البداية.. حكاية أمينة (الفصل الثاني عشر والأخير الجزء الأول)

310 31 5
                                    

البداية (حكاية أمينة)

الفصل الثاني عشر والأخير (الجزء الأول)  - بقلمي منى سليمان

* البداية *

يا من كنت لي بالماضي السند والأمان...
كيف خدعت قلبي وسرقت مني السعادة وتركتني وحدي أصارع الأحزان...
أين ذهبت وعودك؟ وكيف خونت الأمانة؟ ولماذا أتيت اليوم؟
ألم تكتفي من جرح قلبي وقتل روحي وسرقة أحلامي؟
أم أتيت لتُحيي في قُربك كل أحزاني؟

***

بصعوبة سيطرت أمينة على خوفها الذي وُلد بذات اللحظة التي نطق فيها سيد حروف أسمها... لم تكن في وضع يسمح لها بمواجهته فقد أرهق الحزن قلبها وقتلتها الخيانة ولم يعد لديها أي طاقة لتستنفذها في حضرته لذلك تجاهلته ومدت يدها لتفتح باب المصعد بمجرد أن استقر في الطابق الأرضي لكن سيد قرر منعها عندما وضع يده على الباب ومنعها من فتحه فرفعت بصرها إليه ورمته بنظرة تجمع بها الغضب والحزن وبعدها انفجرت في وجهه.

- أنت ليك عين تيجي هنا؟ جاي ليه ما خلاص خدت مني كل حاجة لسه عايز إيه تاني؟
- يا أمينة أنا...

قاطعته: أخرس وما تنطقش أسمي تاني، أنا مش عايزة أشوف وشك ولا قادرة أسمع صوتك وقسمًا بالله لو شوفتك تاني حتى لو صدفة هروح أعملك محضر في القسم.

كانت كلماتها بمثابة سهم مسموم أصاب قلبه وقتل بعدها روحه لكنه تجاهل كل ما شعر به وشرع أن يتحدث علها تسمعه وتُعطيه الفرصة التي لطالما تمناها ليُصلح ما أفسده لكن اقتراب أحد المترددين على العقار حال دول ذلك.

- في حاجة يا آنسة؟

أجابته أمينة: الشيء ده حاول يتهجم عليا.

اقترب الشاب من سيد وتشاجر معه ثم أرغمه على المغادرة فانتظرت أمينة حتى تأكدت من رحيله ثم خلعت عنها ثوب الثبات وعلى الفور خارت قواها وجلست على الأرض بعد أن فُتحت جميع جروحها... عاد الشاب إليها وساعدها على الوقوف ثم قدم إليها زجاجة المياه خاصته علها تشرب منها فتهدأ قليلا لكن أمينة شكرته وقبل أن يتفوه ولو بكلمة تركته وغادرت والدموع تتساقط من مقلتيها بغزارة... شعرت بقلبها يتمزق عندما استعاد عقلها ذكرى حملها لجثمان صغيرها الذي تسبب سيد في موته وبعدها شعرت بالألم يسري بذراعيها اللذان تذكرا أيضا حملهما له، فرفعت كفها ووضعته على قلبها الذي كان ينزف دمًا من شدة الحزن العالق بين ثناياه وجداره، وظلت تمضي وتمضي ضاربة عرض الحائط بنظرات المارة إليها...
لم يقل حزن سيد عن حزنها فقد كان يقود سيارته وعبراته تفيض، فبالماضي كان لها السند والسعادة والأمان واليوم أصبح عدوها وقربه منها بات مصدر رئيسي لغضبها وحزنها...
بعد قرابة الساعة وصلت أمينة على مقربة من منزل جدها الذي أصبح حصن الأمان بالنسبة لها وما إن وصلت أمام بوابته حتى ترجلت منال من السيارة ورأتها في حالة يرثى لها... بهذه اللحظة تناست أمينة كل شيء ولصدر خالتها لجأت فقد كانت في حاجة لمن يضمها ويحتوي ما تمر به، فلم تبخل منال عليها بالدعم كما كانت تفعل وقت كانت أمينة طفلة، بل ضمتها إليها واحتضنتها بقوة علها تهدأ لكن ذلك لم يحدث فأبعدتها منال قليلا وكفكفت عبراتها ثم اصطحبتها إلى الداخل بعد أن لاحظت نظرات الناس الموجهة نحوهما...
لم يكن هناك أحد بالمنزل فقد ذهب عبد الله إلى عمله وذهبت غالية لزيارة أهلها ولحقت شمس بها بعد أن أوصلت نور إلى مدرستة... اتجهت أمينة على الفور إلى غرفة جدها، المكان الوحيد الذي تشعر فيه بالأمان، فلحقت منال بها وجلست أمامها على حافة الفراش ثم تساءلت.

البداية - منى سليمانWhere stories live. Discover now