الفصل العاشر: مشاعر مختلطة ومتناقدة

37 6 15
                                    

في قصر زين الراوي استيقظ زين في الصباح ثم دخل المرحاض ليتوضأ ويؤدي فرضه ثم يقرأ ورده اليومي المعتاد، وبعد انتهائه من ما يفعل نزل إلى الأسفل ثم أعد كوب قهوة لنفسه وأخذه ودخل إلى المكتب الخاص به، فرغم أنه قرر أن يترك لشهاب مساحته الخاصة لكي يفكر ويستعيد ذاته ألا أنه فضل أن يظل معه اليوم ولا يذهب للعمل فهو هاكذا سيكون مطمئن عليه أكثر.

ظل زين جالس في مكتبه يقرأ في أحد الكتب حتى قطع قراءته صوت طرق خفيف على باب المكتب جعله يرفع رأسه عن كتابه ويتنهد قائلا في هدوء فهو بالطبع يعلم هوية الطارق والذي لن يكون سوى شهاب بحكم أنهما يعيشان بمفردهما في المنزل، فهما لا يفضلان وجود العاملين في المنزل بحكم أنهما كانا يستطيعان فعل كل شيء وهما في أمريكا، فهما كانا يعيشان هناك في منزل بسيط مكون من طابقين وكانا لا يدعا أحد يفعل لهما شيء فحتى التنظيف كانا يتشاركانه سويا:

تعالى يا شهاب.

دخل شهاب ثم اتجه إلى النافذة مباشرة وفتحها ووقف ينظر إلى الخارج دون أن ينبس بحرف أو يفكر حتى في أن يلقي نظرة على جده، فتلك عادته عندما يريد أن يتحدث ولا يستطع.

تنهد زين في هدوء ثم قال متسائلا في غموض:

تفتكر كدة الحكاية خلصت يا شهاب؟

لم يجب شهاب فأكمل زين موضحا:

يعني بمعنى أوضح تفتكر هي كدة اختارت؟

التف إليه شهاب أخيرا ولكنه لم يتحدث بل أنه أخذ يطالعه في نظرات باردة تخفي خلفها الكثير.

قال زين في هدوء عندما رأى نظراته الباردة والتي لم تخف شيء بالنسبة له بل على العكس تماما فهي أظهرت مدى وجعه وتخبطه في تلك اللحظة، فشهاب ليس حفيده فقط بل أنه يعتبره كابن ورفيق له ولن ينخدع بنظراته تلك، فهو أكثر من يعلم ما خلف كل تلك النظرات:

شهاب قول أي حاجة سكوتك ده مش هيفيدك في شيء.

صمت كل ما تلقاه زين من شهاب في تلك اللحظة هو الصمت والبرود لا أكثر، ظلا على تلك الحالة حتى تحدث شهاب كاسرا هذا الصمت بنبرة أقل ما يقال عنها معذبة ومكسورة، نبرة تشعرك بما يعانيه دون أن يشرحه أو يحكيه، نبرة لخصت كل شيء فهي لم تكن كأي نبرة صدرت عنه يوما فتلك النبرة كانت لعاشق سُحِق قلبه دون رحمة أو شفقة، عاشق قرر القدر أن يأخذ منه كل شيء وأي شيء من قبل أن يفكر حتى في الحصول عليه أو الاستمتاع به للحظة واحدة، فماذا كان ينتظر من قدره الذي لم ينصفه يوما:

ليه؟

هل أحدكم شعر من قبل أنه عاجز عن إجابة سؤال مكون من كلمة واحدة فقط، هل أحدكم شعر من قبل أن تلك الكلمة المكونة من ثلاثة أحرف فقط هي أقسى وأصعب سؤال سئله يوما، هذا ما كان يشعر به زين الآن، فرغم البساطة الظاهرية التي كانت في سؤال شهاب إلا أنها تخفي وراءها الكثير، تخفي وراءها حديث مؤلم تمنى زين أن يقوله شهاب عواضا عن تلك الكلمة التي لم يكره زين شيء بقدر كرهه لها الآن.

على مَن سيقع الاختيار؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن