البداية.. حكاية أمينة (الفصل التاسع)

306 30 12
                                    

البداية (حكاية أمينة)

الفصل التاسع - بقلمي منى سليمان

* طريق الشيطان *

في السادسة والنصف صباحًا أعلن أحد أطباء الأطفال وفاة الصغير وطلب من الممرضة المسئولة الاتصال بذويه وبعد ذلك غادر ليُباشر عمله، فاستخدمت الهاتف الخاص بالمشفى لتتصل بالرقم الذي تركه والده لكنها وجدت الهاتف مغلقًا بعد أن فرغت البطارية دون أن ينتبه سيد لذلك، فاستخدمت الهاتف مرة أخرى لتتصل بالرقم الاحتياطي...
على الجانب الأخر كانت وفاء تجلس على سجادة الصلاة وتدعو الله لكي يحفظ أمينة وابنها، إلا أنها بمجرد أن انتبهت لصوت رنين هاتف زوجها انتفضت عن السجادة ووقفت إلى جوار خالد الذي التقط هاتفه على الفور ثم ضغط زر الإيجاب وقبل أن يتفوه ولو بكلمة سبقته الممرضة وتحدثت.

- السلام عليكم، أستاذ خالد محمد معايا؟
- أيوه، أنا خالد.
- بكلم حضرتك من حضانة مستشفى (...).
- الولد جراله حاجة؟

بصوت مرتعش سألها وانتظر الرد وقلبه ينبض بسرعة جنونية ازدادت عندما قالت: البقاء لله.

وضع يده على ثغره من هول الصدمة فتوقعت وفاء ما حدث وجلست على حافة الفراش قبل أن تفقد وعيها وتسقط أرضًا، بينما على الطرف الأخر لم تحصل الممرضة على أي تعليق لِما قالته فتابعت: حضرتك معايا.

- معاكي.
- رقم حضرتك متسجل عندنا رقم احتياطي ومتبلغين أن حضرتك العم وحاولنا نتواصل مع الأب بس الرقم مغلق، فياريت حضرتك تيجي تستلم الولد بدل ما يتحط في تلاجة الموتى.
- حاضر.

بنبرة صوت تجمع بها حزن الدنيا ردد خالد كلمته ثم أنهى الاتصال فاختبأت وفاء في صدره وبكت بحرقة، فبين ليلة وضحاها خسرت صديقتها طفلها ومعه خسرت قدرتها على الإنجاب... حاول خالد مواساتها وهو في حاجة لمن يواسيه لكنه لا يملك رفاهية الانهيار لذلك طلب منها التماسك ثم أبدل ثيابه في عُجالة وهتف.

- غيري هدومك بسرعة على ما أنزل أبلغ ماما، وأنتِ كلمي خال أمينة وبلغيه.
- مش عارفة أزاي هقدر أقولهم، في لحظة كل حاجة اتغيرت، حاول كلم سيد تاني يمكن يكون فتح تليفونه.
- حاولت وبرضو مغلق ومش هينفع نستنى، أكيد هيروح المستشفى الساعة ٩ زي ما قالوا إمبارح نرجع في ميعاد الزيارة.
- ربنا يستر على أمينة لما تفوق وتعرف.
- وربنا يستر على ماما لما تعرف.

زفر بحرقة ثم غادر إلى شقة والدته بينما التقطت وفاء هاتفها واتصلت بغالية التي ما إن علمت بالخبر الأليم حتى فاضت دموعها وأخذت تُردد جملة "لا إله إلا الله، لطفك يارب" مرارًا وتكرارًا ولم يختلف حال نجاة عن حالها فعندما نقل خالد الخبر إليها بكت بحرقة وطلبت من الله أن يُلهمها الصبر لتتحمل كل ما يحدث...
مرت الدقائق ووصل خالد إلى المشفى مصطحبًا أمه وزوجته التي تركت صغيرها ببيت أمها مرة أخرى... دلفوا إلى الداخل واتجهوا مُباشرة نحو غرفة الرعاية الخاصة بالأطفال المُبتسرين وأمامها وجدوا عبد الله وغالية.

البداية - منى سليمانDove le storie prendono vita. Scoprilo ora