الحدس

278 15 0
                                    

#الحدس

*الأردن
*التسعينات

خرجنا من الكويت متجهين إلى الأردن برحلة علاجية لوالدة صديقي أحمد، ركبت السيارة برفقة صديقين أخرين وأحمد وأمه، قاصدين وجهتنا المنشودة.
وصلنا الأردن وأقمنا في فندق بمنطقة (الدوار السابع)، ولا أنكر بأنه قد وقع حب هذه الدولة وشعبها في قلبي. زرنا العديد من الأماكن السياحية من المدرج الروماني إلى حدائق الحُسين إلى قلعة عجلون، هكذا دواليك الى ان ذهبنا إلى حمامات ماعين للعلاج.
انهت الخالة أم أحمد علاجها، وارتحنا في الفندق ليومين، ثم صعدنا سيارتنا عائدين إلى الكويت. خرجنا ليلاً لنحظى بالقليل من الهواء العليل فقد كانت درجات الحرارة عالية في النهار.
نام أصدقائي والخالة ام احمد، وبقيت انا وأحمد الذي كان يقود السيارة مستيقظان. وصلنا إلى طريق أخبرني أحمد بأنه طريق مختصر يقودنا إلى الجوازات الحديثة قبل الجوازات السعودية.
طريق طويل موحش لا يبعث على الأمان أبداً لكنه سيوفر الوقت كثيراً، سلكناه رغم رفضي لذلك خوفاً من المجهول، لكن أحمد أصر على ذلك.
تسير السيارة وعلى يمينها وشمالها أشجار كثيفة، كان الطريق اقل ما يمكنني وصفه به شارع في قلب غابة، الإنارة قليلة إلى حد الشبه معدومة، ظلامٌ دامس، أصوات كلاب تعوي هنا وهناك. بدأ الخوف يتسرب إلى قلبي، ففي مثل هذه الأماكن لن نجد غطاء أمني مكثف يحمي من قطاع الطرق، وبسيارة ذات لوحة كويتية سنكون عرضة للخطر أكثر من الازم.

بدأت أتحدث مع أحمد في محاولة بائسة مني بتخفيف القلق والتوتر الواضح على وجهي. رأينا سيارة من نوع (جيب) تقف على يمين الطريق، تضع إضاءة دورية، لكن الضوء كان خافت بشكل كبير، فلولا إكتساح المكان بالسواد لما تبين لنا هذا الضوء.
بدأت السيارة بالسير خلفنا، إلى ان أصبحت موازية لنا، يطل منها رأس شاب حنطي البشرة وهو يقول لنا توقفوا.
ولسذاجة رفيقي كان يريد الوقوف على يمين الطريق، لكنني صرحت بكل ما أوتيت من قوة وانا اقول له:
_لا تتوقف.
_فيصل، ما بالك انها سيارة شرطة.
عدتها بصوتٍ أعلى من ذي قبل، قائلاً:
_لا تتوقف.
لم أقل قولي هذا تجاوزاً للقانون بتاتاً، لكن حدسي أملى علي ذلك، ولم يخطئ حدسي قبل ذلك أبداً. فمن المستحيل ان اجعله يتوقف في منطقة نائية مثل هذه، ثم انها ليست نقطة تفتيش او دورية حتى لننصاع تحت رغبته، قال أحمد بقلق:
_دعنا نتوقف تجنباً للمشاكل.
_لا تتوقف أبداً، اذا كان يريد منا شيء فليتبعنا إلى الجوازات.
_ماذا دهاك هذه سيارة شرطة.
_صدقني بأنهم لصوص.
زاد أحمد من سرعته بعد ان سمع كلامي، لتبدأ مع زيادة السرعة مطاردة من النوع الهوليودي، إلى ان وصلنا إلى نقطة تفتيش رسمية قبل الجوازات، ومن الواضح جداً بأنها نقطة تفتيش رسمية بلا أدنى شك.
نزلت من السيارة وتوجهت لهم، قلت :
_نحن من الكويت، وعلى بُعد (30) كيلو من هنا، كان هناك سيارة تدعي بأنها سيارة شرطة تحاول إيقافنا، لكنني رفضت الإنصات لهم وحثثت صديقي على المضي قدماً ليسَ تجاوزاً للقوانين، لكن طريقتهم ليست كطريقة رجال الأمن.
_قال لكم توقفوا وانتم تسيرون في السيارة؟
_نعم.
_بالفعل هذه ليست من طرق رجال الأمن.
_صديقي خائف، يظن بأننا قد هربنا من دورية شرطة.
بدأوا بالبحث في الأمر، ليأكدوا لنا بالفعل بأنها ليست دورية شرطة، وليس هناك اي نُقط تفتيش قبل هذه النقطة، ليفتر صديقي فاهه باستغراب سائلاً :
_يا لك من داهية، كيف تيقنت من ذلك؟
_انه الحدس يا صديقي، إياك والوقوف لأحدٍ مرةً أخرى، لو لم اقم بمنعك لكنا الآن في عداد الموتى.
..تمت..
تنويه:
القصة بأحداثها حقيقية.
#بِــقَلَمـــي 💜🕊️

الجانب المظلم Where stories live. Discover now