|9| حمار برخصة

4.7K 597 67
                                    

﴿وَما تَشاءونَ إِلّا أَن يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ العالَمينَ﴾
العطايا والهبات الربانية لا تأتيك في الوقت الذي تختاره أنت، بل في الوقت الذي يكون نفعها لك أعظم فاصبر حتى يأتيك الخير..
صلوا على نبي الرحمة 💛✨
____________________________

الفصل التاسع
_________

كان يقود السيارة بهدوء شديد وعينيه على الطريق أمامه وبجانبه صديقه مستنداً على النافذة يراقب الطريق بشرود وسط جوٍ هادئٍ مخيفٍ والطفلة الصغيرة مازالت نائمة على قدمه لا تشعر بشئ ، خرج معاذ من شروده ونظر تجاه آدم يراقبه بعينيه ليهتف بترقب
"آدم، هنعمل ايه؟"
رمقه بطرف عينيه مستفسراً
"قصدك على ايه بالظبط ؟ "
نظر معاذ أمامه مجدداً وتحدث
"زين مجاش بقاله يومين ومحدش يعرف عنه حاجه وتليفونه مقفول ومنعرفش عنوان بيته حتى ، ومحمد تعبان وفي المستشفي وياعالم هو حالته النفسيه عامله ايه واكيد زعلان جدا بس بيحاول ميبينلناش دا ، وغير كدا الامتحانات التجريبية بتاعتنا احنا التلاته خلاص قربت فاضل عليها اسبوعين ولا حد فينا ذاكر ولا حتى انا اشتريت الكتب "
صمت قليلاً يحاول إيجاد بعض الحلول ثم سرعان ما تحدث مجدداً وهو مرتكز في قيادة السيارة
" من ناحية زين فدا سهل اجيب عنوانه من المدير بكرة من الفايل بتاعه ، ومن ناحية محمد هنفضل جنبه وهنحاول على قد ما نقدر منحسسهوش بعجز ابدا، ومن ناحية الامتحانات فدي سهله هنعدي منها أن شاء الله بأقل قدر مذاكرة، والكتب خلاص باقي 6 ايام وعمتي ترجع وتاخد فلوسك تجيب الكتب ونبدأ نذاكر عشان امتحانات آخر السنة مش عشان الامتحانات الهبلة اللي عاملينها لينا دي ، الامتحانات التجريبية ما هي إلا مجرد وسيلة وصلتنا لزين عشان يفوقنا ونبص لمستقبلنا شويه "
اومأ معاذ ثم تحدث يهمس مجدداً
" بس المشكله انه خلانا نفوق واختفى هو "
صمت آدم لا يدري ماذا يقول في تلك اللحظة فهو محق فقد جعلهم يفيقون واختفى هو، ولا أحد يعلم أين يوجد الآن ! ماذا يفعل في تلك اللحظة ؟ هل هو بخير ؟
أسئلة كثيرة احتلت ذهنه ولكنه لم يكن يملك الإجابه لأي منها ولكن قلقه كان قائده في تلك اللحظة وإصراره في معرفة أحوال صديقه جعلته يتحدث عارضاً تلك الفكرة التي احتلت راسه على صديقه
"معاذ، الساعه لسه ١٢ وربع احنا نروح المدرسة دلوقتي ونجيب عنوان زين من المدير ونروحله عشان انا قلقان ومش مطمن ابداً ومش هستريح غير لما اطمن عليه"
اومأ معاذ سريعاً فهو أيضاً قلق..وبشدة وقد استحسن تلك الفكرة فهما غير قادران على فِعل أكثر من ذلك، قاد آدم سيارته بعدها غيّر طريقه متجهاً إلى المدرسة ليمر عشرون دقيقة كانا قد وصلا بها أمام بوابةِ المدرسة، ترجل معاذ من السيارة اولاً وحمل الطفلة على كَتِفِه لتتململ هي في نومها ولكن لم تستغرق وقتاً طويلاً فهي سرعان ما غطت في نومٍ عميق مجدداً، هبط آدم هو الآخر وأغلق سيارته واتجه كلاهما إلى الداخل يسيران في ممرات المدرسة حتى وصلا أمام مكتب المدير فتنهد آدم ببطء ثم قام بالطرق بخفة على الباب فجاءه صوت المدير من الداخل
" ادخل يازفت الطين يامعاذ انت والحيوانين اللي معاك"
ضحك معاذ وحرك رأسه بيأس بينما دفع آدم الباب ودلف إلى الداخل فتحدث معاذ من بين ضحكاته
"ممكن اسأل حضرتك سؤال ؟ هو ليه كل ما نخبط على الباب تعرف ان احنا علطول؟ هو مفيش غيرنا في المدرسة ولا ايه ؟؟"
احتل الوجوم معالم وجهه متحدثاً بحنق
" هو فعلا مفيش غيركم في المدرسه ، الاوضة دي محدش بيدخلها اصلاً حتى المدرسين قليل جدا لما يدخلوها لكن فيه تلت رمم بيدخلوها اكتر ما بدخلها انا شخصياً "
تحمحم معاذ بإحراج وهو يتمتم
" طبعا حضرتك متقصدناش بالتلت رمم "
" انت شايف حد في المدرسة ينفع يطلق عليه لقب رمة غيركم ؟؟ دا انت الرمة الكبيرة اصلا ، المدرسة كلها محدش يقدر يعمل مشكله واحدة وكلهم هنا مؤدبين لكن مش عارف ايه اللي حدفكم عليا بس والله دا اكيد اكيد ربنا باعتكم ليا تكفير ذنوب"
صمت قليلاً بعدما تذكر شيئاً ليهتف بعدها بحنق شديد
" تصدقوا فكرتوني من كام سنة كان عندي تلت رمم برده بس الفرق انهم كانوا ولدين وبنت يلا الحمد لله ربنا ريحني منهم عقبالكم انتوا كمان "
صمت المدير فجأةً عندما لاحظ شيئاً وحرك عينيه في أرجاء الغرفة ثم تحدث بتعجب
" اومال فين الحيوان التالت؟ "
" محمد في ال...... "
كان معاذ سيكمل جملته لولا آدم الذي قاطعه بسرعة متحدثاً
" في البيت، هو بس تعبان شوية وهييجي الأسبوع الجاي ان شاء الله "
اومأ المدير بهدوء ثم سرعان ما تحدث مجدداً وهو يرفع إحدى حاجليه بتعجب
" اه صحيح فكرتوني ، عملتوا مصيبة ايه انتوا الاتنين تخليكم تيجوا مكتبي ؟"
"لا مش مصيبة يا مستر متقلقش ، احنا كنا جايين نسأل حضرتك على عنوان زين نبيل "
رفع إحدى حاجبيه مستفسراً بتعجب
" ودا ليه أن شاء الله؟ "
رفع آدم كتفيه بلامبالاة مكملاً
"ابداً دا احنا كنا عايزين نروحله بس مش عارفين مكان البيت والعنوان بيبقى متسجل في الفايل بتاعه فجينا نسأل حضرتك "
نظر لهم قليلاً يراقب معالم وجههم يحاول التأكد من حديثهم إذا كان صادقاً أو لا متمتماً
" بس دي بيانات شخصية ممنوع حد يعرفها غيره هو وأهله"
تحدث آدم بأندفاع يحاول بأي طريقه إحضار عنوانه
" بس..... "
"مفيش بس ، انا مينفعش اديلك اي حاجه من بياناته ولا حتى العنوان لأن دي قوانين حطاها إدارة المدرسة وحتى لو كنت المدير معرفش اخالف القوانين دي "
صمت آدم وعاد خطوة للخلف هاتفاً بهدوء بعدما يأس من الحصول على عنوانه
" تمام يا مستر شكراً لحضرتك "
امسك معاذ من يده وكادا يخرجان لولا صوت المدير الذي قاطعهم هاتفاً وعلى وجهه بسمة سمِجة
"صحيح يا معاذ مينفعش تجيب عيالك وانت جاي المدرسة بعد كدا "
" عيالي !! "
قالها بتعجب فتحدث المدير بتشفي
" اه "
كاد معاذ أن يتحدث ليمسكه آدم هاتفاً بسرعه في محاولة منه لإنهاء ذلك النقاش
" حاضر يا مستر مش هخليه يجيب عياله تاني "
سحبه مجدداً وخرجا واستدار آدم لكي يغلق الباب فوجد المدير يصيح من الداخل ببسمة واسعة
" ومتنسوش الامتحان قريب وهيبقي صعب وهتسقطوا وهطردكوا من المدرسة والمدرسة هتنضف أخيراً "
تحدث آدم ببسمة باردة
"متقلقش يا مستر هنشرف حضرتك ونعدي الامتحان ومش هنسمح للمدرسة تنضف ابدا، مدرستنا معفنة وهتفضل طول عمرها معفنة "
نفى برأسه بسرعة وخوف وهو يتحدث
" لا ياأخي بعد الشر أن شاء الله تنضف، ايوه أن شاء الله تسقطوا في الامتحان وتنضف دا انا بدعي في كل صلاة وبإذن الله ربنا هيحقق امنيتي "
أطل آدم برأسه مجددا وهو يهتف
" وانا بقول لحضرتك أن شاء الله مش هتنضف وهنقعد مع حضرتك السنة كلها "
أنهى كلامها وقام بإغلاق الباب ليسمع صوت صراخ المدير من الداخل
"لا لا لا لا لا لا لأاااااااااااااا "
ضحك معاذ بينما حرك آدم رأسه بيأس وهو يبتسم لينظر بعدها لساعته ثم رفع نظره مجدداً ونظر لمعاذ هاتفاً
" معاذ المفروض ورانا درس أحياء الساعه ١٢ ونص والساعه دلوقتي واحدة إلا خمسة "
" درس أحياء ولا كيميا؟ "
" لا أحياء ياخيبتها يعني استاذ محمود يعني العصاية "
تنهد معاذ بيأس ثم تمتم بترقب
"عصاية؟؟ عصاية ايه؟؟ متقولش أن ورانا مراجعة ارجوك!"
أطلق آدم ضحكة ساخرة مكملاً
"لا للأسف عندنا مراجعة وشرح درس جديد ويلا عشان اتاخرنا كفاية واستاذ محمود هيولع فينا "
تحرك الاثنان بسرعة إلى درسهما حتى وصلا فتوقف معاذ لوهلة متذكراً تلك الطفلة التي تنام على كتفه فنظر تجاه آدم وهتف بترقب
" وروح هعمل فيها ايه ! انا لو دخلت جوا بيها استاذ محمود هيطلع إشاعة في المدرسة اني متجوز ودي بنتي ويطردوني"
توقف آدم قليلاً يحاول إيجاد حل لتلك المشكلة فلم يجد في رأسه اي شيء غير حل واحد فقط يعتمد عليه وربما يصعب عليه قليلاً ولكنه بالنهاية اتخذ قراره ونظر تجاه معاذ وتحدث
" بص مش لازم النهارده تحضر الدرس استناني على السلم انت وروح، وانا هدخل وهركز على قد ما اقدر ولما اخلص نروح عند محمد واشرحلكم الدرس اللي خدناه انتوا الاتنين سوا"
استحسن معاذ تلك الفكرة كثيراً خاصة أنه لم يُجهِز ذاته حتى فتنهد ادم ثم تحرك تجاه الصف بينما هو اتجه ناحية الدرج وجلس عليه واستند على الجدار بجواره وعلى قدمه الطفلة الصغيرة، اما عند آدم فعندما وصل وقف قليلاً ينظر إلى الباب بخوف فهو قد تأخر كثيراً وبالتأكيد سوف ينال الكثير من التوبيخ، طرق على الباب ببطء شديد، ولكن فُتح الباب بسرعة شديدة جعلته ينتفض عائداً عِدة خطوات للخلف ليظهر من خلف الباب معلم الأحياء الذي نظر له نظرات نارية رافعاً إحدى حاجبيه في انتظار تفسيره عن سبب تأخره ليتحمحم آدم هاتفاً ببسمة
" كنت بصلي الظهر "
ردّه المعلم بملامح واجمة
"مش هقول ربنا يتقبل منك لا هقول ربنا ياخدك ، ادخل يااخويا ادخل "
قالها وتحرك من أمام الباب فدخل آدم وتحركت قدمه تلقائياً تجاه آخر المقاعد بالصف فتحدث المعلم مجدداً
"على فكرة احنا خلصنا الدرس وهسال عليه دلوقتي وكله هينضرب على فكرة مش انت بس"
" ومين قال لحضرتك اني هنضرب؟ "
قالها وهو يرفع حاجبيه بتعجب فضحك المعلم ساخراً
"دا انت اول واحد هتنضرب وبعدين مفيش حد هينفد من العصاية دي"
"بس انا بقول لحضرتك اني مش هنضرب طول السنة "
" تتحداني يا آدم ! "
أجابه آدم بنبرة هادئة رغم نظراته القوية نوعاً ما
" اتحداك يامستر "
قالها وجلس مكانه فتنهد المعلم ثم استدار مجدداً يُكمل شرحه لذلك الدرس البغيض من مادة الأحياء
.
بينما بالخارج عند معاذ فهو لايزال جالساً على الدرج مستنداً برأسه على الجدار وهناك الكثير من الأشياء يفكر بها برأسه، قطع أفكار بعض الأصوات العالية القادمة من الأسفل والذي يتبين انها بنهاية الدرج، قام من مكانه واتجه للأسفل بخطوات بطيئة ليطل برأسه يحاول معرفة ما يحدث حتى وجد ثلاثة شُبان يقفون أمام فتاة صغيرة يعيقون حركتها بينما هي لا تستطيع التحرك فكلما تحركت يقفون أمامها فهبطت دموعها بصمت وهي مازالت تحاول الفرار منهم بأي طريقه، فأكمل هبوطه الدرج سريعاً واتجه لها وسحبها ليجعلها تقف خلفه ووقف هو أمامها بملامح غاضبة _وقد اختفت خلفه تماماً فهو يفوقها حجماً بكثير_ متحدثاً
"فيه ايه ياأخ انت وهو مالكم ومالها !"
تقدم الأول منه بملامح ساخرة مجيباً اياه
"وانت مالك برده بتدخل ليه؟ "

المُربع"مكتملة." Where stories live. Discover now