أتمنى من كل قلبي تقرون القصيدة في المقدمة .... لأنها رائعة فوق ما تتصورون ... ما قدرت احط ربعها او نصها لأنها جد ما تليق لها الا انها تكون كاملة .. اعتبرها من القصايد القريبة من قلبي وروحي ... ومؤثرة وايد وايد وايد .....
قراءة ممتعة حبايبي ...
الجــــزء التــــاسع عشــــر
ليس الغريب غريب الشام واليمن، إن الغريب غريب اللحد والكفن
إن الغريب له حق لغربته، على المقيمين في الأوطان والسكن
لا تنهرنَّ غريبا حال غربته، الدهر ينهره بالذل والمحن
سفري بعيد وزادي لن يبلغني، وقوتي ضعفت والموت يطلبني
ولي بقايا ذنوب لست أعلمها، الله يعلمها في السر والعلن
ما أحلم الله عني حيث أمهلني، وقد تماديت في ذنبي ويسترني
تمرُّ ساعات أيامي بلا ندم، ولا بكاء ولا خوفٍ ولا حَزَنِ
أنا الذي أُغلق الأبواب مجتهداً، على المعاصي وعين الله تنظرني
يا زلةً كُتبت في غفلة ذهبت، يا حسرةً بقيت في القلب تُحرقني
دعني أنوح على نفسي وأندبها، وأقطع الدهر بالتذكير والحزَنِ
دع عنك عذلي يا من كان يعذلني، لو كنت تعلم ما بي كنت تعذرني
دعني أسحُّ دموعا لا انقطاع لها، فهل عسى عبرةٌ منها تُخلصني
كأنني بين جلِّ الأهل منطرحٌ، على الفراش وأيديهم تُقلبني
وقد تجمَّع حولي مَن ينوح ومن، يبكي عليَّ وينعاني ويندبني
وقد أتوا بطبيب كي يُعالجني، ولم أرَ الطب هذا اليوم ينفعني
واشتد نزعي وصار الموت يجذبها، من كل عِرقٍ بلا رفق ولا هونِ
واستخرج الروح مني في تغرغرها، وصار ريقي مريرا حين غرغرني
وقام من كان حِبَّ الناس في عجَلٍ، نحو المغسل يأتيني يُغسلني
وقال يا قوم نبعي غاسلا حذِقا، حرا أديبا عارفا فطِنِ
فجاءني رجلٌ منهم فجرَّدني، من الثياب وأعراني وأفردني
وأودعوني على الألواح منطرحا، وصار فوقي خرير الماء ينظفني
وأسكب الماء من فوقي وغسَّلني، غَسلا ثلاثا ونادى القوم بالكفنِ
وألبسوني ثيابا لا كِمام لها، وصار زادي حنوطي حين حنَّطني
وأخرجوني من الدنيا فوا أسفا، على رحيلي بلا زاد يُبلغني
وحمَّلوني على الأكتاف أربعةٌ، من الرجال وخلفي منْ يشيعني
وقدَّموني إلى المحراب وانصرفوا، خلف الإمام فصلى ثم ودعني
صلوا عليَّ صلاةً لا ركوع لها، ولا سجود لعل الله يرحمني
وكشَّف الثوب عن وجهي لينظرني، وأسبل الدمع من عينيه أغرقني
فقام مُحترما بالعزم مُشتملا، وصفف اللبْن من فوقي وفارقني
وقال هُلواعليه الترب واغتنموا، حسن الثواب من الرحمن ذي المنن
في ظلمة القبر لا أمٌ هناك ولا، أبٌ شفيق ولا أخٌ يُؤنسني
وهالني صورةٌ في العين إذ نظرت، من هول مطلع ما قد كان أدهشني
من منكر ونكير ما أقول لهم، قد هالني أمرهم جدا فأفزعني
وأقعدوني وجدوا في سؤالهمُ، ما لي سواك إلهي منْ يُخلصني
فامنن عليَّ بعفوٍ منك يا أملي، فإنني موثقٌ بالذنب مرتَهَنِ
تقامم الأهل مالي بعدما انصرفوا، وصار وزري على ظهري فأثقلني
واستبدلت زوجتي بعلا لها بدلي، وحكَّمته على الأموال والسكن
وصيَّرت ولدي عبدا ليخدمها، وصار مالي لهم حلا بلا ثمنِ
فلا تغرنك الدنيا وزينتها، وانظر إلى فعلها في الأهل والوطن
وانظر إلى من حوى الدنيا بأجمعها، هل راح منها بغير الحنظ والكفن
خذ القناعة من دنياك وارضَ بها، لو لم يكن لك إلا راحة البدن
يا نفس كفي عن العصيان، واكتسبي فعلا جميلا لعل الله يرحمني
يانفسُ ويحكِ توبي واعملي حسنا، عسى تُجازين بعد الموت بالحسنِ
ثم الصلاة على المختار سيدنا ما، وضأ البرق في شام وفي يمن
والحمد لله ممسينا ومصبحنا، بالخير والعفو والإحسان والمنن
لـ زين العابدين علي بن الحسين
قبل ان ينتصف الليل بنصف ساعة
لم يكتف بإخراج كل انفعالاته العاتية التي كبحها بمهارة عالية الا عندما مارس السباحة في حوض منزله الكبير في الطابق الأرضي قرابة الساعتين ..
وقف امام مرآة غرفته الكبيرة المتأنقة بلمسات رجولية فخمة بحتة .. وفكر متسائلاً ....
لا يعرف لمَ فضل المبيت في منزله الخاص وهو الذي اعتاد كل نهاية اسبوع ان يبيت في بيت اخاه ..... ولكنها الحاجة لأن ينفرد مع ذاته بعيداً عن كل الناس ..
نشف شعر رأسه بمنشفة قصيرة ثم بدأ يمشطه ببطئ وباله شاردٌ كل الشرود ..
فـ ربع تفكيره انصب على مشاكل العمل والبلاد .. وربعه الثاني على حارب وما يجري معه في ذلك السجن اللعين .. وباقي الربعين على الذي حدث اليوم وما مر به من أمورٍ غيرت مجرى حياته ..!!
قطب حاجباه وهو يسمع رنين هاتفه العالي الخاص بالأهل والاصدقاء .. رفعه قبل ان يهتف بخشونة لم يتعمدها: مرحبا مليون الغالي ..
أتاه صوت عمه أبا حميد بطريقة انبأت عقله المتيقظ ان هناك أمر جلل قد حل: سـ سـ سلطان وينك انت ..؟!!
استدار سلطان وهو يقول بتوجس: انا في بيتي .. خير عميه شو مستوي ..؟؟!
وضع أبا حميد يده المرتجفة على جبهته وشعور قلة الحيلة انتشر بضراوة في صوته المبحوح: لا حول ولا قوة الا بالله .. والله ماعرف شو اقولك .. انا ما عنديه غيرك يفازعنيه يا ولديه ..
(يفازعنيه = يساعدني)
سلطان بنبرة صارمة قوية: افا يا بن سلطان شو هالرمسة .. خبرني شو مستووي ..؟!!
صمت أبا حميد قبل ان يقول بنبرة قلقة/مرتعبة: بنتيه عوشه يا سلطان ظهرت من البيت وماندريبها وين سايره .. عاده اتصلت عسب اتعرفلي هي وين ..
رفع سلطان كلتا حاجبيه باستغراب تام ثم قال بـ هدوء: ام زايد ظهرت وما تعرفون وينها ..؟!!
جيه وين ثرها بتسير في هالليل ..؟!! وريلها وينه عنها ..؟!!
مسد أبا حميد جبهته المتعرقة بارتباك/خوف حقيقي ثم اجاب ببحة لا تفارقه: السالفة طويلة يا سلطان .. الحينه نحن ما نعرف هي وين .. وانا مابا السالفة توصل لمراكز الشرطة .. ما نبا نفتضح يا بومييد ..
اعرفلي بارك الله فيك وينها هي ..
هز سلطان رأسه بـ ثقة قوية وقال: ولاااا يهمك الغالي اعتبرها عندك ان شاء الله .. بس عاده خبرني هي بشو سايره .. بموتر منوه ..؟!!
زفر أبا حميد زفرة مؤلمة وحال قلبه يدق دقات غير مريحة بتاتاً ... ثم قال بوجل: بموترها البي إم رقمها 55..
اقتربت منه بـ رشاقة تقطر أنوثة باذخة .. ثم توقفت على اصابع رجلاها وقبلت خده بـ رقة وقالت بنبرة هادئة: مبروك ما دبرتوا بوخويدم ..
انزلت جسدها قبل ان يمسك بكلتا ذراعيها بقوة لينة واجاب من بين نظراته السوداء المبطنة بـ شوق عارم مجنون: الله يبارج فيج وعقبال عيالنا ..
ابتسمت آمنة من طيب خاطر حتى انقشع نور غمازة ذقنها الفاتنة امام ناظريه وهتفت بـ نعومة: آمين ياربي ..
شعرت ان الهواء الثقيل ازداد ضغطاً على انفاسها ما ان احست بيداه تمسكان بها بقوة أكبر وتسحبانها الى صدره ..
تلعثمت وظهر ارتباكها الشديد امام حواس بطي المتيقظة "المشتعلة": آ آ آ بـ بطي بروح ارقد .. آنس جسميه متكسر وميهودة ..
اقترب منها حتى لامس انفه أنفها وتخالطت انفاسها الحارقة وسط الجو المتكهرب الحار ... ثم همس بنبرة خرجت كثقل الصخر وخشونة ملمسه: متوله عليج يالجاسية .. حسي فيه دخيلج ..
خفضت اهدابها التي غدت ثقيلة ولم تتحمل حملها أكثر واغمضت عيناها بـ خوف عارم .. خوف على مشاعرها الواقفة على حواف صخرة .. خوف على سيطرتها التي بدت تنفلت من براثين قلبها العاشق ..
خوف بأن الذي يفعله هذا البطي ليس سوى كلمات ليس لها قيمة في قاموسه غير انها وسيلة لاشباع رغباته الطبيعية ..
خائفة هي .. ليس وكأن الذي سمعته منذ ايام مر مرور الكرام على وجدانها وروحها ..!!
ليس وهي تدرك الآن تمام الادراك ان بطي على علاقة عاطفية مع غيرها ..!!
ليس وكأنها الآن تثق به كما كانت تثق به على الدوام في السابق ..
خائفة .. ومرتعبة من فكرة انها خالية اليدين من الحيلة والتصرف .. وجزعة لأنها لا تستطيع السيطرة على انوثتها في حضرة رجولته المُبهرة ..!!
تحبه .. لكنها مجروحة منه .. مجروحة وترغب بحرق يابس قلبه الخائن وأخضرار شبابه المتعالي ..!!
تنفست كل معاني التمسك والشجاعة وابعدت بيديها "المرتجفتين" صدره عن مدار جسدها "الذي تجزم بأنه سيخونها ان لم تحسم الامر" ..
ابتعد قليلاً وهو منزل الرأس ويتأمل كل تقاطيع وجه زوجته العذب .. ثم همس بعد ان حاول ان يسيطر على انفعاله المثقل بالتوق: ليش مبعدتنيه يا آمنة ..؟؟!
ليش ..؟!!
خبريني ..؟!!
ابتلعت آمنة غصة غدت كالحجر الصماء .. ثم هتفت بنبرة مقتضبة خلت من مشاعر الحياة: ما ابعدك بوخويدم .. بس تعبانه وابا ارقد .. من غبشه ونحن نشتغل في بيت ابوك ..
(غبشه = الفجر)
تحركت مبتعدةً عنه وهي تضع جانب شعرها وراء أذنها بارتجاف لم يسكن بتاتاً ..
تنهد بطي تنهيدة قوية اخرج معها كل ما يسري في تلابيب صدره من انفعالات غاضبة واستياء .. ثم التفت ليغير ثيابه وينام هو الآخر علّ النوم يمنعه من الانقضاض على تلك المجنونة ونيل عسلها كله رغم انفها المتكبر العنيد ..
بينما هو يشعر بتحركها المرتبك تحت اللحاف ... زفر زفرة غضب/شوق/هيام .. ولكنها زفرة ذكرته بأمر ما يجب عليه ان يخبره لهذه القاسية ..
استدار بكامل جسده الصلب واقترب من آمنة وهمس بـ هدوء: آمنة ... ابغي اقولج شي ..
التمعت عيناه عندما رآها تستدير بجسدها الرشيق له وتنظر إليه بعيناها العذبتين ..
همست بنبرة ناعمة/مرتبكة: آمرني بوخويدم ..
تنحنح بطي بخفوت ثم قال بخشونة خرجت مع هول شوقه الكبير لهذه التي تتمد بكل غنج فطري امامه: ما يامر عليج عدو فديتج
بغيت اقولج انيه بسافر سنغافورة عقب كم يوم ويمكن اتم هناك حول الشهر ولا شهر ونص ..
شهقت بـ صدمة لم تتمكن من كبحها مما جعل بطي يتصلب ويضع يده على ذراعها
باغتته آمنة بنبرة ارتجفت من الصدمة/الضيق/الارهاق العاطفي: شعنه .. شو عندك هناك ..!!!!
تلعثم بطي ما ان رآها بهذه الانفعال، فهو لم يتوقع سوى ردة فعل جليدية على غرار روحها التي تغيرت منذ عدة ايام بسبب يجهله لم يتوقع ان تنفعل وتستاء بهذا الشكل العلني: آ آ آمون حبيبي ساير اخلص معاملات الفرع الايديد هناك وهالشي يباله فترة يلين ما يخلص ..
تلعثمه الواضح زرع الشك في نفسها أكثر مما هو مزروع لم تكن تحتاج لعلامات أكثر لتدرك ان بطي "يكذب" وان سفرته تلك لم تكن سوى سفرة "لهو" .. أو ...
أو ..
او "شهر عسل" ..!!!!
اتسعت عيناها بـ وجع روحي متمكن واستدارت لتعطيه ظهرها بحدة وقالت بصوت مكتوم من بين دمعاتها المكبوتة/قوتها المتطايرة: تروح وترجع بالسلامة بوخويدم ..
تصلبت حواس بطي وهو يرى تبدل حال زوجته الغريب من النار الى الجليد .. فقد صبره بأن يتحمل مزاجيتها المتقلبة ..
فقد صبره بحق ..!!!!
تأفف بانفعال غاضب ثم استدار هو الآخر وأغمض عيناه ليجبر النوم على المجيء ..
دخلت الحمام بسرعة بعد ان حاولت كثيراً كتم ما فيها من ألم وصدمة من الذي مر امام ناظريها طيلة هذا المساء الطويل ..
تعلقت دموع الخوف والآسى على حال ما يجري لشقيقتها وحال والدتها التي تنتحب وتندب حظ ابنتها البائس .. ابنتها التي خرجت مثل المجنونة لمكان لا يعلمه أحد ..
استرجعت في ثانية ذلك الموقف في عقلها وتذكرت مشاعر الذهول والرعب عندما رأت زوج شقيقتها بحالة مرعبة اتسمت بالغضب الهستيري ...
كانت تلك المرة الأولى التي تراه وتسمعه بهذه الاشتعال .. هي حتى لم تسمعه من قبل يتحدث برنة يتخللها الحدة او الانفعال .. كان دائماً مثال التهذيب والاحترام بنظرها .....
كان في الحقيقة .. مثال الرجل الحنون والزوج المُحب .. وليت شقيقتها رأت الذي رأته هي قبل ان تُقلب حاله لأسوء حال يتصورها مرئ ..!!
غسلت وجهها الندي الأحمر بماء بارد ثم خرجت متمتمةً بداخلها ان يحفظ الله الجميع من كل سوء وشر .. ان يحفظ الله شقيقتها من جنونها الذي لا يخرج الا ومعه مصيبة مريعة ....
لوحتها التي اتسمت بمعاني العتمة والالوان السوداوية كانت تعكس بحق مزاجها السيء .. حاولت تنحية اي مشاعر تأثر على رسمتها .. ولكنه لم تستطع .. وضعت فرشاة الألوان على الطاولة الصغيرة وبدأت تتحرك حول غرفتها بشكل ليس له نهاية ..
توقفت قبل ان تتنهد رافعةً كل شعرها الطويل الفاحم للخلف .. وأخذت تذكر الله بـ خفوت علّ الضيق والحزن ينجليان بعد هذا ..
عرفت ان التحسر على ما جرى لن يفيد ..!!
وادركت الآن انها متزوجة وانتهى الأمر ..!!
رفعت جانب شفتيها بـ سخرية مريرة وهمست:
دارت الدنيا عليّه ورجعت لك يا سلطان .. رب العالمين كتب عليه اعيش منداسه تحت ريلك طول عمريه ..
زمت فمها بقسوة نمرودية خرجت مع كبرياء انوثتها المخدوش وتابعت: بس والله ثم والله .. ما بتحلم ادق شعرة من راسيه .. واتريه زين وشوف بنت خويدم شو بتسوي ..
(ادق = تلمس)

YOU ARE READING
بات من يهواه من فرط الجوى خفق الاحشاء موهون القوى
Romanceالكاتبه : لولوه بنت عبدالله