الفصل السابع

324 82 121
                                    

سحقاً.. إنَّه يقف في الممر من جديد.. وكأنه حفظ أيام محاضراتي الصباحية ليستغلَّ فرصة غياب صديقاتي.. لأول مرة أراه بقميصٍ أبيض.. فتناقضَ البياض مع سواد لحيته وشعره ليظهر حُسنه بشكلٍ مضاعف.. ويربك نظام أنفاسي للحظة.. لكن سرعان ما سيطر الضيق عليّ وقصدتُه بتعابير جامدة مفضّلةً مواجهته على التهرب.. اعتدل في وقوفه بعد أن كان متكئاً على الجدار خافياً يديه في جيوب بنطاله الأسود.. فقلتُ بحدة حال وصولي إليه:

ـ كفّ عن ملاحقتي.

ـ سأفعل، لكن لا بد أن أطرح عليكِ سؤالاً أولاً.

ـ أي سؤال؟

دلك ظهر عنقه قائلاً:

ـ لا أظن أن إعجابي بكِ قد خَفيَ عنكِ، ولم يخف عني كونكِ لستِ ممن تسمح بعلاقات الحب بهذا الشكل، لذا فاسمحي باقتراح حلٍّ يُرضي الطرفين.

عقدتُ جبيني غيرَ معلّقةٍ على كلامه الصريح أكثر من اللازم.. فتابع ليقول:

ـ هل تقبلين بي لو تقدمت لخطبتك؟

صعقني السؤال وانعقد لساني.. فلم يكن هذا السؤال أحد الاحتمالات التي استعد لها عقلي.. تراجعتُ بخطوة إلى الوراء وقاومتُ رغبتي بإخفاء وجهي المشتعل بحقيبتي.. قال سريعاً وكأنه خشيَ أن أهرب منه:

ـ اتخذيها فرصةً للتعارف بطريقة ترضيكِ، وإن لم تجديني أهلاً لأن أكون شريكاً لحياتكِ فنستطيع إنهاء العقد بشكلٍ ودّي.

تراجعتُ بخطوة أخرى وألقيتُ بنظرة نحو القاعة.. أتجهز للإفلات من الموقف الذي وضعني فيه.. لكنّه قال بإصرار:

ـ هل يناسبُكم هذا الخميس لطلب يدك؟

لم أستطع المقاومة أكثر.. بل أسرعتُ بخطواتي نحو القاعة.. فلحقني نداؤه وهو يقول:

ـ سأفسّرُ صمتكِ على أنه رضا!

*****

لم أستوعب جدّيّتَه في عرضه إلا حين اتصلت بي سما مساء ذلك اليوم وأخبرتني أنّ نوح حادثها في الجامعة وطلب منها معلومات عني.. اسم عائلتي.. مكان سكني.. مكان عمل والدي وغيره.. ثم قالت بحماسٍ إنها لم تتوقع هذا التطور السريع.. فاستأذنتُ منها وقطعتُ الاتصال.. الاضطراب الذي صاحبني بعد ذلك الاتصال لا مقارنة له بالاضطراب قبله.. هذا الخميس؟.. بالله عليك أعطني فرصةً لأستوعب الأمر أولاً.. لأعرف حقيقة مشاعري تجاهك.. واجهتُ صعوبةً في النوم تلك الليلة.. لكنني انتقلتُ إلى العالم الآخر أخيراً وكان صاحب الهالة الخافتة ينتظرني كعادته.. باشر بسؤالي:

ـ ما سببُ اضطرابك؟

هل يشعر باضطرابي؟.. قلتُ وأنا أخفض رأسي نحو حجري الذي لا أراه:

ـ سيتقدم نوح لخطبتي.

صمت.. والمزيد من الصمت.. ثم قال أخيراً:

ـ هل ستوافقين؟

ـ لا أعلم.

ـ يبدو أنّكِ ستفعلين.

ـ ما الذي يجعلك تظن ذلك؟

ـ لو كنتِ تنوين الرفض لرفضتِ، أما ترددكِ هذا فيعني أنكِ ستوافقين.

ـ هل.. يزعجكَ ذلك؟

ـ كلا.

لا أفهم.. كيف لا ينزعجُ وهو يدعي حبَّه لي ورغبته بعودتي إليه؟.. يبدو أنه يقرأ أفكاري لأنّه قال:

ـ أحبكِ، لكنَّ ما يحصلُ في عالمكِ لا يزعجني، بل بُعدكِ عني هو ما يزعجني.

ـ ربما عليك أن تعتاد.

ـ لن أفعل، سأنتظر.

ـ لا فائدة من انتظارك.

ـ بلى، فلقد بدأتِ تؤمنين بعالمي.

قلتُ بثقة لا أملكُها:

ـ مخطئ!

ـ الفترة القادمة ستثبت حقيقة ما أقوله.

نهضتُ من مكاني ورفعتُ نبرة صوتي قائلة:

ـ برأيي أن تكفّ عن زياراتك هذه، فسوف أصبح على ذمة رجل آخر.

نهض هو الأخر وقال بهدوء:

ـ لن أكفّ حتى تعودي إليّ.

ـ لن أعود! لقد بدأت حياتي للتو ولن أتخلى عنها من أجل شيء مجهول! 

فصل تجريبي.. إذا بقى التفاعل هيج راح أتوقف عن النشر لحد ما يرجعلي الواهس..🤐
لأن مو معقولة اني اتعب واكتب لخاطركم وانتو تستكثرون الصوت والتعليق🤷‍♀️
والمتفاعلين ياريت تعذروني بس حقي من أشوف ماكو تقدير انو أتوقف..
نلتقي على خير..❤️



لا تعبث بعالميWhere stories live. Discover now