الفصل الرابع.

260 29 9
                                    

لوحاتِ الروح(4).

☆☆☆☆☆

حلَّ ذلك الليل القسيم، وأشرقت الشمس مُعلنة عن يومًا جديد، ومع إشراقها إستيقظت تلك الغافية ولكنها أبَت أن تفتح عيناها خوفًا، ورعبًا، وألمًا، إلتقطت آذانِها صوتِ تقطير، وكأن أحد يقف جانب بحيرة ويقطر نقط من مياه أخرىٰ فوقها، ولِـ خلو المكان اتَّضَح ذلك الصوت، ولكن هذا مُجرد تشبيه!، هىٰ شَعُرتْ بتلك النِقاط تتخالط مع دمِها مُشعرة إياها بِـ خُدرٍ لاسع يؤلمها، إبتسمت بِـ ألم وأخذت تُحدث ذاتها دون أن تفتح فمها.

_كل حاجة إنتهت!.

ظلَّ، صدىٰ تلك الكلمات يتردد داخل ذِهنها الغير حاضر، لِـ تصرخ بها تلك المرة بقوة لِـ تتردد حولها بالواقع وليس داخل عقلها فقط.

_كل حاجة إنتهت، كل حاجة رااااحت، خلااااص اتكَسرت.!

تلىٰ صُراخها اهاتٍ نابعة من داخلها تُبكي أقوىٰ رجُل، لأنها نابعة من قلبٍ تحطم وأصابه ظُلمًا كبير.

_ااااااااااه، اااااااه، يارب، أنا عارفة إنك سامعني، أنا عبدتك المكسور، يارب هونها عليا يارب.

فتحت عيناها وأخيرًا ، وكأنها لوحةً حمراء اللون ووُضِعَ في منتصفها لونًا أزرقًا غامقًا يدُل علىٰ قِدمه، كان البياضَ الذي يُحيط بؤبؤ عينها أحمرًا وبِـ شدة بسبب خنقها لِـ دموعها، بينما عينها الزرقاء الصافية، تحولت لِـ زرقاء غامقة بِـ شدة، يبدو أنها بسبب غمامة الحُزن التي عصفت بها.!

جالت بنظرِها داخل المكان وكأنها أفاقت لِـ توها، وجدت أنها داخل غرفة مستشفىٰ، وهناك أسلاك عديدة موصولة بيدها، ومُعلق لها محلول، وضعت يدها علىٰ رأسها بسبب الدوار الذي داهمها، فأحست بِـ ملمس غريب علىٰ رأسها، جلست علىٰ الفراش بإعياءٍ واضح، وظلَّت تنظر أمامها بملامح وجه لا تُذكر.

_وتين بنتي.!

قالها عبد الفتاح الذي دخل لِـ توهُ بينما عيناه تلمعان بالدموع الحبيسة، رفعت عيناها وطالعته بِـ نظرات زائغة، خاوية ولم تنطق سوا بِـ كلمة واحدة فقط كانت كفيلة بجعل عبدالفتاح يعلم أن إبنته عانت كثيرًا وأنها تتألم أكثر.

_بابا.

حرك عجل كرسيهُ سريعًا وذهب إليها، فنزلت وتين وجلست أمامه علىٰ الأرض واضعة رأسها علىٰ أرجله تنظر إلىٰ الفراغ، ولأن سلك المحلول كان طويلًا فساعدها، ربت عبد الفتاح علىٰ رأسها قائلًا بغصة ألم، قبل أن يضمها لِـ صدره بشدة وحنان غير شاعِرًا بِـ دموعه التي إنسابت.

_كله بخير يا قلب بابا، إنتِ كويسة الحمدلله.

بكت وتين بحرقة وهىٰ تتشبث بقميصه قائلة بصوتٍ موبوح بشدة وكأنها تطلب منه أن يطمإنها.

_باباااا.

_إهدي يا بنتي، إهدي كله بخير، إنتِ عارفة إن ربنا بيحطنا في إختبارات ولازم نصبر صح يا حببتي، إنتِ أكتر واحدة عارفة يا وتين، ديمًا كنتِ تقولي ربنا معايا ومش هيسبني، وإنك واثقة في تدابيره، ومهما حصلك هَـ تقولي الحمدلله، قُل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا، الحمدلله يا بنتي الحمدلله.

لوحاتِ الروحOnde histórias criam vida. Descubra agora