|32|. نظرةٌ عصية .|32|

2 0 0
                                    

.. الجُزء ال(32) ..
.. نظرةٌ عصِّيه ..
..
" عيناك سهمان ، إن يُخطئ أحدُهُما ، يُصيبُ الآخر "
..
..

الجو كانَ مشحوناً بينهُما ، كِلاهُما يعلمُ بأنَّ إنفجارَهُ في هذا المكان سيفتح لهُما أبواباً مِن المُسائلاتِ هُم في غنىً عنها ، لذلكَ قالَ ثيودور : ما رأيُكَ بقهوة ؟

إبتسمَ لهُ إدجر ساخِراً ، مُبادِرٌ حتى في غضبِه ، عِندما وصلا المقهى إطمئنَّا بقلَّةِ الزبائن ، قبضَ ثيودور يديه
بحدة : " إضبِط نفسَك ولا تنفجر بِه "

وجودُهُما بالمقهى أكثرُ أماناً مِن دارِ القضاء ، في حالِ اتجهَ الحوار إلى مالا يُعجِبُهُما يُمكِنُهُما الإنسحابُ في أيةِ لحظة ، جلسا مُتقابلين في زاويةِ المحل ، و الجوُّ بينهُما مشحونٌ بالصمت ، و العُيونُ ترمُقُ بعضها بحديثٍ لم يُقال بعد ، وما إن أستلما قهوتيهِما حتى بدأ ثيودور قولَهُ مُفاتِحاً : لماذا وافقت لتُصبِحَ مُحامي مادلين؟

إدجر ببرود : لأنَّها جاءت بيتي شخصياً و طلبت مِنِّي ذلك !

ضغطَ ثيودور على كوبِهِ بغِل : و لِما لم تصرفها أو تُرسِلها لشخصٍ آخر !

نظرَ إدجر إلى كوبِه : لأنَّ مِثلها لا يُصرَف ، و أنا أعلمُ مِنكَ عن بيئةِ عملي التي تمتلئ بِها الرشاوي و الإنتهازات !

إبتسَمَ ثيودور بسُخرية : و أنتَ تقولُ بأنَّك لم تُرشى مِن قبل !

إدجر بحدة : أنتَ أدرى بي مِن نفسي ، يا ثيودور !

ثيودور يعلم ، يعلمُ و بشِدة برُغمِ خُبثِ النِّظام إلا أنَّ إدجر حافظَ على أصلِهِ النظيف ، يُريدُ إبعادَ إدجر عن المُشكِلة حتى لا تتعقَّدَ أكثَر ، إذا ابتعدَ إدجر عن المسألة فلن يكُونَ إيفان مُتمسِّكاً بمادلِين و سيتمكَّن مِن إقناعِه بالطلاق بدُونِ ضغط ، و إدجر سيكُونُ بعيداً عن الصُورة ، سيكُونُ بأمان !

لهذا لزِمَ عليه أن يُبعِده حتى لو كانَ ذلكَ يعنِي التضحية بصداقتِهما : وهل وافقت على مُساعدةِ مادلين لأنَّها طلبت مِنكَ ذلك ، أم لرغبة في نفسِك ؟

نظرَ إدجر نحوهُ بذُهول ، يتقبَّلُ سماع تِلكَ الكلِمات مِن كُلِّ شخص ، يستطيعُ تلقِّي نظراتِ اللوم مِن النَّاسِ جميعاً ولن يرُفَّ لهُ جفن ، لكِن هذا ثيودُور ، ليس كبقيةِ النَّاس ، هو صديقُه و مُنقِذُه و بِئر أسرارِه ، قبضَ يداهُ بقهر " لم أتوقع بأنَّكَ يا ثيودور ستتجِهُ إلى تِلكَ الحيلةِ الرخيصة ، هل بِعتَ روحي لأجلِ دمٍ لا يُشابِهُكَ بلونِه ، إنَهُ حتى لم يهتمَّ بِك فلماذا أنت____ "

شعرَ برغبةٍ بالنهوض وقلبِ الطاوِلةِ عليه و الخُروجِ مِن هذا المكان ، بإمكانِهِ ذلك ، بإمكانِهِ الخروج ، لكِن لا ، هُو سيأخُذُ حقَّه !

حدَّقَ بعينيه ببرود : كِلانا يعلم بأنَّ الأمرَ ليسَ بيدي يا ثيودور ، لكِن ماذا توقعتُ مِنك ، أقلُّهُ نقاشٌ مُحترَم .

الأقدارُ المُعلَّقة Where stories live. Discover now