البداية..حكاية روح (الفصل الحادي عشر)

921 59 16
                                    

البداية (حكاية روح)

الفصل الحادي عشر - بقلمي منى سليمان

* حديث صادق *

وصلت زينب إلى بيتها وطلبت من سميرة تركها بمفردها وعلى الفور نفذت رغبتها وغادرت فأخذت زينب تتجول بالشقة لتودع كل ركن فيها... دلفت بالبداية إلى غرفتها وجلست على حافة الفراش ثم أخذت تتحسسه فتذكرت ليالي العشق التي قضتها بين أحضان إبراهيم وكيف كان يضمها إلى صدره كل ليلة لينام وهو مطمئن القلب... أزالت دمعتها عندما تذكرت يوم ولادة روح، نست في لقائهما الأول كل ألم عاشته بعد موت زوجها ورأت بعينيّ صغيرتها السعادة التي تنتظرها... مرت الدقائق وهي جالسة كما هي وبصعوبة وقفت واتجهت نحو غرفة والدها وما إن دلفت إليها حتى رأت نفسها تجلس إلى جوار أبيها وهي صغيرة، عليه تتدلل ومنه تطلب حكاية ليقصها عليها، رأت كذلك أمها وهي ترمقها بنظرات غضب مصطنعة لتُخبرها كم هي تشعر بالغيرة وقت يُدللها ماهر فابتسمت زينب وغادرت الغرفة ومنها مضت إلى غرفة روح... دلفت إليها وبدأت تتأمل الصور المُعلقة على الجدران وبداخلها سجل ماهر كل مراحل عمر حفيدته، من يوم الولادة حتى يوم نتيجة الثانوية العامة... تألمت وقت تذكرت روح وهي جالسة بقربها عندما التقط لهما تلك الصورة، وابتسمت كذلك عندما انتقلت ببصرها لصورة أخرى كانت روح فيها تتناول الطعام للمرة الأولى ولطخت نفسها وثيابها...
أطلقت تنهيدة حارة وأكملت جولتها ولم يُقاطعها سوى صوت طرق على باب الشقة فكفكفت دموعها واتجهت نحو الباب وفتحته

- كنت جاية أقعد مع سميرة بدل قعدتي لوحدي وما توقعتش ألاقيكي، خير جايه بدري ليه؟

تساءلت والدة محمد وقبل أن تُجيب زينب تابعت: أنتِ بتعيطي؟

- لا أبدًا، ده أنا حتى عندي خبر حلو ليكي
- خير؟
- أنا أتجوزت

تعالت شهقات والدة محمد وبعد أن استوعبت ما سمعته تبدل حالها وقالت: أخيرًا يا زينب! ألف مبروك يا حبيبتي، ربنا يعوضك خير، مين سعيد الحظ؟

- زميلي في الشغل
- اللي بعت سميرة تونسك؟

أجابتها بنعم فابتسمت لها وتحدثت بسعادة: كان قلبي حاسس، ربنا يسعدك، بس أوعي تكوني هتمشي وتروحي تعيشي معاه؟

- مضطرة أمشي، صحيح الشقة هنا صحيح غالية عليا بس أنا محتاجة بداية جديدة في كل حاجة
- مع أني مش قادرة أتخيل العمارة من غيرك بس فعلًا أنتِ محتاجة تفرحي وتعيشي الدنيا اللي ما عيشتهاش
- مهما بعدت هنفضل أخوات وأصحاب وعشرة عمر
- طبعًا

كما ودعت شقتها ودعت رفيقة عمرها بأن غمرتها بحنان ثم طلبت منها مساعدتها لتجمع ثيابها وتستعد لبدء حياتها الجديدة، وعلى هذا الحال مر الوقت وتركت الشمس مكانها ليسكن القمر دارها فالتقطت زينب هاتفها واتجهت نحو الشرفة لتتحدث إلى ضياء وتطلب منه أن يأتي لأخذها، إلا أنها بمجرد أن دلفت إليها رأته يقف أمام سيارته فابتسمت بسعادة وأجرت الاتصال

البداية - منى سليمانWhere stories live. Discover now