بعد عام ونصف | الجزء الأول

128 5 0
                                    

الأمور التي تأتيكَ بسهولة ودون عناء لها نهايتين، إما أن ترحل بذات السهولة، وإما أن تقلب حياتكَ رأساً على عقب.

في أواخر التسعينات، كنت أجلس بمكتب المحاماة الخاص بي في دُبي، إبتدأت هذا اليوم بنهارٍ هادىء على عكس ما يحمله من أحداث، أحتسي قهوتي وأطالع الملفات القضائية. باغتني إتصال من أحد موكليني السابقين البالغ من العمر(25 )، من صوته شعرت بأنه في ورطة، قال لي بصوتٍ يملأه التوتر:
_انا في النيابة، الآن انتهيت من التحقيق، خرجت لأجلس في الإنتظار، من الممكن ان يحتجزوني، أرجوك ساعدني.
هرعت له وانا في قمة القلق، ما ان وصلت النيابة ودلفت قاعة الإنتظار، حتى وجدته يجلس متأهباً وهو ينتظرني، سألته وانا أتفحص عينيه : ما الذي حصل؟
_قبل ثلاث أسابيع، تعرفت على فتاة عن طريق الهاتف الأرضي، بدأنا نتحدث يومياً لساعات، كنت أحدثها ليلاً أيضاً، لم تمنعني يوماً من توالي الإتصالات التي أجريها على هاتف منزلها، فقلت يبدوا أن أهلها لا يراقبون تصرفاتها.
توقف هنيهة، وتنفس الصعداء ثم تابع حديثة وهو يقول: ذات يوم بعد ان توطدت علاقتنا أكثر، تحدثت معي، وقالت لي، اذا كنت تحبني حقاً، تعال إلى هذا الموقع، وأخبرتني بمكان تواجدها، ثم قالت انا أحتاجك حقاً.
تناول القليل من الماء وتابع قوله: لا أنكر بإني قد سعدت لهذا القول، فقلت ربما أصيد عصفورين بحجر، الأول بأني سوف أراها، والثاني أني سأثبت لها رجولتي.
ما أن وصلت حتى وجدتها واقفةً بشموخ أمام أحد المحلات عرفت انها هي، فقد أخبرتني بأنها سترتدي عباءة وستضع على رأسها حجاب خمريّ اللون، وقفت على مقربةٍ منها بسيارتي وقلت لها إصعدي، وبالفعل صعدت بالسيارة، فسألتها حاجتها، لينزل قولها على رأسي كالصاعقة، فقالت: لقد هربت من منزل أهلي، ولا يوجد من اثق به غيرك.
_حسناً وماذا فقلت بعدها؟
_لم أستطع ان أرفض طلبها، وانا المتيم بحبها، وكنت حقاً ارغب بالزواج منها. لا عليك بهذا الهراء، المهم بالأمر هو أني أخذتها وتوجهت صوب المزرعةِ الخاصة بوالدي، فقلت في داخلي سأنقذها واسجل موقف بطولي عندها.
_يا لكَ من غبي، أخذتها إلى مزعة والدك، اكمل اكمل، يبدو انك متورط بالقضيةِ لأخمص قدميك.
_أسكنتها بالمزرعة، مضى اليوم الأول فالثاني فالثالث، وتتابعت الأيام، كنت أحياناً انام عندها بالمزرعة ولا أعود للمنزل، الى ان جملها الشيطان بعيني، وأقمت معها علاقة حميمة.
ضربت على رأسي لمجرد قوله هذه الكلمة، قاطعني قبل ان افتح فمي وقال: على رسلك، انصت للتالي.
_أكمل.
_الغريب بالأمر أنها لم تمتنع بتاتاً، بل قامت تتمايل أمامي بخيلاء. بعد مرور الثلاث أسابيع، تم إلقاء القبض علي، علمت لاحقاً بأن ذويها قدموا بلاغ تغيب، فقامت الشرطة بإخراج سجل إتصالاتها، وظهر رقم منزلي وعملي. في بادء الأمر أنكرت معرفتي بها خوفاً عليها لا على نفسي، وبعد التحقيق المكثف، وتوالي الضغوطات علي، أخبرتهم بأنها معي ولم أخذها عنوةً، بل جاءت لوحدها طوعاً، هاربةً من بطش أبيها.
قلت له توفف إلى هنا، سأدخل عند وكيل النيابة وأسأله، وأخبره بما حدث معك.
يتبع..

الجانب المظلم Where stories live. Discover now