عشيقي من الجن

195 12 0
                                    

#عشيقي_من_الجن 1

ارتفع صوتي بعد أن إزداد النقاش حدةً بيني وبين خطيبي محمود، لا أدري ما سبب هذه المشاحنات التي بدأت تزداد بالآونة الأخيرة، لكن كل ما أعلمه بأني لا أطيق النظر إلى وجهه الذي كان في السابق أجمل وجهٍ وقع عليه بصري.
عُدت إلى المنزل في وقتٍ متأخر بعد أن إبتعت بعض الحاجيات لمنزل الزوجية الذي سأسكن فيه بعد أشهر معدودات وذهبت إلى حُجرتي لأبدل ملابسي، في هذه الأثناء شعرت بذات الشعور الذي لا يزال يرافقني منذ فترةٍ ليست بقليلة، ما أن وضعت أول خطوةٍ لي في غرفتي حتى داعب بشرتي هواءٌ ذو مصدرٍ مجهول فنوافذ غرفتي مغلقة ولا مجال لنسمات الهواء للدخول هنا. تجاهلت هذا الأمر فأنا معتادةٌ عليه.
خلعت عني ملابسي التي خرجت بها وأمسكت ملابس النوم راغبةً بإرتداءها، لحظاتٌ قليلة شعرت وكأنها دهر فها أنا ذا أشعر بأنفاسٍ ساخنة قريبةٍ من عُنقي ثم شعرت بأن هناكَ يداً خفيةً تداعب بشرةَ وجهي تارة وعنقي تارةً أُخره ثم ينتقل الشعور إلى خصلات شعري فكانت تُداعب بحنانٍ مُفرط، كان شعوراً حقيقياً لا يمكنني إنكاره، بدأت هذه اليد تنزل قليلاً قلياً على مهلٍ لتلمس أجزاء جسمي كاملة دون إستثناء، ثُمَّ أُلقيَ بي على الأرض وبدأتُ أجر من قدمّاي حتى وصلت إلى المرحاض المخصص لي، كان الخوف قد تمكن مني بكل معانيه لأطلق صرخةً أحدثَ دويها جلبة كسرت عتمةَ هذه الليلة التي كانت الأثقل على قلبي.
هرعت أمي مسرعة لتقتحم عليَ الغرفة وتجدني ملقاةً على الأرض، إحتضنت رأسي وبدأت تهدء من روعي وتخبرني بأني سأكون بخير وبأنها ستصدق كل ما أخبرها به فبدأت أخبرها وانا أبكي بحضنها كالطفل الذي يهرب من ضجيج العالم إلى أحضان امه.
خرجت أمي بعد أن تأكدت من نومي، كان لوجودها أثرٌ جميل فهي مصدر الآمان الذي لا غنى لي عنه، إستيقظتُ ليلتها وانا أشعر بأن جبال الأرض كلها على صدري وبأني مثبتة بفراشي ولا يُمكنني الحراك بتاتاً، كل ما أذكره بأني كنت في حجرتي، كيف أصبحت الآن في لندن لا أعرف، فقد كانت المدينة التي أحلم بزيارتها منذ الطفولة، تجولت بأرجاءها وتأملت معالمها لكن كنت على يقينٍ تام بأني أحلم بواقعية فهل أنا أحلم بيقظة؟ فأنا غير مرئية للغير لكن أعيش هناك بواقعية، ما أن عُدت إلى الواقع حتى رأيت وجهاً كان الأبشعَ على الإطلاق، شخصاً ذو قرون ضخمه له ملامح لكني لا استطيع قراءتها، بدأ يتحدث معي بصوته الغليظ الذي احسست معه بأن صدري يختلج لقوته:
_كيف حالكِ يا آية، أنا إسمي طلمش من قبيلة بني دهمان، لا شأن لكِ في عُمري فلن يستطيع عقلك البشري المقيد فكرياً بتصديقه، أود إعلامكِ بأنه منذ أن وقع بصري عليكِ لأول مرة وقعت في غرامكِ واريدكِ زوجةً لي شئتِ أم أبيتِ، كل ما تحلمينَ به سيكون تحت قدمك في نفس اللحظة حتى قبل أن تخبريني به، سألبسكِ ما تتمنين وستزروين من المدن ما تشاء نفسكِ، ستأكلين من الطعام كل ما لذَ وطاب، وسأبقَ بقربكِ في كل لحظة تتمنين وجودي فيها وأزوركِ بالصورة التي ترغبين برؤيتها.
توقف الكون برهةً ثم بدأ يغير شكله ليصبح ذو مظهرٍ جميل فأصبحَ وسيماً حد الهلاك، شابٌ في مقتبل العمر حنطي البشرة، واسع العيون، كثيف الأهدب، ذو شعرٍ أملس كستنائي اللون، مفتول العضلات، فارع الطول، أقبل نحوي بخيلاء وجلس بقربي يداعب بشرتي بلطف حتى سكن شيءٌ ما بقلبي نحوه، فبتُ الآن لا اخشاه وآنس قربه.
مع مرور الأيام بدأت أحب الوحدة كثيراً، فبوحدتي أجده معي يرافقني ويحدثني بأمورٍ لا أمل سماعها، يحتويني بحبٍ واضح لا يمكنه إخفاءه، هكذا دواليك إلى أن بدأت فعلياً أغرم به. في هذه الليلة التي صرّحت فيها بحبي له، زرت باريس بصحبته وصعدنا إلى قمة برج ايفل ليخبرني آنذاك برغبته المُلحة بالزواج بي.
يتبع..
#قصص_واقعية
#بِــقَلَمـــي
#حنان_جناجرة

الجانب المظلم Where stories live. Discover now