد .. فقط لأول مرة في حياتي استغليت اسم والدي ودسسته لمصلحتي ..
رفع ابا مرشد حاجباً واحد باستنكار وقال وعيناه على آندي الذي يسمع الحوار باكتراث معدوم ساخر: آندي لم يخبرنا عما حدث لمَ لا تخبرنا انت ..!!
لاكي: المشرف الأول على الحراس كان رجلاً معتوهاً جشعاً لا يبالي الا بجني المال .. عندما علم هويتي وابن من أنا وكم سيجني لقاء مساعدتي في الهروب رقص بطنه الكبير فرحاً وعبر عن سروره الشديد لمساعدتي .....
ابا مرشد بنظرة متشككة متفحصة لملامح لاكي دائماً ما يتأمل وجه هذا الرجل ويفكر بتساؤل ما اذ رآه سابقاً ام لا ..
هتف بنبرة حازمة هادئة: اووه هكذا اذا جرت الامور معك حسناً تهانيني الحارة لك في نهاية الامر سجن لاسانتيه جحيماً مجسداً في الارض وتستحق احر تهانينا لتمكنك من الخروج منه بسلام ....
اومئ لاكي برأسه بامتنان وهتف بهدوء: شكراً لك سيدي ..
ديرفس: هل انتهيتهم ..!!!
ابتسم آندي وهتف بعد صمت كاسح: بوس .. بحق الله ابتسم قليلاً لرجالك الذين لم ترهم منذ مدة طويلة ..
رمقه ديرفس نظرة لا مشاعر فيها وقال بصرامة: آندي نحن في اجتماع رسمي الآن فلننسى السلامات والمشاعر ولنركز على ما نحن مشرفين عليه .. يجب على اعمالنا ان تُستأنف خاصة وان لاكي الآن بيننا .....
آندي وهو يشعل سيجارة: حسناً حسناً لك ما تريد لكن لدي سؤال لمَ لم تدعنا نأتي حيث انت ونجتمع بشكل أكثر أمناً وسريةً ألا تخاف ان نكون الآن تحت مراقبة أحدهم ؟؟
ديرفس: حسناً فكرت ان ابدأ باستغلال لاكي في مجال عمله وتسهيل لقائنا بشكل مرن وعملي ....
لاكي وهو يعدل من نظارته مطرقعاً بشكل عشوائي على جهاز حاسوبه المحمول الصغير ويقول بثقة عالية: لا تخف سيد آندي إنني اراقب حالياً النظام الجاري لأتأكد من عدم وجود متطفلين بيننا ..
شرب ديرفس قهوته وقال بصرامة: حسنا فلنبدأ
وبدأ الجميع بمناقشة صفقة الاسلحة وكل شخص بدأ يدلو بدلوه بهذا الخصوص ..
ابا مرشد هاتفاً لـ ديرفس: يجب علينا اولاً التأكد ما اذ كانت جميع الاسلحة التي اخترناها في متناول جماعة غلام خان ..
ديرفس: ارسلت رجلين من طرفنا الى كراتشي منذ عدة ايام ليلقوا نظرة على الاسلحة .. اتصلوا بي واعلموني ان الاسلحة محفوظة وجاهزة ..
طرق فليمون بطرف قلمه على الطاولة وقال: اقترح ان نلتقي بأحد رجال غلام خان وان نتفاوض بالسعر .. لا تنسى يا بوس ان السعر المطروح من قبلهم من الممكن ان يؤدي الى خلل في ميزانية المنظمة .. يجب علينا المفاوضة معهم ..
ديرفس بنظرة صقيعية شيطانية: لا تخف على الميزانية يا عزيزي .. صديقنا لاكي سيتكفل بزيادتها عشرة اضعافها قريباً ..
ضحك آندي فجأة ضحكة مجلجلة وقال بنبرة نمرودية متلاعبة: يا إلهي .. كان عليّ ان ادرك ان اختيارك لـ لاكي ليس فقط للتجسس على انظمة اعدائنا .. وانما للسيطرة على البنوك ايضاً ونهب ما فيها من اموال .....
ابتسم ديرفس بمكر ونظر لـ لاكي الذي يبتسم بهدوء من خلف نظارته وقال: المال هو اساس عملنا يا آندي لا تنسى هذا ..
اخرج فليمون ابتسامة ساخرة ثم قال: مع هذا أيها الزعيم يجب علينا ان نفاوضهم يجب ان لا ندع لهم الفرصة بنيل ما يريدونه بل بنيل ما نريده نحن ..
قال عماد وهو يوافق قول فليمون: فليمون معه حق .. يجب ان تكون قوة القرار بأيدينا ..
هز ديرفس رأسه بتفكير ثم قال: حسناً .. لكن من برأيكم الأمثل لأن نجتمع معه .. غلام خان ورجاله معروفون بالعناد وقوة البأس وعدم الرضوخ للغير بسهولة .. يجب ان نختار من هو الأعقل فيهم والاجدر بالتفاوض ..
هتف عماد بعد تفكير: حسناً ..
وجه حديثه لآندي وأضاف: أظن ان انسب مكان للتفاوض هو الامارات ما دمت يا آندي ما زلت هناك انت قبل كل شيء الامهر بيننا في فن التفاوض والمراوغة في الحديث وانصحكم بالتفاوض مع مساعده أكبر حيث ان الاخير اظهر في عدة مواقف ذكائه ورجاحة عقله ....
قاطع ابا مرشد باعتراض: لا اظن ان فكرة المكان جيدة .. لا تنسى ان عملية الشراء والتسليم ستكون هنا ايضاً .. من المهم ان نغير اماكن لقاءاتنا مع جماعة غلام خان من حين لآخر ....
آندي: اوافق ابا مرشد فيما يقوله ..
ثم قال لـ ديرفس متسائلاً: بالمناسبة زعيم ألم تحدد المكان الذي ستتم فيه العملية بالضبط ..؟!
ديرفس بغموض: حددته لكنه سيضل طي الكتمان حتى اتأكد من ان المكان بأكمله آمن وصالح للعملية ..
ثم اكمل وهو يهتف للجميع: حسناً .. فليقترح احدكم مكاناً مناسباً للتفاوض غير الامارات ..
هز آندي كتفيه مقترحاً: لم لا نتفاوض في إحدى قصورك في تركيا اظن ان الاجتماع هناك هو الانسب خاصة وانه سيكون تحت سقف ملكيتك وبين رجالك ....
زم ديرفس فمه بتفكير ثم قال: اممممم فكرة جيدة حسناً يا ذراعي الايمن يجب ان نرى وجهك الوسيم قريباً فـ كما قال عماد انت الامهر بيننا في فن التفاوض والمراوغة في الحديث ..
رمق فليمون آندي نظرة بغض ناضحة بالغيرة والحقد لطالما وجد الناس في آندي ما لا يجدونه فيه وهذا يثير الغيض دوماً في روحه لطالما شعر بانقباضات ما ان يستشعر نظرة الخبث في عيناه ..
ابتسم بسخرية كاسحة وقال: آندي هو الأمهر في كل شيء يا قوم .....


اخذت نفساً طويلاً .. عميقاً .. متهدجاً .. وهي تتأمل الكوب الذي بين يديها ..
تلمست بأصابع مرتجفة اسمه المنقوش برجولية عليه ..
حارب ..
أيها المحارب ..
مالذي بحق الله تفعله بي ..!!
كيف دخلت الى حياتي وقلبتها رأساً على عقب ...... كيف ..!!!
لا أجد تفسيراً للذي يحصل معي ولا حتى بضعة كلمات لتفسر ماهية الشعور الذي يتملكني ما ان يخرج وجهك الرجولي الخشن امام عيناي ..!!
ابتلعت ريقاً جافاً باضطراب وهي تتذكر بحيرة مُقلقة الحلم الذي حلمت به الليلة الماضية .....
لا تعرف الوجوه .. ولا تعرف الاصوات .....
فقط امرأة تحمل في طيات وجهها الحُسن التام تحدثها بصوت اغشاه النعومة/الأمومة/السكينة والألم الغامض مكررةً على مسامعها كلمة واحدة ..
"محتاينج"
وعندما كانت تسأل المرأة من تقصد بكلامها كان يخرج من ورائها طفل ذو محيا غارق بالجمال عيناه السوداوان وشعره الكثيف الاسود يذكرها بشخص ما لم تتمكن من معرفته الى الآن ..
ظلت المرأة تكرر كلمتها حتى استيقظت من النوم والعرق يتصبب من وجهها بغزارة ..
وهاهي الآن منذ ان صلت الفجر وهي تجلس امام الكوب وتتأمله بلا كلل أو ملل ..
انتفضت بجلستها عندما طرق احدهم الباب بحزم .. وقفت على رجليها وهي ترفع شعرها الغجري بأكمله فوق رأسها ثم فتحت الباب ووجهها الشاحب يوحي بسهادٍ لم يكن الا عدوها اللدود ليلة البارحة ..
عندما رأت الطارق اتسعت عيناها بـ ذهول وقلبها يرقص توتراً .... وتلهفاً ....
البغيض لا يدرك كم اشتاقت لوجهه وقربه الحاني ....
تنحنح بخشونة وهتف: صبحج الله بالخير ..
فتحت باب غرفتها اكثر وقالت وهي تتجنب النظر لعيناه لتوترها الذي ازداد: صبحك الله بالنور والسرور بوهامل ..
زم ذياب فمه وهو ينظر لكل شيء عداها .. ثم هتف محاولاً عدم اظهار حرجه: احم ..
في خاطريه شاهي حليب مزعفر ....
عضت ناعمة شفتها السفلى كي تبتلع دهشة مدغدغة على هيئة قهقهة .. ثم هتفت بقلبٍ يخفق:
من عويناتيه فديتك ببدل وبنزل اسويلك ....
اغلقت الباب بعد ان ذهب واسرعت تبدل ملابسها ببهجة لا تتسعها كان هذا النزاع بينها وبين شقيقها هو الأقوى من نوعه منذ ان توفت والدتهما رحمها الله ....
شعور من الوحدة والفقد أسر كيانها طيلة ايام الجفاء بينهما شعورها القاتم البشع هو ما جعلها تنسى ما فعله ذياب تلك الليلة وترتمي بأحضان نظرته الحانية المحبوبة من جديد ..
نزلت الى المطبخ ورأت الخادمة تهم بعمل قهوة الصباح والشاي ..
: حسينة خلي عنج انا بسوي القهوة والجاي ..


اسند ذراعه الأيمن على طرف باب الحمام برجولية كسولة وبعض من نور الشمس قد سقط على صدره العاري ..

وهتف ببسمة ناعسة عابثة: شو يسوي حبيبي ..؟!

جفلت بخوف ... وسرعان ما اجابته ببسمة فاتنة مرتجفة خجولة حد العذاب: آ آ آ ماشي لطيفة الله يهداها خيست ثيابي وانا اشربها حليبها ....

دخل قليلاً بجسده الى الحمام وجرّها من خاصرتها وقربها إليه ..

ثم همس بأجش وهو يشتم رائحة شعرها المُسكرة:
هب بس لطيفة يوعانه .. انا بعد يووووعان .....

ارتجفت آمنة بين احضانه وتحت لمساته القاتلة مذكراً إياها بما حدث في ليلتهم السابقة .... ذكرى جعلت لهيب الخجل يجري على وجنتيها وسائر وجهها ..

حمدت الله ان والدها لم يدخل عليهما وهما في "أوج الغرام" ..

ثقل تنفسها وتهدج بحرارة وهي تسترجع صور حمله لها من المجلس الى جناحها العلوي .. وببطئ ... ارتفع جانب فمها ببسمة انثوية فتاكة خجولة ... وهمست: ما شبعت ..؟!

اخذ هواء عنيفاً وهو يرفع عيناه الى السقف ... ثم فجأة ... انزل جسده محتضناً جسدها الطري بين يديه قبل ان ينقض على شفتيها بذكورية متملكة نضجت تحت نار التوق ... الرغبة ... والهيام السرمدي ....

بادلته القبلة بضعف .. بشوق .. بجوع .. وكأنها ترغب بتعويض انوثتها ما حُرمت منه منذ فترة طويلة .....

تعرف جيداً ان قبلته هذه هي اجابة صريحة على انه "لم يشبع" .. و"لن يشبع" ..

لن تخذله .. لن تخذله بعد الآن ..

ابتعد عندما تذوق دمعة سقطت من محجر عينها ..

امسك وجهها وقال بقلق: شو فيج فديتج ..؟!

وضعت رأسها على صدره الصلب ... واحتضنت خصره بقوة قبل ان تقول بصوت مختنق باكٍ: أنا ظلمتك وايد بطي .. وايد ..
اللي سويته في حقك هب شويه ..

شهقت وهي لا تطيق تحمل دموعها اكثر من ذلك .. ارتجفت نبرتها وهي تقول بوجع صرف ملؤه الندم:
أ أ أ أنا آ آ سـ سفة ..

تنهد بطي وهو يمسح شعرها بحنية عارمة هاتفاً بحزم بالغ:
ما بجذب عليج واقولج ناسي اللي استوى انتي ظلمتينيه آمنة ظلمتينيه من غير لا توضحين الامور ويايه وتفهمينيه اي شي من اللي صار ..

انزلت رأسها بحزن وقالت: يا بطي شو بتسوي لو كنت مكانيه شو بتسوي انا عشت ايام ربك بس اللي عارف انا شو من مر ذقت الشكوك ذبحتني جرحتني انيه اشك فيك وفي حبك هذا بحد ذاته كان جرح اليه شو ظنك وانا اسمع واشوف بعيني خيانتـ ....

عقد كلتا حاجبيه بغضب مستنكر تلعثمت آمنة بتوتر وهي تصحح جملتها: أ أ أ اقصد اسمع من هاذيج الخايسة جذبها واشوف اللي تحاول تسويه عسب تاخذك مني ..

زفر بانفعال عاتي .. ثم صمت وهو يتأمل وجهها قبل ان يهتف بقسوة: هاذيج اليه تصرف ثاني وياها .. مادريت انها عقرب ولو كنت عارف بسواتها والله ثم والله ما خليتها يوم واحد في الشركة ..

رفعت عيناها الملتهبتان بنار الغيرة وقالت: يعني هي سوت كل ها لانها تحبك صدق وتباك ..!!!

امسك بطي بيد آمنة واخرجها من الحمام مجيباً بصرامة تخللها ازدراء: هي من زمان ملوعة جبديه وتبانيه اعطيها ويه لجني في كل مرة انازعها واهددها ... والحينه بس عرفت ان هالاشكال ما تنفع وياها اللين ..

اتسعت عيناها بذهول حقيقي عاصف بالغضب: يعني من زمااااان تربع وراااااك وانا ماعررررف ...!!!

رفع حاجباً واحداً وقال بثقة عالية: ظنج يا آمنة انا بعطي لهالاشكال جيمة وقدر عسب اتعب عمريه وارمس عنها عندج ..!!
هاي أليازية ما حفلتها في يوم .. والله لولا امها المسكينة جان انا من زمان مفنشنها ...
انا عنديه اللي تسواها وتسوى طوايفها شو ابابهاااا ..!!!

غضنت جبينها والحقد على تلك المسماة أليازية يزداد .. تذكرت فجأة رسائلها الغرامية وذلك الاتصال الذي شككها بـ وفاء زوجها للمرة الثانية ..

آمنة بانفعال: قبل لا تسافر بكم يوم اتصلت بك وانت في المكتب .. يوم رديت سمعت هاذيج ترمسك وتقولك حبيبي وواحبك وماعرف اشووه وتقولك لا ترد العين خلك معاايه ..

رفع كلتا حاجبيه بذهول وقال بانفعال مشابه: انااااا ...!!! متى صار ها بعددد ..!!!

حكت له آمنة عن ذلك اليوم بالتفصيل .. عرف بطي عن اي يوم تقصد .. لأن في الليلة السابقة من ذلك اليوم كان مع سلطان عندما فاتحه عن امر خطبة الاخير لـ شقيقته ....

اشر على دماغه وقال بغيظ شديد ساخر: انتي فيج مخ ..!!!!
عنبوه يا آمنة ما تعرفين ترمسين .. يوم رديت العين شعنه ما فتحتي ويايه السالفة وطلبتي منيه اخبرج وين كنت ..!!!

تحركت آمنة بتوتر مرتبك غاضب وصمتت .. اردف بطي حينها بقسوة: طبعا غيرتج وعصبيتج ما خلوج تستوعبين انج ما سمعتي حسيه يوم دقيتي هاااه ...!!!
غير انهم ما خلوج بعد تفكرين وتقولين اوووه بطي هب خبل عسب يرد عليه وهو عنده بنت صح ..!!!

زمت فمها واللوم يأكل قلبها .. لكنها قالت بغضب لم تسيطر عليه: فهمني انزين شو ياب تلفونك عندهااا ..؟!

زفر بطي للمرة العاشرة بغيظ بالغ وقال: انا هاك اليوم كنت ظاهر ويه اخوج معضد نخلص كمن شغله ارباعه ونسيت التلفون في المكتب .. هب مصدقتني اتصليبه وتأكدي ..

نظرت إليه من تحت رموشها وقالت بنبرة حاولت تهدئة ما فيها من انفعال: هب محتايه حد يبرهنلي صدقك بطي بس انا آنس قلبيه بينقع من القهر .. هاذي شو تبا فيك ..؟!

تهدج صوتها وهي تكمل: كل اللي سوته كوم .. وولديه اللي انحرمت منه بسبتها كوم ثاني .....

تنهد بطي بعمق ... ثم انحنى إليها وقبّل رأسها قبلة طويلة دافئة ... وقال بإيمان شديد: هاذي كتبة رب العالمين يالغالية .. مقدر ومكتوب ..... وبنت الناس دبرتها عنديه ..

سحقاً ..... تمادت تلك الحرباء كثيراً ..!!

كثيراً حتى غدا من المستحيل ابقائها يوم واحد في شركتي ..

رغم مهارتها اللامتناهية في عملها الا ان قربها مني ستُشعل المشاكل والفتن في عائلتي اكثر مما فعلت ..!!

ابتسم بازدراء بداخله عندما تذكر ظنونه الأخيرة بها ..

ظن ان أليازية تغيرت وتعقلت .. لكن على ما يبدو كان هذا الهدوء المدمر الذي خلفته عاصفتها الخبيثة ..

امسك بذقن آمنة ورفع رأسها إليه هامساً بنظرة رجولية كسولة غارقة بالتوق: ما تولهتي على بيتنا ..

تنهدت بشوق عارم وهمست بصوت مبحوح: وااااااايد ....

تلألئ وجهه بنشوةٍ كاسحة وقال: يلا عيل لمي قشارج وقشار لطوف عسب نرد ..

ابتعدت عنه وهي تهتف بخجل شديد: شو بقول حق ابويه ..؟!!

عقد حاجبيه بسخرية مرحة واجاب: شو بتقوليله بعد .. قوليله خلاص حلينا المشاكل اللي امبينا وبرد بيتيه ..

عضت على شفتها السفلى بذات خجلها ثم قالت: انزين بس ما بنرد قبل لا نتريق وياه فديته ما يهون عليه اخليه من الحينه ....

رمقها نظرة سوداء تخللها غيض مصطنع خبيث: عيل هان عليج بطي المسكين مخلتنه من اشهووور .. لا نشدتي عنه ولا عن احواله وصحته ..

لمست آمنة صدره هامسةً بذعر: بسم الله عليك يا عمري .. شو فيك شو تانس خبرني ..!!!

بطي بوجه عابس: تعباااااااااان انااااا ومحد مهتم فيّه ....

آمنة بذات ذعرها الذي بدأ يتصاعد: دخيلك بطيي خبرني شو فيك والله روعتني ....

ضحك بطي ضحكته المتفردة .. وقال وهو يرص على عيناه بخبث لطيف: تخافين عليّه امون ..!!!

ادركت آمنة انها احدى ألاعيبه المجنونة .. ضربته بقوة على صدره وصاحت: يالهرررررم قسم بالله روعتنييييي ..
حسبي الله على العدوووو دخيلك بطي الا المرض لا تمزح فيييه ..
احتضنها وهو يقهقه بخفة هاتفاً بنبرة منتعشة: فديت قلبج انااااا ..

تنهدت بعمق تخلله بقايا انفعال .. ثم قالت وقد هدأت خفقاتها: يلا نازلة ..
بدل انت إلين ما ازهب الريوق ..

هز بطي رأسه ... وقرر ان يستحم بسرعة قبل ان يغير ثيابه وينزل للأسفل ..

قرر هذا وهو يفكر في لحظة خاطفة .. انه ابداً ...

ابداً ...

لن يتحمل قلبه معاقبة مشاكسته الصغيرة على ما فعلته ......


دلفت الصالة وعيناها تبتسمان لـ ناعمة التي تعطي شقيقها كوب من الحليب: لا خلاني الرب من شوفتكم متوالفين
(متوالفين = متجمعين مع بعض متحابين)

ابتسم ذياب ومعه ناعمة بحب عارم واقترب كل واحد منهما ليقبل رأس الجدة ام هامل ...

ذياب بدفئ: صبحج الله برحمتن منه ورضا يالغناه ..

ناعمة بنبرة باسمة رقيقة: صباحج عسل يا عسل ..

ام هامل: يعل صباحكم محبة وسرور وسعاده ..

ناعمة بتساؤل ماكر: على وييين ام هامل ..؟!

عدلت ام هامل عباءة رأسها وقالت: بسرح جدا ام حميد .. من زمان ما شفتها فديتها ..

أومأت ناعمة برأسها وقالت: سلمي سلمي ...

خرجت ام هامل وهي تهتف: سلامن يبلغ ان شاء الله ..

جلست ناعمة بينما رفع ذياب احدى الجرائد الرياضية واخذ يقرأ باندماج تام ....

تنحنحت بخفوت وقالت: ذياب ..

هتف شقيقها و عيناه ما زالتا على الجريدة: لبيه

ناعمة بتوتر خجول: لبيت حاي فديتك .. امممممم انا آسفة على اللي صار ..

رمقها ذياب من تحت رموشه بنظرة سوداء ذات مغزى مما جعلها تردف بحدة خرجت نتيجة توترها فقط:
لا تتحرانيه اتأسف لانيه غلطت .. انا ما تعمدت اللي استوى .. انا بس استسمح لانيه حطيتك في موقف هب حلو مع خويّك ..

ارتفعت زاوية فمه بسخرية .. هذه الناعمة تكره ان يضيع كبريائها وما هو حق لها .. هتف بنبرة حازمة هادئة:
اللي صار صار ناعمة ..

كانت على وشك قول المزيد لكنها احست ان الامر غير مهم .. يكفيها ان شقيقها رجع يحادثها بعد قطيعة بغيضة على الروح ..

رجع يقرأ الجريدة لكن عقله ابعد مما يكون عن عيناه .. حائر في امره أيخبر شقيقته بخطبة حارب لها ام يصمت حتى تحصل الخطبة بشكل رسمي ..!!

لكنه يرغب بمعرفة رأيها .. يشك انها ستوافق خاصةً بعد الذي حصل .. سترفض لأنها ستشعر بالإهانة من خطبة بُنيت على "موقف خُدِش فيه حيائها" ..!!!

لابد وانها ستظن ان حارب قد خطبها بسبب الذي جرى ..

والله وحده يعلم هول اللواهيب التي ستخرج من محاجر ناعمة وفمها لو فهمت الموضوع بهذا الشكل ..

حسناً لن يخبرها ..... فليدع الامور تجري كما هي وسينظر من بعيد لردة فعلها ....

لن يتكلم حتى تحين له الفرصة .. وحتى لا تعتقد ناعمة انه يرغب بتزويجها من حارب بسبب ما جرى ...

بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوىWhere stories live. Discover now