اقتباس من أحداث قادمة

36 5 2
                                    

نظرت له في عدم تصديق وهي غير مستوعبة أنه ينظر لأخرى نظرات لم يسبق أن نظرها لها هي ويطالعها بكل هذا القلق المصحوب بنظرات مختلفة تماما، نظرات لم يخص امرأة بها يوما حتى هي، نظرات كانت تبدو كنظرات إعجاب،  انبهار، أو ربما حب.

لحظة لحظة هل أنا قلت حب، ربما أكون أنا قد أخطأت التعبير وربما لا فكل شيء جائز في حكاية عشقهم الغريبة تلك.

نظرت له ولمن يقف معها ويكاد يأكلها بنظراته المتلهفة وهو يسألها في خوف لم يبده لها هي من الأساس:

أنتِ كويسة جرى ل.........

وكاد أن يكمل ولكن استوقفته تلك النظرات الساخرة والمستنكرة بالوقت ذاته التي تلقاها ممن تقف بجانبه فتحمحم وقال مصححا في ارتباك يظهر عليه لأول مرة:

أحم أقصد يعني أنتوا كويسين حد فيكوا جرى لها حاجة؟

ثم وجه حديثه لمن تقف بجانبه وقال معاتبا في ضيق وحدة غير منتبه لرأسها المضمدة ويدها الملفوفة في الجبيرة على غير العادة:

وأنتِ إيه مش تاخدي بالك  إن في ناس راكبين معاكِ ولا إحنا عادي كدة ما بقاش بيهمنا حاجة ولا حد، طيب يعني لو مش خايفة على. نفسك خافي على اللي معىكِ مش كدة يعني، أنتِ مش صغيرة ولا طايشة للتصرفات المتهورة دي ولا إيه؟

لم تلق له ولا لحديثه بالا وقالت في برود وهي تنظر لها في حدة:

حمد لله على سلامتك مرة تانية ويا ريت تبقي تاخدي بالك بعد كدة على الأقل علشان نفسك مش علشاني ولا علشان غيري حتى.

ثم شملتها هي ومن يقف بجانبها بنظرات ساخرة باردة وهي تكمل مردفة في جمود:

أها معلش صحيح إبقي عدي عليا العربية بكرة لو مش هأتعبك علشان أصلحها.

شعرت الأخرى بالإحراج الشديد من هذا الموقف ولكنها لن تنكر سعادتها باهتمامه بها ولذلك لم تعقب أو تصحح مما قيل غير مهتمة ولا مدركة أن سعادتها تلك ربما تكون على حساب أخرى وحركت رأسها فقط دليل على الموافقة دون أن توضح له أن هي من كانت تقود السيارة وأن هي من تسببت في أذى للأخرى وليس العكس.

أما هو فكان لا يفهم شيء مما يدور هنا ولذلك قال في تساؤل وهو يتطلع لمن بجانبه في تفحص جاء متأخرا جدا على غير العادة:

عربية إيه اللي تجيبها لك وتجيبها إزاي هو مش المفتاح كان معاكِ مش أنتِ اللي كنتِ سايقة؟

ضحكت في سخرية ولم تجبه حيث دخل آخر ثم قال في ثبات لم يمنع نظراته المرتعبة عليها من الظهور لها أو لمن معها بالغرفة بل بالأحرى دعوني أقول أنه لم يكلف نفسه عناء مداراتها من الأساس:

إيه أخبارك دلوقتي حاسة إنك أحسن؟

أماءت له بالإيجاب ولم تتحدث فتساءلت الأخرى في هدوء:

طيب هو أنا ينفع أخرج؟

قال الأول في قلق:

تخرجي إزاي مش لما نتطمن عليكِ الأول؟

سخر الآخر مردفا:

لا من الجهة دي إتطمن لأنها كويسة وكويسة جدا كمان بس واضح إن عينك هي اللي فيها حاجة غلط النهار ده لدرجة إنها ملخبطاك بين اللي كويسة فيهم واللي لا، وعلى العموم تقدر تاخد الآنسة وتروح لأنها مافيهاش حاجة غير كدمات بسيطة ومش مستاهلة القاعدة هنا أساسا.

لم يعقب على كلامه وسخريته الواضحة وكاد أن يقول شيء لولا أن الآخر قاطعه مرة أخرى مردفا في تهكم:

أمممم طبعا طبعا تقدر تتفضل علشان توصلها ما أصل الوقت متأخر ومش جدعنة خالص إنك تسيب بنت تروح في وقت زي ده لوحدها وكدة كدة أنا هنا معاها فمافيش مشكلة.

لم يلحظ تهكمه وكأنه كان ينتظر حديثه ليأخذها ويترك الأخرى ويذهب حيث سحب يد من كانت تقف مقابلة له وذهب دون أن يخبر من كانت بجانبه أنه سيعود أو شيء كهذا هو فقط أخذها ورحل دون شيء آخر غير مهتم لها وكأنه جاء اليوم ليكسر كل ما اعتادا عليه يوما، وكأنه جاء اليوم ليثبت لها فقط بأن كل ما كانت تحاول استبعاده من مخيلتها كل تلك الفترة قد حدث وانتهى الأمر، جاء ليثبت لها أن كل ما عاشانه وتخيلانه معا كان مجرد وهم وكذبة لا غير، جاء ليخط أولى سطور قصة عشقه والتي اكتشفت فقط اليوم أنها لم ولن تكون بطلتها يوما مع الأسف

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Jun 25, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

على مَن سيقع الاختيار؟Where stories live. Discover now